جهود صاحب السيارة القديمة أو المهترئة... العاجزة عموما عادة ما تكون أقل جدوى من إرادة أصحاب السيارات الفخمة لإعطاء المثال في القيادة الرصينة الحكيمة التي تمكننا فقراء و أثرياء من تجنب الحوادث المميتة للعقول و الأبدان أو تلك التي تؤدي إلى خسارة مادية و خسارة للوقت و عرقلة للسير و تعطيل المصالح العمومية و الخاصة التي قد يؤدي بعضها إلى خسارة في الأرواح بشكل غير مباشر، حين لا يستطيع سائق سيارة الإسعاف مواصلة السير فلا يجد بدا من إطلاق العنان للمنبه (دع عنك المروحية التي تصل لنقل المصاب حين تعجز السيارة فهذا لا نراه إلا في أفلام بروس ويليس و زملائه... هناك، الأرواح أكثر أهمية) كل هذا بسبب سائق بليد أو بليد مبالغ في الجرأة أو بليد متهور لا يتقن السياقة فلا يستطيع كبح تهوره أمام متهور آخر بليد أيضا لاعتقاده أن جرأة صاحبه أو زميله في التهور أقصد في السواقة (1) حكمة و في قاموس البلادة مهارة... فصاحب السيارة البسيطة إن هو ضبط سيره (لا أقول سرعته لأنه لا يسرع) ستُؤوّل رزانته على أنها ضعف و ليس قيادة حكيمة فالسيارة أصلا لا تستطيع أن تسرع فهي ضعيفة و و جب لذلك تجاوزها و رمي صاحبها بنظرة ازدراء: "مال هاد بنادم مزاحم معانا قالك حقا حتا هو عندو سيارة... على باشار... (فرووووم...)" الطامة الكبرى هي حين يُحَمل سائق بليد سيارته البسيطة فوق طاقتها ليدخل مع صاحب السيارة "العمارة" في تحدي غير محمود العواقب فيشتعل عند إشارات المرور تبادل النظرات الشرسة من تحت و المتعجرفة من فوق يليه نسخة "حامضة" ل "SPEED" فما أن ينتقل الأحمر إلى الأخضر حتى يمتطي الأسفل جنون "الحُكرة" و كلَّ ما أمكنه في طريقه من رصيف و راجلين و سيارات لا تعرف بأي ذنب أصيبت... فيأتيَ على الأخضر... و الأحمر على حد سواء. المسؤولية "الأكبر" في إعطاء المثال ملقاة على عاتق الأغنياء لأنهم أقل ارتباطا بالوقت (لديهم السائق الخاص بالمدارس و الخاص بالهانم و الخاص بالتبضع (shopping) و الخاص بهم و الخاص بالخاص و الخاص بالعام... و لديهم الخدم بالبيت لتحضير الأكل و ترتيب البيت و الاعتناء بالصغار و و و... فتجد بعضهم يعطي المثال حقا في المدنية و الأخلاق الرفيعة و الغالبيةَ العُظمى تعطي مثالا معاكسا للأخلاق برميهم علب السجائر و كل العلب الأخرى فيثيرون حنق البسيط الذي جمع زبالة يوم في صندوق باب سيارته فيعمدَ إلى رمي الحصيلة دفعة واحدة فيراه سائق آخر فيرميه بنظرة ازدراء "تفو على باشار مُسّخ"، فيقف عند الضوء الأحمر ليجاور الثري الذي رمى بعلبة السجائر ليحكي له ما رأى فيجيب الثري "أش غادير الله يهدي ما خلق... العروبية عمرو البلاد". كل نماذج السياقة المُفجعة يشتركون في البلادة... فكل من يؤدي إلى خسارة في الوقت الذي لا نملك كفاية منه أو في الممتلكات الخاصة أو العمومية التي تشكو قُصورا... فأقل ما يقال عنه أنه بليد. أما من يتسببون في القتل بطرق بليدة فأولئك وجب وضعهم ليس في السجن مع القتلة "العاقلين" (الذين يقتلون ب"وعي") و إنما وجب وضعهم في مستشفيات الأمراض العقلية، و من أولئك من أرادوا أن يمنعوا عمالهم و عاملاتهم البسطاء من تسريب مواد تافهة إلى الخارج بأن بنوا شبابيك حديدية على النوافذ فتسببوا بذلك في منع الضحايا من تفادي الموت حرقا... و لأهلهم في موت بطيء حُرقة. رحمهم الله جميعا. (1) سواق: سائق سوقي فهو "سواق"