لم يكن لدى الطفلة اليمنية "ندى الأهدل" خيار سوى الهروب من منزل أحد أقاربها في العاصمة اليمنية صنعاء بعد أن قرر والداها إجبارها على الزواج رغم صغر سنها الذي لم يتجاوز ال11 عامًا. الطفلة "ندى" الطالبة في الصف الخامس الابتدائي قررت الهروب بعد أن أتى والداها من قريتها في منطقة زبيد (233 كيلومترًا جنوبصنعاء) إلى منزل عمها الذي تعيش معه منذ سنوات في صنعاء لأخذها من أجل إتمام زواجها من أحد المغتربين اليمنيين في السعودية. واستطاع والداها أخذها من عمها عبد السلام الذي قام بتربيتها منذ أن كان عمرها ثلاث سنوات، ومكثت مع والديها في صنعاء أسبوعين كاملين في منازل أحد أقاربها، رغم توسلاتها المتكررة بضرورة الرجوع إلى عمها، إلا أن والديها رفضا عودتها وأخبراها بأنه قد تم خطبتها وبأنهما أخذا مهرها وخاتم خطبتها، وهدداها بالقتل في حالة هروبها، وبعد أن تبين لها جدية والديها بإتمام زواجها قررت الهروب بعد طلوع فجر السابع من هذا الشهر. بعد هروبها نشر أهلها بلاغات في عدد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت وأقسام الشرطة بفقدانها واختطافها. وما كان من الطفلة اليمنية غير الاتصال بعمها الذي ذهب لإعادتها من أحد المنازل التي لجأت إليها بعد هروبها، مقررا أن يطرح قضيتها على المنظمات الحقوقية والرأي العام اليمني. فقام الأسبوع الماضي بتقديم شكوى إلى وزارة الداخلية اليمنية ومنظمات حقوقية للتضامن مع الطفلة "ندى" وإلغاء فكرة الزواج وهو ما تم بالفعل بعد أن قررت إدارة حماية الأسرة في وزارة الداخلية تسليمها إلى عمها عبد السلام بسبب تعرضها لضغوط أسرية للقبول بالزواج في سن مبكرة. ونجحت "ندى" بتعاون عمها ومنظمات حقوقية بإلغاء فكرة زواجها، وقررت الداخلية اليمنية إلزام عمها بإعالتها على أن يتكفل بكامل مصاريفها ونفقات تعليمها مقابل أن تظل لديه ويتحمل مسؤولية أي تقصير بحقها دون أن يتحمل والدها ووالدتها أي خسارة مادية. ويعيش والدا "ندى" في منطقة "زبيد" غربي اليمن والتي تعاني أوضاعاً معيشية واجتماعية مأساوية من بينها إجبار الفتيات على الزواج بسن مبكرة، حيث سبق أن تم خطبة أختها وعمرها 11 عامًا، وزواج خالتها وهي في سن 13 عامًا، ونتيجة للظروف السيئة التي عاشتها خالتها المتزوجة أحرقت نفسها وتوفيت. الطفلة ندى تقول لمراسل الأناضول إنها "قررت الهروب من منزل والدها لرفضها فكرة الزواج في سن مبكرة". وتضيف: "أحب أمي وأبي وإخواني وأخواتي وأصدقائي، اتركوني أعيش طفولتي، لا تقتلوا أحلام الطفولة". وتستطرد قائلة: "نريد أن نعيش بحرية، بكرامة، بعزة، نتعلم مثلكم، نحن لم نخلق للزواج، لست سلعة للبيع ولن أعود إلى أمي لتبيعني ويشتريني شخص آخر". وتعبر الطفلة "ندى" عن سعادتها في إلغاء زواجها والعيش مع عمها قائلة: "أنا أعيش الآن مع أكثر شخص أثق فيه، وأنا ما زلت طفلة صغيرة، هربت الآن إلى من رباني وأنا صغيرة". وتشير إلى أن أباها قرر إلغاء فكرة الزواج، لكن أمها عكس ذلك تماما، فهي مازالت مصرة على زواجها، وتأمل أن تقتنع أمها بإلغاء الزواج المبكر الذي يقتل أحلام طفولتها بحد قولها . ولا يوجد قانون يحدد سن الزواج في اليمن، إلا أن هناك مطالبات خلال الأعوام الماضية في البرلمان من أجل إقرار قانون بعدم زواج الفتاة التي لا تتعدى 17عامًا، لكن لقي اعتراضات من قبل عدد من الأعضاء ولم يتم إقراره حتى الآن. كما لا توجد إحصائيات حكومية حول نسبة الزواج المبكر لاسيما أن كثيرًا من حالات الزواج المبكر لا يتم العلم بها في المجتمع اليمني الذي يعد نسبة الريف فيه 70%.