ما الذي دهى العديد من المغاربة حتى باتوا خلال السنوات القليلة الأخيرة يلجئون إلى شنق أنفسهم، أو تجرُّع سم قاتل، أو قطع شرايين أجسادهم، رغبة في التخلص من آلامهم وأمراضهم النفسية، أو هروبا من مشاكلهم المادية والعاطفية، أو فرارا من أشباح شريرة تسكن أطيافهم.. المغاربة ينتحرون؟..نعم إنهم يطلبون الموت بأقصر الطرق وأنجعها، فما صارت الحياة تغريهم ولا تمنحهم أدنى أمل في الاستمرار في العيش، فليس بُد بالنسبة للمنتحرين إلا حركة واحدة لتنتهي جرعة الألم القاسي، ويرتاح الجسد إلى حين. الأخصائيون يدقون ناقوس الخطر بالنسبة لتفشي ظاهرة الانتحار في البلاد، رغم عدم وجود إحصائيات دقيقة تؤكد عدد المنتحرين بالمغرب، فبعض الأرقام تتحدث عن انتحار حوالي 1200 مغربي بين 100 ألف نسمة، وبعض الأرقام الأخرى تزيد أو تنقص، فليس هناك مرجع إحصائي محدد. الدكتور عبد المجيد كمي، الأخصائي والمعالج النفسي بمدينة وجدة، قال في تصريحات لهسبريس، إنه استنادا إلى ممارسته وتجربته المهنية لا توجد هناك أرقام مؤكدة لعدد المنتحرين بالمغرب كل سنة، وحتى لو وُجدت فإنها لن تكون أرقاما حقيقية وسليمة. وعزا كمي عدم تحديد إحصائيات مضبوطة لأعداد المنتحرين بالمغرب إلى اعتبارات كثيرة ومتشابكة، من بينها أن هناك حالات عديدة للانتحار يتم التستر عليها لدواعي دينية أو اجتماعية، وتُسجل على أنها موت عادي أو حوادث فقط. وبخصوص أكثر الوسائل التي يلجأ إليها المنتحرون المغاربة، أفاد كمي بأن "عددا من التقارير تتحدث عن الشنق كأول وسيلة يفضلها المنتحرون بالمغرب، بخلاف بلدان أخرى حيث ينتشر الانتحار برصاص الأسلحة والمسدسات مثلا"، مشددا على أنه وجب التفريق بين الانتحار الحقيقي وبين طلب الإغاثة، فحالات الانتحار التي تكون عبر تناول الأقراص مثلا قد تكون محاولة للانتحار أكثر منها انتحارا مباشرا وحقيقيا. وحول دوافع تفضيل الشنق على غيره من الوسائل، أبرز كمي بأن الشنق هو أقرب وأسهل وأنجع طريقة للتخلص من الحياة بالنسبة لهؤلاء المنتحرين، أما تناول حتى علبة كاملة من الأقراص أو العقاقير المنومة قد لا تؤدي إلى الوفاة، وبالتالي فإن الشنق يظل أكثر فعالية بالنسبة للراغب في وضع حد نهائي لحياته.