استأثر باهتمام أبرز الصحف الأوروبية، الصادرة اليوم الثلاثاء، الخلافات العميقة بشأن الأزمة السورية والتي برزت بحدة بين الغرب وموسكو خلال قمة مجموعة الثماني بإيرلندا الشمالية، والدورة الخمسين للمعرض الدولي لصناعات الطيران والفضاء بباريس -بورجيه 2013 ، وقضية التجسس التي تم الكشف عنها مؤخرا بالولاياتالمتحدة، وتأثير الأزمة الاقتصادية على النظم الصحية بالبرتغال. فببلجيكا، كتبت صحيفة (لوسوار) أن أشغال قمة مجموعة الثماني انطلقت بعد ظهر أمس بلوف إيرن بإيرلندا الشمالية في أجواء متوترة للغاية على خلفية الأزمة السورية. وأضافت أن "بشار الأسد، رئيس البلد الذي بات يتخبط في أجواء من الدم والنار، كان ضمن جدول أعمال عشاء العمل المخصص من قبل قادة مجموعة الثماني للسياسة الخارجية"، مشيرة إلى أن "الطبق كان غير قابل للهضم، إذ بدا قادة البلدان الأقوى في العالم عاجزين تماما عن التوافق في اتجاه التخفيف من حدة التوتر الذي يهدد بابتلاع المنطقة بأسرها". وسجلت اليومية أنه في مقابل ذلك كان التصعيد العسكري في صدارة جدول الأعمال، مثيرة الانتباه إلى أن الولاياتالمتحدة بدت كما لو أنها ستتجه رأسا إلى تسليح المعارضة بتعاون مع المملكة المتحدة وفرنسا، في مقابل قوات نظام الأسد المدعومة والمسلحة من قبل النظام الروسي. ومن جانبها، توقعت صحيفة (لا ليبر بلجيك) أن لا تصل أشغال مجموعة الثماني إلى حل يذكر بشأن الملف السوري، مثيرة الانتباه إلى أن الدول الغربية حاولت انتزاع تنازلات، أمس الاثنين، بشأن الأزمة السورية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأوضحت أنه بعد لقاء ثنائي جمع بداونينغ ستريت ما بين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الروسي، أكد هذا الأخير على أنه من غير الممكن بأي حال من الأحوال أن تدير بلاده ظهرها لحكومة بشار الأسد، وأن روسيا تحترم القواعد الدولية، وأنها لم تخرق أي اتفاق دولي ببيعها للأسلحة للحكومة الشرعية في سورية، وأنه في المقابل، يتوجب على المجتمع الدولي احترام نفس القواعد. وأضافت (لا ليبر بلجيك)، في مقال بعنوان "سورية تحت مراقبة مكثفة"، أنه سيكون احتمال تسليح المعارضة كما لوح بذلك الرئيس أوباما، بغير المقبول من قبل الروس، خصوصا في ظل تشكيك الرئيس بوتين في أمر استخدام نظام دمشق للأسلحة الكيميائية. ومن جهتها، اعتبرت صحيفة (لاستامبا) الإيطالية أن حالة الجمود التي تهيمن على الحوار بين الرئيسين الأمريكي والروسي في ما يخص القضية السورية، هو ما وضع مجموعة الثماني في طريق مسدود، وعرقل مسألة التوصل إلى اتفاق حول بيان مشترك. وسجلت اليومية رفض بوتين طلب وقف دعم بلاده لنظام بشار الأسد، وتصميم أوباما على تقديم المساعدة العسكرية للمعارضة، واصفة ب"حوار الصم" ما يجري من مباحثات بين الرجلين. وأضافت صحيفة (كورييري ديلا سيرا) أن تهديد الأسد للدول الأوروبية بدفع الثمن باهظا في حال قررت تقديم مساعدات عسكرية للمتمردين، شحن أكثر أجواء قمة مجموعة الثماني. ومن جانبها، حذرت صحيفة (التايمز) من أن الوضع في سورية أضحى غير مقبول، مشيرة إلى أن الوقت قد حان لكي يعمل قادة العالم على وضع حد لخلافاتهم واتخاذ قرار صريح وحازم بخصوص تسليح المعارضة. واعتبرت الصحيفة أن إرسال أسلحة إلى المعارضة السورية المعتدلة "يعد الخيار الأقل سوءا" بعد عامين من أعمال العنف غير المسبوقة، مشيرة إلى أن أي تدخل عسكري دولي، في هذه المرحلة، سيكون متأخرا وذلك بعد مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص. وكتبت صحيفة (الاندبندنت)، المعروفة برفضها لأي تدخل عسكري أجنبي في سورية، أن تسليح المعارضة السورية "يعد قرارا خطيرا"، معتبرة أنه من باب الاستحالة التأكد من أن الأسلحة ستذهب بالفعل إلى الجماعات المعتدلة. وأضافت (الاندبندنت) أنه "من غير المقبول في العمل الدبلوماسي اللجوء إلى تشجيع خيار التهديدات فقط، إذا لم نتوفر على آليات ووسائل التنفيذ"، مشيرة، في هذا الصدد، إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يبدو مستعدا للتراجع عن موقف بلاده بخصوص الاستمرار في إرسال الأسلحة للنظام السوري. وفي مواجهة هذه الوضعية، كتبت الصحيفة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا توجدان في موقع يضطرهما إلى تنفيذ تهديداتهما بخصوص التدخل أو حصد هزيمة في مواجهة الخصم الروسي. وكتبت صحيفة (الغارديان) أن الملف السوري يظل بمثابة أكثر الاختبارات الدبلوماسية صعوبة بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي حقق نجاحات في قضايا أخرى تدخل ضمن جدول أعمال قمة مجموعة الثماني، ولاسيما ما يتعلق منها بالتجارة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي وكذا محاربة التهرب الضريبي. واعتبرت الصحيفة أن اليوم الثلاثاء يعد الفرصة الأخيرة لديفيد كاميرون لتحقيق تقدم على طريق تسوية الصراع الذي وصفه وزير الشؤون الخارجية ويليام هيغ بأنه "أسوء كارثة إنسانية في القرن الواحد والعشرين". وبفرنسا، ركزت الصحافة على الدورة الخمسين للمعرض الدولي لصناعات الطيران والفضاء بباريس-بورجيه 2013 ، الأكبر من نوعه في العالم، وسط "احتدام المنافسة بين صانعي الطائرات الأوروبي (إيرباص) والأمريكي (بوينغ). ولاحظت يومية (لزيكو)، في هذا الشأن، أن الشركة الأوروبية لصناعة الطائرات "حصدت أمس عند افتتاح المعرض 23 مليار دولار من طلبات التصنيع في مقابل 5,8 مليار لمنافستها الأمريكية بوينغ". وأضاف الصحيفة الاقتصادية أن "أكبر مفاجأة كانت، بدون شك، صباح أمس حين تقدم مؤجر الطائرات الإيرلندي (دوريك) بطلب تصنيع طائرات بكلفة ثمانية ملايير دولار وفقا للأسعار المعروضة في القائمة"، مشيرة إلى أن العملية مثلت متنفسا حقيقيا لأيرباص التي شهدت منتجاتها منذ شهور مضت إعراضا من قبل شركات الطيران. وفي هذا الصدد، تناولت صحيفة (الباريزيان) النجاح الذي حققته (أيرباص) بمنتجها الجديد الأكثر مبيعا (آ 320 ) طائرة المسافات المتوسطة المجهزة بمحركات أقوى وأكثر فعالية للحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون (3600 طنا لكل طائرة سنويا ) ومستوى ضجيج المحركات، والتي ستدخل الخدمة عام 2015. وعلى صعيد آخر، ما تزال قضية التنصت التي أثيرت مؤخرا بالولاياتالمتحدة وما استتبعها من ردود فعل دبلوماسية دولية تسيل مزيدا من مداد الصحافة الإسبانية . وفي هذا الصدد، كتبت (الباييس) أن كشف أسرار جديدة عن أنشطة تجسس واسعة النطاق بالولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة هزت في العمق الدبلوماسية الدولية بمناسبة قمة مجموعة الثماني، مشيرة إلى أن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي، أليكسي بوشكوف وصف ب"الفضيحة" هذه الواقعة، فيما طالبت تركيا "بتوضيح" من لندن بهذا الخصوص. وبالنسبة لصحيفة (إيل الموندو) فإن طيف التجسس على قمة ميدفيديف قد أربك القمة الثنائية بين الرئيسين الأمريكي والروسي التي انعقدت على هامش قمة بلفاست. وبدورها، علقت الصحافة التركية على المعلومات التي تم الكشف عنها مؤخرا من قبل الصحيفة البريطانية'' (الغارديان)، المتعلقة منها على الخصوص، بتجسس أجهزة الاستخبارات البريطانية على الوفد التركي خلال اجتماعين لمجموعة العشرين عام 2009 بلندن. وكتبت صحيفة (زمان اليوم) أن تركيا كانت قد أعربت عن قلقها العميق بشأن هذه المزاعم، وتدين بشكل صارم هذا الأمر، في حال اتضح أنه يستند إلى حقائق مدعومة بأدلة، مشيرة إلى أن وزارة الشؤون الخارجية التركية طلبت من بريطانيا توضيحا رسميا بهذا الشأن. وأشارت صحيفة(الدايلي نيوز) النسخة الإنجليزية ليومية (حريات)، نقلا عن مصدر دبلوماسي تركي، إلى أن بريطانيا كانت تسعى من خلال عملية التجسس، إن كانت قد حدثت بالفعل، التعرف على موقف أنقرة من التقنين المالي ودرجة استعدادها للتعاون مع بقية دول مجموعة العشرين. وبجزر الكناري، اهتمت الصحف المحلية بعجز ميزانية الأرخبيل المسجلة إلى غاية أبريل الماضي وباستراتيجية مكافحة الفقر التي وضعتها الحكومة الجهوية، مستحضرة ما سجلته مالية أرخبيل الكناري حتى أبريل الماضي من عجز قدر ب 103 ملايين أورو، (نحو 0,25 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وكتبت صحيفة (لا بروفنسيا) أن هذا الرقم يضع منطقة الحكم الذاتي هاته أعلى بقليل من متوسط ?باقي الجهات الإسبانية الأخرى. وفي البرتغال، توقف كتاب الأعمدة، على الخصوص، عند تدهور المؤشرات الصحية بهذا البلد وتأثير الأزمة الاقتصادية على النظم الصحية في ضوء المعطيات المقلقة التي نشرها المرصد البرتغالي للأنظمة الصحية في تقريره الصادر في ربيع 2013. ولاحظت صحيفة (بوبليكو) أن هذا التقرير يعرض مؤشرات مثيرة للقلق تتعلق بالآثار المترتبة عن الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بشدة بالنظم الصحية لهذا البلد، كما تكشف عن ذلك الصعوبات التي يواجهها السكان في الحصول على الرعاية الصحية وارتفاع حالات محاولات الانتحار وحالات الاكتئاب. ومن جهتها، كرست الصحف الهولندية تعليقاتها للخلاف القائم منذ بضعة أسابيع ما بين قطاع السكك الحديدية الهولندية والبلجيكية وصانع القطارات (فيرا) بعد إلغاء هؤلاء للعقد مع هذا الأخير. وفي هذا الصدد، أشارت صحيفة (تراو) إلى أن الصانع الإيطالي (فيرا أنسالدوبريدا) يدعو السكك الحديدية الهولندية إلى احترام العقد، مضيفة أن الجانب الإيطالي، يريد من المحكمة، التي ستبدأ جلساتها في هذه القضية الجمعة المقبلة، أن تعين خبراء مستقلين ليقرروا ما إذا كانت القطارات بالفعل سيئة كما يقول الجانبان الهولندي والبلجيكي. ووفقا لصحيفة الشركة المصنعة فإن العطب لا يكمن في القطارات المصنعة من قبلها وإنما في نظام الأمن المعتمد في الطرق السريعة الجديدة الرابطة ما بين أمستردام وبروكسل. وبروسيا، تطرقت صحيفة (كوميرسانت) إلى اللقاء الذي جمع أمس الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي باراك أوباما وذلك على هامش قمة مجموعة الثماني، موضحة أن ما أعلنه الرئيسان للصحافة عقب هذا اللقاء كان يصور الأمور كما لو أن مواقف البلدين متطابقة، والحقيقة غير ذلك على أكثر من واجهة، تضيف الصحيفة. وتوقعت (روسيسكايا غازيتا)، في مقال تحت عنوان "اللاعبون الخارجيون يستعدون للحرب في الشرق الأوسط، فيما هم يتحدثون عن السلام"، أن تطغى المسألة السورية على غيرها من الملفات بقمة "الثماني"، مشيرة، في هذا الصدد، إلى أن خيار إسقاط النظام السوري يبدو لازمة واشنطن الأكثر وضوحا للعيان.