الوزير الأول المغربي يعلن عن انطلاق برنامج الحريرة الحمضه للجميع!! في بلد مثل المغرب لا يمكنك أن تستغرب مما يجري ويدور في مختلف ربوع هذا الوطن المليء بالمتناقضات والمفارقات التي لا يمكنك أن تنتهي من جردها أو حتى سبر أغوارها. "" عندما يحل "موسم سيدنا رمضان" تجد طوابير من النساء والرجال يصطفون تباعا منذ منتصف النهار للظفر بحصتهم من الحريرة المغربية "الحمضه"، فهم لا يملكون ثمن إعدادها أو حتى اقتناءها من الباعة الموسمين الذين ينتشرون على طول شوارع وأزقة مدننا، الذين يسترزقون على أمل أن يحصلوا على بضع "دريهمات" تعيلهم على مقاومة بطش غلاء المعيشة التي فتكت بالأسر المغربية المحدودة الدخل إن لم نقول المنعدمة الدخل أصلا. تضامن الدولة المغربية مع الفقراء أمر ملموس عند حلول "موسم سيدنا رمضان" فالحريرة "الحمضه" حق مكفول لجميع المغاربة بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو مستواهم الدراسي، المهم أن يتذوق المغاربة "الحريرة المغربية الحمضه" التي لن تجد لها نظيرا في جميع بلدان العالم، حقا إنه التفرد المغربي!! الدولة المغربية "الله يكثر خيرها" فكرت في الشباب المغربي من حملة الشواهد العليا، الذين تفهموا موقف دولتهم بخصوص التوظيف في سلك الوظيفة العمومية، وفضلوا التفكير في إنشاء مقاولتهم الخاصة. حيث أطلقت حكومة دولتنا برنامجا أطلقت عليه اسم"مقاولاتي" وقالوا عنه بالحرف "أنه برنامج حكومي الهدف منه دعم الشباب المغاربة من حملة أفكار المشاريع لإنشاء مقاولتهم الخاصة". كلام جميل فعلا ومبادرة نبيلة تلك التي أطلقتها حكومة دولتنا لتشجيع شبابنا حاملي الشواهد التعليمية المتعارف عليها ببلادنا والمعترف بها دوليا. والجميل في الأمر أن شابين من المجازين بتفوق تحمسوا لمشروع حكومة دولتنا، فبادروا إلى إيداع ملفهم المشترك الذي يخول لهم حسب ما جاء في البرنامج الحكومي قرضا إجمالي قد يصل إلى 500000 درهم مغربية "خمسون مليون سنتيم"، وبعد إجراء عملية الانتقاء الأولي لهما، كان عليهما أن يجريا مقابلة مع لجنة مختصة بالمركز الجهوي للاستثمار لمناقشة المشروع. وفعلا تقدم المرشحين المذكورين بمشروعهما المشترك أمام اللجنة "المختصة" وابل من الأسئلة وسيل من الشروحات، مشروع متفرد وآليات نجاحه متوفرة، إلا أن اللجنة المختصة كانت هي الأخرى من الذين يؤمنون بالمبادرة الحكومية"الحريرة الحمضه للجميع". استدرجوا الشابين ومعهما عشرات آخرين من أجل ملئ قوائم الشباب الذين تقدموا للاستفادة من برنامج حكومتنا الموقرة للترويج لنجاح البرنامج المذكور أمام الدوائر العليا والدول المنحة للمغرب لا أقل ولا أكثر. تم رفض مشروع الشابين ليس لعيب في المشروع أو ضعف في صياغته أو الدفاع عن أحقيته في الخروج إلى حيز الوجود، وإنما حسب ما ورد في مداولتهم إلى صغر سن المترشحين "25" "27" سنة!! برنامج حكومي لفائدة الشباب وتعليلات من طرف اللجان لرفض المشاريع بحداثة سن المرشحين مفارقة غربية فعلا!! هل هذا البرنامج لفائدة الشباب أم المتقاعدين يا حكومتنا؟؟.. الحريرة الحمضه المغربية كانت حاضرة بقوة في الانتخابات التشريعية التي أسدل الستار عليها مؤخراً، حيث أن الشفافية والنزاهة كانت العنوان الأبرز طوال الحملة الانتخابية وما أعقبها من نتائج ونسبة مشاركة فاقت كل التوقعات!! وكيف أن مرشح عن دائرة تارودانت الجنوبية قد بلغه أن غالبية المصوتين من أهالي الدواوير التي تدخل في دائرة نفوذه قد ضعف بصرهم وأصبحوا غير قادرين على التمييز بين الحروف أو الرموز، ما دفعه إلى التعاقد مع عدة نقط متخصصة في إعداد النظارات الطبية والتي تتواجد بمدينة أكادير، حيث بدأ صاحبنا في إرسال كل المؤهلين للتصويت من شيوخ ونساء إلى تلك النقط لإجراء الفحوصات والظفر بنظرات طبية، ما كلف صاحبنا العشرات من ملايين السنتيمات التي سيكون من السهل عليه استرجعها بعد ظفره بمقعد من المقاعد البرلمانية الثلاثة المخصصة لدائرة تارودانت الجنوبية. ليس هناك خلاف على أن العدد الإجمالي للمستفيدين من البرنامج الحكومي المغربي "الحريرة الحمضه للجميع" فاق بكثير نسبة المشاركة في الاستحقاقات التشريعية شتنبر 2007 والبرنامج الحكومي "مقاولاتي"، حيث أن المغاربة اليوم صاروا من أكثر الناس علما "بقوالب" حكوماتنا المتعاقبة، وأصبح بإمكانهم التمييز بين البرامج الحقيقة والأفلام "الحمضه" والمصطنعة فأهل مكة أدرى بشعابها!!