إلى الدورة الحادية عشرة وصل مهرجان بني عمار زرهون، المعروف ب"كرنفال الحمير". دورة هذه السنة، المُنظمة تحت شعار "القراءة أساس المعرفة والحياة"، انطلقت فعّالياتها عشيّة أمس الجمعة بحفل تكريم كل من الفنان المسرحي عبد الرزاق البدوي والفنان الموسيقي محمد علي والفنان التشكيلي أحمد وافي، كما عرفت تنظيم ندوة حول وضع القطيع المغربي من الحمير، والخصائص الغذائية لحليب الأتان (أنثى الحمار)، وإمكانية الاستثمار في مشتقاته. محمد بلمو، رئيس جمعية مهرجانات بني عمار للسينما والثقافة، قال في الكلمة الافتتاحية إنّ منظمي المهرجان لم يكن في حسبانهم أنهم سيصلون إلى الدورة الحادية عشرة من المهرجان، "لكننا كنا نغامر سنة بعد أخرى، إيمانا منا بالاعتراف بما يقوم به هذا الحيوان (الحمار)، وإيمانا منا بالعمل على المساهمة في تنمية الوطن، عبر الاهتمام بالهامش". الكلمات التي ألقيت في حفل الافتتاح احتفتْ بالحمار، حيث وصفه الأستاذ أحمد طنيش، ب"صديق الإنسان، الذي يساهم في بناء المغرب القصيّ، والذي احتفتْ به جُلّ الأدبيات". طنيش، ألقى كلمة في حق المحتفى به، المسرحي عبد الرزاق البدوي، واصفا إياه بمدرسة تكوين قائمة الذات، واستعرض طنيش المراحل التي قطعتها مدرسة البدوي للمسرح منذ 1965، قائلا إنها مدرسة لا تُخرّج ممثلين مسرحيين فقط، بل توفّر التكوين للمنتسبين إليها في جميع المجالات التي لها ارتباط بالمسرح، وأشار إلى أنّ مدرسة البدوي أسّست لمسرح مغربي حداثي، وهو مشروع مؤهّل للتدريس في معاهد التكوين، داعيا النقاد والصحافيين والباحثين إلى الاهتمام والتعمّق في تجربة مسرح البدوي، وتعريف الأجيال القادمة بها. من جهتها وصفت أستاذة الأدب المسرحي عتيقة الفحلي الفنان المسرحي عبد الرزاق البدوي ب"رائد المسرح المغربي، والنّبتة الأصيلة في جسم المسرح المغربي". الاسم الثاني المكرّم في حفل افتتاح مهرجان بني عمار زرهون، هو الفنان التشكيلي أحمد وافي، حيث قال في حقه مدير المهرجان، محمد بلمو، إنه فنان لم يأخذ حقه من الناحية الإعلامية والنقدية، بسبب تواريه عن الأنظار واشتغاله بعيدا عن الأضواء، وأضاف بلمو أنّ من بين أهداف المهرجان السعيُ إلى إعادة الاعتبار للطاقات الإبداعية في مختلف صنوف الفنّ، وتقديم الاعتراف لهذه الطاقات، التي لم تنلْ حقها من المتابعة الإعلامية والنقدية. من جهته قال الفنان محمد الأشراقي في الكلمة التي ألقاها في حق المحتفى به الفنان محمد علي، إنّ الإبداع الذي يختزنه الهامش يفوق بكثير الإبداع الذي تسلّط عليه الأضواء، وثمّن اختيار الجمعية الساهرة على تنظيم المهرجان تكريم الأسماء التي تشتغل في الظلّ، كما انتقد عدم اهتمام الإعلام العمومي بالفنان محمد علي، حيث لا تُبثّ أغانيه، حسب المتحدث، على الإذاعة، كما أنّه مغيّب عن التلفزيون، "وهو خطأ لا يغتفر"، يقول محمد الأشراقي، متمنيا أن تكون مناسبة تكريم محمد علي نقطة عودته إلى الواجهة. "إهمال الفنان المغربي" كان حاضرا في الكلمة التي ألقاها عبد الرزاق البدوي، الذي عبّر عن سعادته بالتكريم الذي حظي به من طرف المهرجان، ووصف التكريم ب"سنة الإنصاف لشخصي المتواضع". وأضاف البدوي، الذي تحمّل مشاقّ حضور مهرجان زرهون، بعد إجرائه سبع عمليات جراحية على عينه قائلا "في المغرب يحسّ الفنانون الحقيقيون بالظلم، إذ أنّ عددا من الطبول الفارغة التي تثير الكثير من الضجيج هي التي تكَرّم دائما، وتظهر كثيرا في التلفزيون". الفنان التشكيلي أحمد وافي، الذي رافق ولادة مهرجان زرهون، وواكبه منذ البداية، عبر تنظيم ورشات في الرسم للأطفال والتلاميذ، قال في كلمته إنّه قرر الانضمام إلى جمعية مهرجانات بني عمار للسينما والثقافة، المنظمة للمهرجان، "لما يتميّز ربه أعضاء الجمعية من إخلاص وصدْق وصبر ومثابرة في العمل". وكما في الدورات السابقة، سيعرف مهرجان بني عمار زرهون عددا من الأنشطة الثقافية والترفيهية، حيث سيشهد اليوم الثاني من المهرجان انطلاق الحملة البيطرية بمنطقة زرهون، بتأطير من جمعية الرفق بالحيوان والمحافظة على الغابة، وتنظيم قافلة الكتاب للتربية على القراءة والتحسيس بأهمية الكتاب، ودوري لكرة القدم، على أن يختتم المهرجان، الذي تتخلله أمسيات فنية وشعرية، بمسابقة السرعة المخصّصة للحمير، ومسابقة أجمل حمار وحمارة.