أجمع مراقبون على أن الإطاحة بحكم جماعة "الإخوان المسلمون" في مصر من طرف الجيش مدفوعا من ميدان التحرير، يعد حدثا مفصليا ورئيسيا في بلاد النيل ستكون له تبعاته السياسية المختلفة، حيث يكاد يشبه ما وقع هناك سقوط أحجار لعبة "الدومينو"، أو كرةَ الثلج التي تبدأ صغيرة لتكبر مع توالي الدحرجة، لتتناسخ الأحداث التي عاشها إسلاميو مصر في بلدان مجاورة أخرى تتصدر فيها تيارات إسلامية مماثلة المشهد السياسي. ويختلف المحللون إزاء ما وقع لحكم "الإخوان" في مصر بين من اعتبر أن هذا الحدث ستكونله في المستقبل القريب تداعيات إيجابية على المنطقة والحركات الإسلامية، وبين من ذهب إلى أن ما وقع هو إيذان لأفول حركات الإسلام السياسي في عدد من البلاد الإسلامية، ومن بينها تونس والمغرب على سبيل المثال. المتفائلون يرون بأن السقوط المدوي و"المفاجئ" لحكومة الرئيس المعزول محمد مرسي يحمل في ظاهر الأشياء كل فنون العذاب، لكن في باطنها توجد كل ألطاف الرحمة، وينطوي في شكلها على الفتنة والخسران المبين، بيْد أنه في جوهرها تضم بذور الوحدة والفوز العظيم. مُورِدو هذا التحليل يستندون إلى كون جماعة "الإخوان" ستربح فرصة استدراك ما ضاع منها من قواعد شعبية وتعاطف جماهيري بسبب المكوث مدة زمنية في الحكم وتدبير شؤون البلاد، وهي المهمة التي ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، وهو العامل الذي قد يستفيد منه إخوان "الإخوان" في كل من تونس المغرب. ووفق منطق هذا التحليل، فإن استفادة "العدالة والتنمية" المغربي و"النهضة" التونسية مؤكدة لا غبار عليها، حيث يمكن لهذه الحركات والأحزاب التي تنتسب إلى ما يسمى الإسلام السياسي أن تقفز على مكامن العطب والأخطار التي تتهددها، بالنظر إلى ما شاب تجربة الإخوان في مصر من هفوات وأخطاء اعترف بها مرسي نفسه. محللون آخرون ذهبوا إلى أن أحجار "الدومينو" التي بدأت بالتهاوي في عقر دار "إخوان"مصر، تهدد جماعات "الإسلام السياسي" أو "الإسلام الحركي"، كما يسميه البعض، فبعد إسقاط حكومة جماعة "الإخوان"، التي لها باع وتاريخ طويل في ممارسة المعارضة القوية في مصر، سيأتي الدور حتما على باقي التيارات والأحزاب الإسلامية التي تتصدر حكومات بلدانها، من قبيل العدالة والتنمية في المغرب، وحركة النهضة في تونس، وغيرهما. ويعتبر مراقبون بأن الحركات والأحزاب الإسلامية بقدر ما كانت المستفيدة الرئيسية من ثورات "الربيع" العربي، لكونها أتاحا لها تبوأ كراسي المسؤولية والسلطة في بلدانها، بقدر ما صارت حاليا عرضة لأخطار سياسية جمة كفيلة بوأد تجاربهم الفتية، خاصة بالنظر إلى المردودية الهزيلة، وفق قطاع من المحللين، لسياسات هذه الأحزاب الإسلامية في تدبير الشأن العام، سواء في المغرب أو تونس، حيث بعد مرور عدة أشهر من توليها المسؤولية لم يلمس مواطنو هاته البلدان بعد أثرا إيجابيا لأية إصلاحات أو تغييرات همت معيشهم اليومي.