إخفاقات متتالية راكمها النموذج التنموي السابق استعجلت بتحيين توجهاته الكبرى، اعتبارا لعدم مواكبته للحاجيات المتزايدة للمغاربة، ما دفع "النخب الوطنية"، بتوجيهات من الملك محمد السادس، إلى التفكير في نموذج تنموي جديد من شأنه تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. واستطاعت اللجنة الملكية المكلفة بإعداد نموذج تنموي جديد صياغة مقترحات عملية لتسريع وتيرة انتقال المغرب نحو توازن جديد، غير أن العديد من الهيئات السياسية والمدنية ركزت على أهمية تحقيق "الانفراج الحقوقي" قبل استشراف ملامح المستقبل، من خلال "المصالحة" مع بعض المناطق التي عرفت تجاذبات بين السكان والسلطة. وتنطلق الفعاليات التي تتبنى هذا الطرح من السياق الذي دفع المملكة إلى إعادة النظر في النموذج التنموي، خاصة "الحَراكات الاجتماعية" التي تسبّبت في اعتقال عشرات النشطاء بمختلف ربوع التراب الوطني، بعدما نزلوا إلى الشوارع للمطالبة ب"حقهم" في الثروة الوطنية. ويصطدم تفعيل مخرجات "النموذج التنموي" بالعديد من الإشكاليات العملياتية؛ من بينها فقدان الثقة في مختلف مؤسسات الدولة، وضمنها المؤسسة الحزبية التي لم تعد تساير متطلبات الشباب، وفق المتتبعين للشأن السياسي، وهو ما يفسّر ارتفاع نسب العزوف الانتخابي أثناء المحطات الانتخابية. علي بوطوالة، الكاتب العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، قال إن الإفراج عن نشطاء "الحراكات الاجتماعية" كان من أهم المقترحات التي قدمتها مذكرة فيدرالية اليسار الديمقراطي إلى اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد في العاشر من يناير 2020. وأضاف بوطوالة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الانفراج الحقوقي سيساهم بالتأكيد في التعبئة والتحفيز، عبر خلق جو إيجابي سيساهم في إعادة الثقة التي تحدث عنها النموذج التنموي"، مبرزا أن "التقرير نبه إلى أزمة الثقة تجاه الأحزاب والمؤسسات". وأوضح الفاعل السياسي أن "الأمر يتعلق بأزمة ثقة عامة في الدولة، باستثناء المؤسستين الأمنية والملكية ربما"، واستطرد شارحا بأن "الأزمة العميقة والشاملة تؤدي إلى العزوف الانتخابي المتصاعد من مرحلة إلى أخرى إثر غياب رهانات على التغيير الحقيقي". وخلص المتحدث، ضمن تصريحه، إلى أن "المشهد السياسي الوطني يتسم بالرتابة والبؤس، الأمر الذي دفع فيدرالية اليسار الديمقراطي إلى المطالبة بإحداث انفراج حقوقي على غرار ما وقع في أوائل الألفية؛ وبالتالي التعبئة الجديدة لكافة طاقات المجتمع المغربي".