‮«‬خطوة ‬حقوقية ‬جريئة‮..»‬‬ في ‬مسار ‬تعزيز ‬حقوق ‬الإنسان ‬بالمملكة    في ‬سياق ‬الدينامية ‬الكبيرة ‬التي ‬تعرفها ‬العلاقات ‬الاستراتيجية المغربية الإسبانية    الإفراج عن أربعة فرنسيين في بوركينا فاسو بفضل وساطة الملك محمد السادس    غدا ‬تنطلق ‬أشغال ‬المناظرة ‬الوطنية ‬الثانية ‬للجهوية ‬المتقدمة            "لارام" تستعد لاستئناف الخط المباشر الدار البيضاء – بكين بتوقيع 16 اتفاقية    الفرقاء الليبيون يتوصلون إلى اتفاق جديد في بوزنيقة    ماكرون يشكر جلالة الملك على دوره في الإفراج عن 4 فرنسيين محتجزين في بوركينا فاسو        بعد تراجع تحصيل تلامذتنا في العلوم.. هل تحدث الصدمة التربوية؟    السجن 20 عامًا لفرنسي عرّض زوجته للاغتصاب المتكرر مع 49 رجلًا    الصين: الخطوط الملكية المغربية تستعد لاستئناف الخط المباشر الدار البيضاء – بكين بتوقيع 16 اتفاقية    إيلون ماسك يعلنها رسمياً.."ستارلينك" قريباً في المغرب    بووانو: شركة "أخنوش" الفائزة بصفقة مشروع تحلية مياه البحر بالبيضاء غير مستوفية لشروط دفتر التحملات    بوانو: صفقة تحلية المياه بجهة البيضاء سطات تبلغ قيمتها 16 مليار درهم وعلى أخنوش تقديم استقالته    بورصة البيضاء تبدأ التداولات ب"الأخضر"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    عملية جديدة لهدم منطقة عشوائية للسكن وإعادة إيواء الأسر بالبرنوصي    الجديدة.. المصالح الدركية تحبط عمليات لتنظيم الهجرة السرية والاتجار بالبشر    في اليوم العالمي للغة الضاد…مقاربة اللغة العربية من زاوية جيو سياسية    التجمع العالمي الأمازيغي يضرب في نتائج الإحصاء المرتبطة باللغات المستعملة    موتسيبي يقوم بزيارة الدول المستضيفة ل "الشان"    نسج الزرابي فن صامد في المغرب رغم ضعف مداخيل الصانعات    حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024    رامي إمام يطمئن الجمهور عن صحة عادل إمام ويكشف شرطًا لعودة الزعيم إلى الشاشة    تركيا تدعو المجتمع الدولي لإزالة "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب    من هو نَسيم كليبات الذي تم تَسليمه للسُلطات الإسرائيلية؟    "هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جريمة ضد الإنسانية بحرمان الفلسطينيين من الماء في غزة    بوساطة ملكية حكيمة.. إنجاز دبلوماسي جديد يتمثل في تأمين الإفراج عن أربعة فرنسيين كانوا محتجزين في واغادوغو    كيوسك الخميس | خبراء الداخلية يعملون على تقسيم إداري جديد    أعضاء المجلس الإداري لأكاديمية سوس ماسة يُصادقون بالإجماع على برنامج العمل وميزانية سنة 2025    مديرية الأمن تطلق البوابة الرقمية E-POLICE وخدمة الطلب الإلكتروني لبطاقة السوابق    المغرب وألمانيا يوقعان شراكة للتزويد بالماء الشروب المتكيف مع المناخ    الوداد بدون جمهور يتحدى الجيش الملكي في القنيطرة    كأس الرابطة الانجليزية: ليفربول يواصل الدفاع عن لقبه ويتأهل لنصف النهاية    بطولة فرنسا: ديمبيليه يقود باريس سان جرمان للفوز على موناكو والابتعاد في الصدارة    أكاديمية المملكة تشجع "محبة السينما" باستضافة الناقد إدريس شويكة    الأندية المشاركة في بطولة القسم الممتاز لكرة القدم النسوية تعلن استنكارها لقرار العصبة الوطنية وتأثيره السلبي على مسار البطولة    فريق مستقبل المرسى ينتزع فوزًا ثمينًا على حساب فريق شباب الجنوب بوجدور        شباب جمعية "أسوار فاس" يواصلون الإبهار بعروض مسرحية متنوعة بطنجة    تسجيل أول حالة إصابة خطيرة بإنفلونزا الطيور في أمريكا    كلمة .. شعبنا آيل للانقراض    لماذا أرفض الرأسمالية ؟    معاناة متجددة لمرضى السل بفعل انقطاع الدواء باستمرار    وداعا أمي جديد الشاعر والروائي محمد بوفتاس    حفل توقيع "أبريذ غار أوجنا" يبرز قضايا التعايش والتسامح    جمعيات تعبر عن رفضها لمضامين مشروع قانون التراث الثقافي    اختيار الفيلم الفلسطيني "من المسافة صفر" بالقائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير معدلة وراثيا لبيع أعضائها للبشر    علماء يطورون بطاطس تتحمل موجات الحر لمواجهة التغير المناخي    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة والكلام من وجهة نظر علم الطاقة
نشر في هسبريس يوم 01 - 06 - 2021

تعد اللغة حقلا متعدد التخصصات، يتطلب تعاون العديد من الباحثين من ذوي الخلفيات والنظريات والاتجاهات المختلفة. ومن بين هذه التخصصات نذكر "علم الطاقة" في علاقته باللغة والوظائف الفيزيولوجية الطبيعية للأنسجة وضرورتها لمكونات الكلام الطبيعية ومشاركة العصبونات في ذلك، والنشاط الذهني العصبي في علاقته بعملية التصويت وإنتاج الكلام.. إلخ. وهو ما نجده في كتاب ميدر وموسكينز (1950) Meader and Muyskens الذي يحمل عنوان "كتيب في البيولسانيات، البنيات وعمليات التعبير مع مقدمة عامة في البيولسانيات".
يقوم مبدأ الطاقة (the principle of energetics) على أساس المفهوم الحركي للكون. وتكمن الفكرة في أنه لا يوجد شيء في الكون سوى الطاقة التي تبدو كهربائية في طبيعتها والتي تظهر في أشكال مختلفة: الضوء والكهرباء ومجالات الجاذبية، والمادة، وغيرها وربما الذهن أيضا. وهذه المجموعة من القوى المتفاعلة فيما بينها تكون نظاما من الطاقة. وحسب هذا المبدأ نفسه، فإن الكون بأكمله يتكون من أنظمة الطاقة، وهو ما أشار إليه البروفيسور شابلي Shapley في كتابه "حركة سريعة، خطوات تلو الأخرى انطلاقا من الهيولي" أو المادة (flights from chaos) سنة 1930، الذي يقدم فيه صورة تحليلية للكون (بما في ذلك الإنسان) من وجهة نظر علم الطاقة. وقد عدد فيه شابلي ثمانية عشر نوعا وفقا لتعقيداتها، وبترتيب انحرافها. ومن أكثر الأنظمة الدقيقة المعروفة نجد (الأنظمة شبه الذرية) التي تنتمي إلى الكون المتكامل الكلي، من بينها الإلكترونات (electrons) والبروتونات (pretons) والبوزترون (positrons) والنترونات (neutrons)، والنوترينورات (neutrinos)، والذرية (atomic) والجزيء البسيط (simple molecular) والجزيء المعقد (complex molecular) والبلوري والغروري (Colloidal)، والعضوي.. إلخ. وهناك العديد من الأنظمة المتبقية وكلها أنظمة فلكية نيزكية (astronomical meteoric systems) وأنظمة كوكبية (planetary systems) وأنظمة المجرة إلخ (galactic systems).. إلخ. وعند التأمل، يقول ميدر وموسكينز، يجد الإنسان نفسه في مكان وسط بين الذرة والنظام الفلكي. وبالتالي يكون غير قادر، كما لاحظ شابلي Shapley على التأمل في كل من الكون الذي يوجد تحته وفوقه. وعند النظر العميق، يجد الإنسان نفسه، عبارة عن تفاعل لهذه الأنواع ذات الدرجة القليلة من التعقيد. وهو مكون من مكونات هذا الكل الكبير.
واللغة مثل باقي الأشكال الأخرى من السلوكات هي نوع خاص من تفاعل الأنظمة التي يتكون منها البشر. وأن تكون حركيا في الطبيعة، معناه أن جميع هذه الأنظمة تخضع لتحولات متواصلة نتيجة لتفاعلاتها المستمرة. كما تعتمد جميع العمليات الأخرى للحياة على تحويل هذه الطاقة الكامنة التي تكون في جزء منها "محققة" وموضوعة في العمل، عبر التفاعل المباشر أو غير المباشر مع البيئة. وهذا ينطبق على جميع أنشطة عالم المخلوقات الحية، بما في ذلك البكتيريا وحيدة الخلية التي لا تمتلك أي تمييز واضح للأنسجة العصبية أو العضلية أو الغُدية، وبالمقابل تتحرك وتتأقلم عبر التفاعل مع البيئة. وما تختلف فيه العمليات اللغوية عن البكتيريا يتمثل في التعقيد فحسب.
إن الوضع (نظام القوى) الذي يحفز الإنسان على استعمال اللغة يمكن أن ينشأ داخل الجسد مثله في ذلك مثلما ينتج الألم الداخلي أو الغثيان عن حركات غير مريحة، أو عندما تحدث إفرازات أو عندما تمرُّ ذاكرة حدث مضى في حركات معبِّرة. فالنظام الذي يحتوي اللغة ينطوي على إدماج للقوى داخل الكائن. أما التحفيز فهو مجرد نظام نمطي (patterned system) للطاقة البيئية يتفاعل مع الأنظمة الكهروكيميائية للأنسجة الداخلية، وغيرها. وبما أن الإنسان يمتلك أعضاء حسية متطورة، فهو يسمع ويرى ويشعر ويروز تجارب محددة أخرى دون تجاربه الذاتية. وتنتشر العمليات الكيميائية التي تبدأ في أعصابه الحسية إلى أجزاء أخرى من نظامه العصبي وإلى أنظمة أخرى، مما يؤدي إلى تغيرات فيزيائية معقدة، فتنشأ "أفكار" و"دوافع" ورغبات ونبضات مختلفة. وتميل إلى الانتشار في الكائن الحي بأكمله فينتج عن ذلك أفكار أخرى أو انقباض عضلي أو إفراز غدي أو هذه الثلاثة جميعها. وحسب هذا الرأي، تحتاج هذه الحركة أو الإفراز إلى عمليات الطاقة التي تجري في الدماغ والتي تنتشر، في النهاية، في المسارات العصبية التي تُمد العضلات والغدد.
وقد أدت المفاهيمُ النظرية في ثقافة الماضي وارتباط مفهوم الذهن بالجهاز العصبي إلى فكرة مبالغ فيها حول أهمية الذهن في هذه العمليات. صحيح أن العمل العصبي موحَّد ومدمِج مهم للكائن الحي، لكن هناك أنظمة أخرى مدمِجة لها القدر نفسه من الأهمية. فالعمليات التي تحدث في الأعصاب هي أنشطة فيزيائية كيميائية، وهي تشكل النوع نفسه لتلك التي تحدث في باقي الأنسجة الأخرى من الجسم.
وبالنظر إلى ما سبق، يرى ميدر وموسكين أن اللغة تعرف مثل هذا التكامل السابق للعمليات شديدة التعقيد. وهو لا يمثل سوى شكل واحد محدد لهذا التكامل، مما يجعله خاصية كلية، ليس لكل حياة فحسب، وإنما أيضا لجميع البنيات غير الحية. ويأتي هذا التعقيد من درجة خصوصية النسيج. والتكامل هنا مستخدم ليس باعتباره تفاعلا بين أنظمة منفصلة القوى ولكن باعتباره تفاعلا فقط بين الأجزاء المكونة لنظام أكبر.
واللغة البشرية، باعتبارها شكلا من الأشكال النوعية الموجودة، تعد في جانبها الوظيفي أشد تعقيدا لأنها تدرج مشاركة عدد كبير من العوامل. فأثناء التحدث يكون لدى الشخص الفطري تصور واضح عن الفكرة التي يرغب في التعبير عنها، وربما صورة حية إلى حد ما عن أصواته، وربما بعض الأحاسيس الخافتة لحركات اللسان والعضلات الأخرى. وأثناء حديثه قد يثبت انتباهه على حركات اللسان والفك، وحينئذ تصير أحاسيس اللمس (الضغط) وجُهد العضلات (في الفك وليس في اللسان كله) مختلفة وأكثر حيوية. وإذا لاحظ سمات أصواته تحديدا، فإن الأحاسيس السمعية ستكون واضحة ومميزة. وهو ما يمكّن من استنتاج أن اللغة عبارة عن مجموعة معقدة من الحركات والأحاسيس (الأصوات، الرؤية، اللمس، الحركة) والأفكار التي تحفزها الحركات، وتشكل المعنى في جزء منها. وعند تطوير المرء لبعض مهارات التمييز، فإنه قد يقارن تجاربه التي تتعاقب يوما بعد يوم فيلاحظ عمليات مختلفة خاصة إذا كانت الجملة نفسها التي ينتجها تختلف في الجودة والكمية (النبر والشدة) في مواقف مختلفة. مما يؤكد أن بعض التغيرات (صغيرة أكانت أم كبيرة) تُظهر أن اللغة، بعيدة عن أن تكون ثابتة، وهو ما ينتج عنه تطورها المستمر سواء عند الأفراد أو عند الأعراق، مثل باقي الأنشطة الحياتية الأخرى.
ويعد الكلام، بالنظر إلى العمليات البيولوجية العديدة، ظاهرة شديدة التعقيد، وهو ما أظهرته التجارب الأولية والملاحظات الدقيقة والحساسة عند استخدام أداوت دقيقة لتسجيل حركات الكلام وتيارات العمل العصبية. ويظهر هذا التعقيد اللغوي البشري في اندماج أنشطة أنسجة الجسم جميعها. وهو ما يحدث لدى المتحدث والقارئ والمغني، وغيرهم، حيث تشارك العديد من أنظمة الجسد والذهن في عملية إنتاج الكلام، وهي تشمل:
(1) العمليات التي تزودنا بالطاقة والتي تمارس تحكما عاما في التخزين، وتقوم بإخراج الطاقة أو إطلاقها بما في ذلك:
أ- عمليات التغذية والتي تشمل الهضم. يضاف إلى ذلك الدورة الدموية والتنفس.
ب- إفرازات الغدد الصماء (endocrine glands) التي تغير:
(2) تدفق التيارات العصبية والأنماط الحركية والمركزية والسمبثاوية (sympathetic)، حيث إن (أ) ترتبط ب (ب) أو هي محددة للتجربة الذاتية، وحيث (ب) تحفز الانقباضات (contractions) والإفرازات.
(3) هناك عمليتان منتجتان للمنبهات. وهي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على المستمع أو الملاحِظ، وتضم:
أ- حركة العضلة بما في ذلك الحركات السلبية للنسيج الذي يحدده التنظيم البنيوي وضغط الأنسجة وخاصة وضع الرافعات (levers) التي تدخل في حقل الميكانيكا الحيوية.
ب- إفرازات معينة لبعض الغدد الحاملة للقنوات (الدمعية واللعابية والغدد الدهنية والغدد العَرقية).
وبما أن اللغة البشرية يمكن أن توصف باعتبارها تعمل مدمَجة مع جميع أنسجة الجسم أو مدمِجة لجميع معامِلات نشاط الأنسجة، فيمكن التعبير عنها من خلال الشكل الرياضي الآتي: لغة = عامل (أ، ب، ج) (أ، ب، ج... ق، ك، ل...م، ن..ه، و، ي) حيث العوامل أ.. ه.. م.. هي أنشطة لمختلف الأنسجة (العضلية والعصبية والغدية والعظمية... إلخ). وهذه الصيغة لا تعبر عن الخاصية الدمجية والتكاملية للغة بل تؤكد أيضا على أن أي تغير في أي عامل أ أو ب أو غيره، يحتاج بالضرورة إلى قيمة جديدة للغة. كما أن جميع هذه العوامل، في نظر ميدر وموسكينز، ضرورية للغة الطبيعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.