يقف المخرج المغربي إدريس الروخ، من جديد، وراء عدسات الكاميرا، في عمله السينمائي "جرادة مالحة" الذي سيدخل إلى القاعات السينمائية المغربية. "جرادة مالحة"، التي تحيل على لعبة من التراث الشعبي، حاول من خلالها مخرج الفيلم أن يضيء قصة رانيا وهي شابة في الثلاثينيات من عمرها تعيش مشاكل جمة مع زوجها لا تخلصها من قبضته؛ بل تنتهي بكدمات زرقاء على محيط عينها، بعد صراخ وعويل سببه الشك والغيرة. الألم النفسي يدفع رانيا إلى طعن زوجها قبل أن تحمل جثته وتدفنها في الغابة، ليتبين بعد ذلك أنها لم تكن سوى حصان تجربة تقودها منظمة سرية وأن ما عاشه هو وهم حقيقي. وأوضح إدريس الروخ، مخرج "جرادة مالحة"، في حديثه لهسبريس، أن "هذا الفيلم السينمائي يتحدث عن علاقة سيكولوجية ولعبة خفية تحدث داخل الإنسان فينا، ومن خلالها يصبح التلاعب يخلق نوعا من القلق الداخلي، ويؤزم وضعية بطلة الفيلم السينمائي". وأضاف المتحدث ذاته: "هذا الفيلم هو مجال أوسع للتعبير عما يخالج تفكيرنا وما يقدمنا للعالم الآخر بشكل يجعلنا نبرهن عن نضوجنا وانفتاحنا على الفهم والتفكير والاقتراب من الحقيقة؛ فالشريط السينمائي "جرادة مالحة" أو المرأة التائهة بين ماضيها وحاضرها ومستقبلها يتحدث عن هذه الإشكالية النفسية العميقة ومن يحاول أن يستخدمها كلعبة في أغراض سياسية أو شيء آخر، وبالتالي يصبح الإنسان كأنه محل تجارب أو فقط مؤثثا للفضاء وليس فاعلا فيه". وعن اختيار عنوان "جرادة مالحة" للعمل السينمائي، يرد الممثل والمخرج المغربي: "عند كتابة سيناريو الشريط رفقة عدنان موحجة أتيحت لنا إقامة فنية نشاهد فيها العديد من الديكورات والشخصيات في محاولة لاستخلاص بعضا من روح الفيلم، وكان لا بد من الكتابة بتجرد، يصبح الفيلم يتحدث عن الإنسان أكثر مما يتحدث عن شخص ما أو زمن بعينه؛ لكن عندما وصلنا إلى الحدث والوقائع أصبحت كلمة "جرادة" العنوان البارز في هذا النسق الدراماتورجي الذي من خلاله تم بناء الشخصيات والأحداث". وتابع الروخ: "الجراد، الذي يشكل جزءا من ذاكرتنا في الصغر والذي يمكن أن يشكل تهديدا حقيقيا للطبيعة، أصبح العنوان البارز للفيلم كمعنى ومفهوم فلسفي حول التقارب بين ما يحدثه الجراد وما قد يخلق العناد كإحساس عميق متجدر داخل الشخصيات في مجمل الفيلم". وتشارك في الفيلم، الذي كتب السيناريو الخاص به كل من إدريس الروخ وعدنان موحاجة، وجوه فنية معروفة عديدة؛ من بينها جليلة التلمسي وعدنان موحجة وعبد الصمد مفتاح الخير وسلمى صلاح الدين ويحيى فندي ومحمد الورادي وعبد الحق بلمجاهد ورشيد رفيق وزبير هلال. ويتنافس الفيلم السينمائي "جرادة مالحة" على جوائز المسابقة الرسمية لمهرجان ديربان في الدورة الثانية والأربعين في جنوب إفريقيا، المقرر إقامته في الفترة من 22 يوليوز إلى 1 غشت من السنة الجارية، بعدما حصد جائزة أفضل فيلم في حفل توزيع جوائز تورونتو للأفلام والسيناريو.