علَى رأسِ قائمَة الدُّول الأكثَر عرضَة لجرائم السبرنطيقَا، كانَ المغربُ قدْ احتلَّ المرتبَة الثَّالثَة، فِي تصنيف سنوِّي أجرتهُ شركَة سيمانتيك، منتصف الشهر الماضِي، إلى جانب دول كمصر والجنوب إفريقيَا وتُونس والجزَائر. رصدَ ضحَايَا الجرائم السبرنطيقيَّة، التِي تستهدفُ المقاولات في مقامٍ أول، ثمَّ الأفراد. فِي ظلِّ عدم وجود سياسيات إفريقيَّة ناجعَة على مُستوَى الدفاع. وغداة الحديث عن الجرائم السبرنطيقَية، يشيعُ قولٌ مؤداهُ أنَّ الجرائمَ التِي تتخذُ من العالمِ الافتراضيِّ مسرحاً لهَا مشكلٌ يخصُّ الأغنياءِ بالدَّرجَة الأُولَى؛ بحيث أنَّ البلدين الأكثر عرضَة فِي العالمِ لهذا النوع من الجرائم، بينَ عامَيْ 2011 و2012، هما الولاياتالمتحدة الأمريكيَّة، التِي ارتفعت نسبَة الهجمات المصوبَة ضدهَا ب 42 بالمائة، والصين، باعتبارهَا ثانيَ قوةٍ عالميَّةٍ. المقاولات الصناعيَّة حلت على رأسِ الجهات التي تستهدفهَا الهجمَاتُ سنة 2012، إلى جانب المؤسسات الحكوميَّة"، حسب التقرير ذاته، حيث أنَّ مجرمِي العالم الافتراضِي أضحَوْا يستهدفونَ أكثر فأكثر الجهات اللوجستيَّة والمنظومَات الاقتصاديَّة، بهدفِ الولُوج إلى المعلومات الحساسَة للمقاولَاتِ الكُبرَى، وإلى ملكيَّات فكريَّة ذات أهميَّة كبرَى". وَمن بينِ أبرز ما تستهدفهُ الجرائمُ السبرنطيقيَّة أيضاً، هناكَ المعلومات السريَّة الخاصَّة، كالمعلومات المتعلقَة بالحسابات البنكيَّة للأفراد المودعَة لدَى المؤسسات، إذْ ينصب اهتمام مدبري تلكَ الجرائم على المقاولات الصغرى والمتوسطَة، التي تعتبرُ الأكثر عرضة بسبب عدم حمايتها بشكل كاف. حيث طالتهَا حوالي 30 في المائة من الهجَمات خلالَ 2012 بخلافِ 18 بالمائَة سنةَ 2011. علاوةً على ذلك، للهواتف المتنقلة نصيبها كذلك من تلك الجرائم. إذْ ارتفعت نسبة الهجمات التي تمَّ شنها ب58 في المائة على الهواتف الذكيَّة، استُهدفت فيها المعطيَات الشخصيَّة للمستعمل والحسابات المتعلقَة بهَا، سيمَا حسابات البرِيد الإلكترُونِي. ففِي 2011 على سبيل المثَال، أكدَ ربع مستعملِي الانترنت من المواظبين عليه، أنَّ حساباتهم البريديَّة تعرضت لهجوم. وبالرغم من كونِ القَارَّة السمراء غير مستفيدَة بما فيه الكفَاية من التكنلوجيَات الحديثَة للإعلام والتواصل، إلا أنهَا أضحت محطَّ أنظار مجرمِي النت، بصورة تجعلُ الأفراد فِي إفريقيَا أكثرَ عرضةً للهجمات السبرنطيقيَّة. سيمَا أنَّ اقتصايَّات إفريقيَا الحسنة الأداء تبدُو مهددة إلى درجة كبيرة. بحيث أنَّ مصرَ التِي حلت فِي المرتبَة التاسعة والعشرين عالمياً فِي التقرير المذكور، باعتبارها من البلد الأوسع استخداماً للانترنت في إفريقيا، تبقَى الأكثر عرضةً للهجمات بين الدول الإفريقيَّة، شأن جيرانها المغاربيين؛ كالمغرب وتونس والجزائر، الذين يحتلون على التوالِي المراتب 3 و4 و5. فيمَا حلت جنوب إفريقيَا ثانيَة فِي الترتيب. وفِي ظل تنامِي التهديدات وتعاظم الجرائم السبرنطيقيَّة، التي أضحت تخترق المؤسسات يوماً بعدَ يومٍ، يضحِي لزاماً على كل دولةٍ إفريقيَّة توفيرُ الإمكانيات الضروريَّة لمحاربة الجريمة، عبر خلق وحدات شرطة تستندُ إلَى نصوص تشريعيَّة تتلاءمُ وخصوصيَّة المنطقَة. سيما أنَّ غالبيَّة الدُّولَ المنضويَة تحتَ لوَاء الرابطَة الاقتصاديَّة لدول إفريقيَا الوُسطَى لا تتوفَّرُ على مقَاربةٍ منسقَة لمواجهَة الجريمَة السبرنطِيقيَّة وحمايَة الأنظمَة المعلُوماتيَّة. فِي غضونِ ذلكَ، تمَّ إطلاقُ مجموعَة مبادرات فِي إفريقيَا الغربيَّة، برعايَة ال Cedeao، ويجرِي العملُ حاليا، على إعداد تشريعاتٍ وطنيَّة لمواجهة جرائم النت. ففي ساحل العاج مثَلاً، صوتَ النواب الإيفواريُّون، الأعضَاء فِي لجنَة الشؤون العامَّة والمؤسساتيَّة، فِي الرابع عشر من ماي، على مشروعَيْ تقدمَ بهمَا برُونُو كونِي، وزيرُ البريد والتكنلوجيَات الحديثَة والإعلام والاتصال، يرومانِ حمايَة المعطيات ذات الطبيعَة الشَّخصيَّة ومحاربَة الجريمَة السبرنتيقية. وتقترح النصوص عقوبات حبسيَّة تصلُ إلَى خمس سنوات من السجن وغرامات متراوحَة ما بينَ 5 و100 مليُون. ومما يفرضُ التدخل العاجل للدول الإفريقيَّة فِي أفق تحصين جبتها ضدَّ الجرائم السبرنتيقيَّة، فداحَةُ الخسائر النَّاجمَة عن الاختراقات، بحيث أظهرت دراسَةٌ أعدتهَا شركة "نورتُونْ" ارتفاع الخسائر الناجمة عن الجرائم السبرنطيقيَّة المستهدفَة للأفراد فِي 2012 إلَى 110 مليَار 87.5 مليَار أورُو، أيْ ما يزيدُ عن النَّاتج الداخلِي الخام لدولة كالمغرب.