معَ كلِّ مرةٍ تقدمُ فيها هيئةٌ دوليَّة على نشرِ أرقامٍ تهمُّ الضرائبَ المفروضَة من قبل الحكُومات على منتجات التبغ، يبرزُ المغرب كواحد من البلدان التِي تبلغُ فيهَا الضرائب عنان السماء. آخر تلك الأرقَام ما كشفت عنه شركة "Exane BNP Paribas"، المختصَّة في الدراسات والأبحاث، وَالمؤسسَة بشراكَة بينَ مجموعة "Exane" والبنك الفرنسي لBNP Paribas، حيث جعلت الشركة المغربَ الدولَةَ الأكثر فرضاً للرسوم الضريبيَّة على التبغ فِي العالَم. سيمَا أنَّ قطاعَ التبغ بالمغرب، أضحَى ذَا حساسيَّة، منذُ تحرير السوق واحتدامِ المنافسَة بين الفاعلين. فحسبَ تقرير الشركَة، التِي صنفت المغرب ضمنَ الدول الأعلى فرضاً للرسوم على التبغ، تمثلُ الضرائب المستخلصَة من بيع مائة علبة من السجائر 35 بالمائة من حصة الفرد من الناتج الداخلي الخام، بمَا يزيدُ عن الرسوم الضريبيَّة المفروضة في دول أخرى؛ كالمملكة المتحدة وأستراليَا، حيثُ يتراوحُ الرقم بينَ 20 و25 بالمائة. كل ذلك، دون إغفال مسألة مهمَّة وهيَ أنَّ البحث أُنجزَ فِي نهايَة 2011، فيمَا لم تنفك الضرائب ترتفع منذُ ذلك الحين على التبغ، زيادةً على تعديل الهامش الضريبي المفروض من قبل مصالح الجمارك. إلى أن أصبحَ 70 بالمائة من الثمن الذِي تبَاعُ به علبَة السجائر، يذهب إلى خزينَة الدولَة، على شكل رسوم ضريبيَّة. تهريبُ التبغ يسجلُ رقم معاملات يربُو على 3 مليارات درهم فِي هذَا المضمار، يقدر رئيس مجلس إدارَة الشركة المغربيَّة للتبغ، بول ليكات، أن يكونَ المستوَى المرتفع للرسوم الضريبيَّة المفروضَة على التبغ، قد أثرَ سلباً على أنشطَة الشركة، خصوصاً بعد سن إجراءات ضريبيَّة جديدة برسم قانون الماليَّة لسنَة 2013. وَتنامِي تجارة التهريب التي تهددُ قطاع التبغ في المغرب. فَوفقَ الأرقام التي تنشرها المصالح الجمركيَّة بانتظام، كانتْ السلطات بمدينَة وجدَة، على سبيل المثال، قد صادرت خلال 2012، أزيد من 120.000 علبةلسجائر، دخل القسمُ الكبير منها عن طريق الجزائر، أمَّا فِي الدارالبيضاء والمحمَّديَّة، فإنَّ حواليْ كرتُونَة تمت مصادرتها خلال الأشهر الثلاثَة الأولَى من العام الجَارِي. بينما تجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ كميَّة التبغ التي تتمكن السلطات من مصادرتها ليست إلَّا النزر القليل، ولا تشكلُ إلا شجرة تخفِي غابةً تجوبها حركة تقضُ مضجع فاعلي التبغ. إذْ تذهبُ التقديرات إلى أنَّ رقم معاملات التبغ المهرب بالمغرب، يتراوحُ بينَ 2.5 وَ3 مليار درهم؛ أي 20 بالمائة من رقم المعاملات الإجمالِي الذِي يحققهُ القطاع. وعليه فَأنَّ الارتفاع الذِي عرفته الرسوم خلال مارس الأخير، ساهمَ بما لا يذرُ مجالاً للريب في استفحال الظاهرة بالنظر إلى القدرة الشرائيَّة المحدودة للمستهلك. جاعلاً المدخنين أمامَ خيارين اثنين لا ثالثَ لهُمَا؛ فلم يكن وسعهم إلا أن يخفضُوا استهلاكهم من التبغ أو أن يلجؤُوا إلى المنتوجات المهربَة، ذات الثمن المنخفض، ك"Américan Légend" وَ"Bridgeway" أَوْ "Marlboro"، والتِي يتمُّ جلبها من موريتانيَا لتباعَ أثمنَة أقل عن السجائر المسوقَة قانونياً. وأمام هذَا المعطَى، تكون الأطرافُ جميعُهَا خاسرةً، يقول أحد مسؤولِي التدبير بالشركة المغربيَّة للتبغ، فالدولة تخسرُ من جانبها لأنهَا تفوت على نفسها ما كان من الممكن ان تجنيهُ من رسوم ضريبيَّة مفروضة على السجائر المسوقة قانونياً، وفاعلُوا التبغ يخسرونَ كذلك، بسبب انصراف المستهلك، على إثر ارتفاع الأسعار، إلى المنتُوجات المهربَة. وتبقى المنافسة ذات شراسَة فِي انتظار معرفة طبيعة المنحَى الذِي سيأخذهُ تطور بنية الرسوم المفروضة على التبغ خلال السنوات القادمة. يسعَى فاعلُوا قطاع التبغ جاهدين إلى الرفع من تنافسيتهم للاستفادة قدر الإمكان من إمكانات النمو التي يتوفر عليها القطاع. والتي أكدتها أرقام شركة "إيكسان" بتوقعها نمواً نسبته 3 بالمائة في قطاع التبغ بالمغرب. وَمن صور الحركيَّة التي يعرفها، تزايد وتيرة إطلاق المنتوجات الجديدة. بالنظر إلى النجاح الذِي عرفته لجنة التصديق التي أطلقت آخر عرض لإيداع الطلبات، بصورة تضاهِي النجاح الذي تم تحقيقه خلال السنَة الماضيَة. كمَا هوَ الشأن بالنسبة إلى الشركة المغربيَّة للتبغ التِي أعادت إطلاق مشروع يرومُ تزويد السوق بماركتين جديدتين، هُمَا "Segement" وَ"Golden Gate" يقلُّ سعرُ العلبَة منهُمَا عن 20 درهم.