لم تول حكومة بيدرو سانشيز أي أهمية لتحذيرات جهاز الاستخبارات الإسباني الذي توقع أن تسوء الأمور في حالة تبنيها خطوات ضد قضية الصحراء المغربية، وقد كانت على دراية بعواقب استضافة إسبانيا لإبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو الذي يعتبره المغرب "إرهابيا". ففي عام 2018 مع وصول سانشيز حديثا إلى قصر "لا مونكلوا"، مقر الحكومة الإسبانية، حذر تقرير أعده محلل عسكري في المخابرات الإسبانية من أن "المغرب يعتبر الصحراء أمرا مقدسا عمليا". ومع تفجر الأزمة الأخيرة، نقلت مصادر إسبانية بعض تفاصيل التقرير الاستخباراتي، المكون من 20 صفحة، الذي حرره الكولونيل فرناندو كاباليرو إتشيفاريا بصفته "رئيس هيئة التنسيق في هيئة الأركان العامة للدعم الاستخباري/مركز الاستخبارات للقوات المسلحة". والعقيد كاباليرو خبير في القضايا المتعلقة بالمغرب وصاحب المقال السنوي: "العوامل التي أدت إلى الكارثة: تحليل التدخل الإسباني في المغرب بين عامي 1898 و1928". وتحمل "وثيقة البحث 13/2018" عنوان "سيناريو الأمن المغاربي 2040′′، وخاتم كل من مركز الدراسات العليا في الدفاع الوطني (CESEDEN) والمعهد الإسباني للدراسات الاستراتيجية (IEEE)، وهما مركزي تحليل تابعين لوزارة الدفاع. وأوضح الكولونيل الإسباني في تقريره المرفوع إلى الحكومة أن "القضايا المتعلقة بالسيادة الصحراوية هي التي تسبب أكبر قدر من عدم الثقة مع البلدان المجاورة". وجاء في التقرير أن "المغرب المعزول أقام الجدار الأمني على طول الصحراء، وهو معزول عن الجزائر التي تدعم جبهة البوليساريو الانفصالية". ونبه التقرير الخاص إلى أن "القوات المسلحة الملكية والأجهزة الأمنية في الدولة، التي يبلغ قوامها 250 ألف جندي، موجهة بالأساس لمواجهة التهديد الجزائري ومراقبة جبهة البوليساريو، وهي منظمة عسكرية يصفها المغرب إرهابية"، يترأسها ابراهيم غالي. وأكد تقرير العقيد في المخابرات العسكرية أن "قضية الصحراء (...) هي العقدة الوحيدة التي تجهض حلم تأسيس المغرب العربي، وهي قضية متجذرة تمنع التقارب بين القوتين المغرب والجزائر، وتعيق تطوير مبادرات ذات مصداقية". وحذر الخبير الاستخباراتي من كون "الصحراء مشكلة لا يوجد حل لها في الأفق خلال العقدين المقبلين". بتعبيره، وأضاف أن "سيناريو المغرب الكبير 2040 ليس واعدا على الإطلاق"، موردا أن "تحذيرات المحللين بشأن المخاطر التي قد ينطوي عليها أي قرار بشأن الصحراء بالنسبة لإسبانيا عديدة؛ وتعود إلى أيام حكومة خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو". وقد نشر التقرير بعد وقت قصير من وصول سانشيز إلى السلطة، وهو يحلل "الاختلافات الواضحة بين القوى الرئيسية في المنطقة (المغرب والجزائر)"، التي "تخلق حواجز لا يمكن التغلب عليها اليوم لمواجهة التحديات الأمنية على الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط".