وأخيرا انطلق مشروع مدونة السير من محطة مجلس المستشارين بعد المصادقة عليه على أن يتوقف أمام مجلس النواب... لمتابعة سيره بكل رزانة وتعقل واحترام لقانون السير الذي أصبح كثير من السائقين يستخفون بقوانينه من خلال عدم احترامهم لاشارة الضوء الأحمر.. واختراقهم لعلامة قف.. وانتهاكهم لحرمة السير في الاتجاه الممنوع والتهور في زيادة السرعة.. والسياقة في حالة سكر... ونقل أطفال أقل من عشر سنوات في المقاعد الأمامية واستعمال الهاتف المحمول أثناء السياقة.. مما يشتت انتباههم في التركيز على الطريق. وقد اضطرت وزارة التجهيز والنقل لصياغة قوانين هذه المدونة للحد من المآسي التي تخلفها حوادث السير ببلادنا بحيث أن عدد الضحايا يقدر بأكثر من أربعة الآف قتيل وستة آلاف جريح في حين تقدر الخسائر المادية ب 11 مليار درهم. بالإضافة الى ما تخلفه هذه الحوادث من أيتام وأرامل وعاهات مستديمة للمعطوبين. واعتقد أن هدف وزارة التجهيز والنقل من وضع هذه المدونة ليس سلب السائقين أموالهم بالرفع من قيمة الذعيرة على المخالفات لكن بالعكس الهدف منها هو المحافظة على أموال السائقين باحترامهم لقوانين السير... والمحافظة على صحة وأرواح المواطنين التي تضيع في رمشة عين بسبب تصور وحماقة وعبث بعض السائقين. والأمل الا تبقى مدونة السير مجرد حبر على ورق والرجاء من السائقين أن تتسرب قوانين هذه المدونة الى دمائهم وقلوبهم وعقولهم وعيونهم أن تمتزج بدمائهم... للسياقة بهدوء واتزان وتنبض في قلوبهم فتأخذهم الرحمة باخوانهم الذين يقتلون ويجرحون ويعيشون بقية حياتهم عاجزين. وان تتفاعل مع عقولهم ليضبطوا أعصابهم ويكظموا غيظهم ويطفئوا غضبهم، وان تذوب في دموعهم.. عندما يشاهدون الجثث المطروحة على الطريق والدماء المسفوكة على الاسفلت والسيارات والشاحنات والدراجات «المعجونة المطحونة» من قوة الاصطدام. فالسياقة ليست دراية بقوانين السير.. ولكنها تربية وأخلاق وضمير انساني ووازع ديني وسلوك حضاري. والأخطر من كل هذا: فالسائق المتهور عندما يركب سيارته فقد يكون كمن يدخل الى نعشه.. ومنه الى القبر وقد يكون كمن يسوق دبابة حربية: يارب السلامة