سنة 2020، التي اتسمت بتداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد، سجلت جهة الشرق أعلى معدل بطالة على المستوى الوطني بحوالي 20.7 في المائة، مقابل 11.9 في المائة كمعدل وطني. وحسب معطيات صادرة ضمن دراسة أعدتها مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بعنوان: "المجالات الترابية في مواجهة كوفيد-19: التأثير على اقتصاد الجهات"، فإن المرتبة الثانية آلت لجهات الجنوب ب19.8 في المائة، ثم جهة الدارالبيضاءسطات ب13.4 في المائة. وسجلت أدنى معدلات بطالة السنة الماضية في جهات مراكشآسفي ب6.9 في المائة، وبني ملالخنيفرة ب7.4 في المائة؛ في حين شهدت جميع الجهات بدون استثناء زيادة في معدل البطالة، أقواها بجهة الشرق ب6.9 نقط ما بين 2019 و2020. وجاء ضمن الدراسة أن جهات المغرب جميعها لم تسلم من آثار أزمة فيروس كورونا المستجد، إذ أدت إجراءات تقييد الحركة والتوقف المؤقت للشغل وتدابير الحجر، إضافة إلى تداعيات موسم الجفاف، إلى تأثير عميق على سوق الشغل، خصوصاً في القطاع غير المهيكل الذي يتسم بغياب شبكات الأمان الاجتماعية. ولاحظ الخبراء الذين اشتغلوا على الدراسة أن الزيادة في عدد الحالات الإيجابية في بعض الجهات رافقها تشديد للإجراءات الاحترازية، وهو ما نتج عنه ارتفاع كبير في معدل البطالة وانخفاض في معدل التوظيف، على غرار جهتي الشرق والدارالبيضاء-سطات. ولاحظت دراسة وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن المناطق ذات الحضور القوي للفلاحة واليد العاملة غير المهيكلة تضررت بشدة من ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض نسبة التوظيف الناجمين عن التأثير المزدوج للأزمة الصحية والجفاف. وحسب الدراسة فإن الجهة الشرقية، التي تتميز بوجود نسبة كبيرة من اليد العاملة غير المهيكلة في العمل غير الفلاحي على المستوى الجهوي، سجلت مستوى مرتفعاً في معدل البطالة مقارنة بالمستوى الوطني. ومن حيث تأثير أزمة كورونا على القيمة المضافة الجهوية، تشير معطيات الدراسة إلى أن أكبر خسارة سجلت في جهة الشرق التي فقدت 9.8 في المائة من قيمتها المضافة في عدد من القطاعات الرئيسية. وأوضحت المعطيات ذاتها أن قطاع "الفلاحة والغابات والصيد البحري" بجهة الشرق خسر 2.2 نقطة مئوية، أي ما يناهز 1.18 مليار درهم، ثم قطاع النقل ب1.08 مليار درهم، والتجارة ب644 مليون درهم، والفنادق والمطاعم ب497 مليون درهم، والعقار والكراء والخدمات المقدمة للشركات ب491 مليون درهم، إضافة إلى الصناعات الميكانيكية والمعدنية والكهربائية ب350 مليون درهم. ويرجع تأثر جهة الشرق بهذا المستوى الكبير إلى النسبة الكبيرة التي تمثلها قطاعات البناء والنقل التي تأثرت بفعل الحجر الصحي؛ ناهيك عن قطاع الفلاحة الذي تضرر بفعل موسمين فلاحين جافين، فضلا عن حجم اليد العاملة غير المهيكلة التي تمثل حوالي 42.9 في المائة من إجمالي اليد العاملة غير الفلاحية. وفي المرتبة الثانية من حيث خسارة القيمة المضافة، جاءت جهة مراكش-آسفي بسبب فقدانها ب9.6 في المائة السنة الماضية بسبب أهمية قطاع الفنادق والمطاعم فيها، وهو القطاع الأكثر تضرراً من آثار الأزمة الاقتصادية التي سببها الوباء. ثالث الجهات الأكثر خسارة على مستوى القيمة المضافة هي جهة سوس -ماسة بتراجع اقتصادها بحوالي 8 في المائة، تليها جهة بني ملالخنيفرة ب6.8 في المائة؛ في حين كان التأثير معتدلاً في جهة العيون -الساقية الحمراء بفقدانها 6 في المائة من قيمتها المضافة، تليها كلميم- واد نون ب5.8 في المائة. وسجلت فاس -مكناس، التي يمثل فيها الشغل غير المهيكل حوالي 34.8 في المائة، تراجعاً في قيمتها المضافة ب5.2 في المائة، ما يمثل 4.9 مليارات درهم، نتيجة تضرر قطاعات الفلاحة والتجارة والفنادق والمطاعم، والنقل. أما في العاصمة الاقتصادية للمملكة فكان تراجع القيمة المضافة بحوالي 5.1 في المائة، وذلك راجع بالأساس إلى تضرر قطاع الصناعات الميكانيكية والمعدنية والكهربائية؛ ويمثل فيها العمل غير المهيكل حوالي 28.1 في المائة. أما قائمة الجهات التي كانت صامدة على مستوى قيمتها المضافة، فتضم جهة طنجة -تطوان- الحسيمة التي سجلت أضعف تراجع في حدود 1.6 في المائة، ما يمثل 1.7 مليار درهم، ثم جهة الرباط -سلا -القنيطرة بتراجع نسبته 2.5 في المائة. كما انخفضت القيمة المضافة في جهة درعة تافيلالت بحوالي 4.3 في المائة. روافع التنمية الجهوية المتوازنة في ختام تحليل التأثير الاقتصادي لأزمة كورونا على مستوى الجهات، قدمت الدراسة عدداً من الروافع من أجل توطيد أسس التنمية الجهوية المتوازنة والمرنة، على رأسها تعزيز الحكامة الشاملة ومتعددة الأبعاد، ومواصلة تدابير الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي لفائدة الفئات الهشة. كما اقترحت الدراسة تطوير نظام حكامة في قطاعي الصحة والتعليم من خلال توفير خدمات صحية جيدة في متناول الجميع، وتوفير نظام تعليمي فعال وخلق فرص عمل لائقة وفقاً لاحتياجات الجهات، مع ضمان الرفع من مستوى المهارات. وأوصت الدراسة أيضاً بتقوية القدرة الميزانياتية للجماعات الترابية من أجل الحفاظ على الخدمات العمومية وتعزيزها، وتبسيط الإجراءات الإدارية والاستثمار في المجال الرقمي كرافعة لتعزيز ربط الجهات ورفع مساهمتها في تنمية الاقتصاد الوطني وتنويعه. وشدد خبراء وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة من خلال الدراسة على أهمية التأسيس لثقافة مستدامة تقوم على تعزيز الأنشطة الخضراء المولدة لوظائف لائحة ودخل مستدامة، وذلك يمكن تحقيقه من خلال تشجيع ودعم الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة ومواكبة ورعاية الشركات التي تنفذ مشاريع خضراء، وتشجيع الأنشطة الاقتصادية منخفضة الكربون.