منذ وفاة عبد السلام ياسين والمنظومة الإسلامية بالمغرب تحن إلى زعيم إسلامي ذو اعتبار، تتوفر فيه صفات القيادة الإسلامية، بما تحمله من معاني الكاريزما وقوة التأثير والقدرة على التوجيه.. أي زعيم إسلامي يعمل له ألف حساب.. في الحوار الشامل الذي انفردت مجلة هسبريس بنشره نهاية أبريل الماضي، كشف عبد الكريم مطيع، المنفي بلندن وكبير مؤسسي الفعل الإسلامي بالمغرب منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، عن حقائق ومواقف كانت صادمة للبعض، ومطمئنة لبعض الآخر، فيما اعتبرت رسالة لأكثر من طرف، بما فيه القصر وحزب العدالة والتنمية، الحزب الذي تخرجت بعض قياداته من مدرسة الشبيبة الإسلامية.. الأولى.. مطيع قال في رسالته الأولى أن قادة "العدالة والتنمية" أكثروا في الكذب عليه ولفقوا له تهما، قال إنه بريء منهان وهي تهم: الإرهاب والعنف ومعاداة الملكية. هذا يعني أن جماعة الشبيبة الإسلامية "المحظورة" بالمغرب هي تنظيم إسلامي وسطي ومعتدل وليس إرهابيا، ومسالم وليس بعنيف، ومنسجم مع النظام الملكي غير معادٍ له. إنه تطور جديد وخطير في الوقت نفسه، بالنسبة لتنظيم إسلامي ظلّ منذ السبعينيات مرتبطا بالعنف، وهو ال"متهم" باغتيال الزعيم اليساري عمر بنجلون وبالتخطيط لأعمال إرهابية سرية، وهو ما دفع بالزعيم والمقاوم عبد الكريم الخطيب الاشتراط على إخوان بنكيران، الذين ولدوا قبلها من رحم جماعة مطيع، للجوء السياسي داخل حركته الشعبية بشروط كان أهمها: نبذ العنف والملكية الدستورية وإمارة المؤمنين. الثانية.. مطيع قال أيضا أن قرار رجوعه من المنفى، بلندن بعد خروجه من ليبيا إبان سقوط نظام القذافي، هو قرار بيد الملك و"ليس بيد أحد آخر"، وأنه مستعد للجلوس على طاولة حوار تضم أصحاب القرار من المحيط الملكي، من بينهم عالي الهمة؛ وهو دليل على أن أمل مطيع في تغيّر نظرة القصر اتجاهه وتنظيمه "قد تتبدل" مع تقادم الزمن الغابر الذي كان فيه مطيع الإرهابي رقم واحد المطلوب لدى المغرب، وهو المحكوم بالمؤبد والإعدام غيابيا، خصوصا بعد فشل الوساطات والمفاوضات الأولى مع أحمد بنسودة وأحمد رمزي وادريس البصري إضافة إلى كبار علماء السدييدة والكويت.. وهي إشارة التقطها مرشد الشبيبة الإسلامية، حين قبلت الدولة بمن كانت تعتبرهم بالأمس معارضين وإرهابيّبن، وسمحت لهم بالاندماج داخل الوسط الرسمي وغير الرسمي، مثل الراحل بنزكري وحرزني والصبّار.. وأخيرا مع أبي حفص والكتاني والفزازي.. الثالثة.. ثالثا، مطيع يقبض بشدة على ملف يقول إنه سيربك حسابات التنظيمات الإسلامية بالمغرب، خصوصا حزب العدالة والتنمية وجناحه الدعوي حركة التوحيد والإصلاح، حين اعتبر أن عودته إلى المغرب ستتساقط معها أوراق "العدالة والتنمية" كأوراق الخريف و"ستضرّهم تنظيميا وليس في مصلحتهم مطلقا".. قالها بصريح العبارة: "هم يخشون عودتي".. هل يعني أن مطيع يملك حقائق خفية وصادمة عن حزب عبد الاله بنكيران، وربما بكشفها يتزعزع ويتصدع بناء الحزب والحركة، وهل ينوي مطيع الدخول في المجال الإسلامي بالتنسيق مع توجهات حركية لها اعتبارها كجماعة العدل والإحسان، أو أخرى لم تجد لها مستقرا قانونيا بعد كالبديل الحضاري والأمة، وأخرى تبحث لها على مستقر في الواقع كالنهضة والفضيلة.. هل يخشى حقيقة الإسلاميون عودة مطيع إلى المغرب، وهل ستمثل عودته رسم صورة جديدة للبيت الإسلامي في الوقت الراهن، خصوصا وهو الذي يعتبر الزعيم الروحي لما يسميها "الحركة الإسلامية الأمّ"، وتمكن على مر السنوات والعقود من إرساء البناء البشري والكمي، كما قال، إلى بناء التصور السياسي والفكري.. [email protected] https://www.facebook.com/attariqHadda