منذ الوهلة الأولى من إنتخاب حميد شباط أمينا عاما لحزب الإستقلال،أصبحنا نلمس أن هناك تغيرات في مواقف عدد كبير من قيادات حزب الميزان وفي خرجاتهم الإعلامية، وكذا في ممارسة الدور الرقابي داخل قبة البرلمان، واستمر الحال على ماهو عليه بعد إقالة وزير الصحة للكاتب العام لوزارة الصحة والمحسوب على حزب الإستقلال. والهجوم الشرس الذي تعرض له وزير الصحة من قبل شباط مروراً بإعفاء وزير التجهيز والنقل هو الأخر للكاتب العام للوزارة الذي ظلت حكرا على حزب الإستقلال لأزيد من عشر سنوات متتالية.حينها ادرك شباط بضرورة رفع الإيقاع الى إعلان التمرد على حكومة بنكيران واضعا نفسه بين الأغلبية والمعارضة، و مطالبته رئيس الحكومة بإجراء تعديل حكومي يشمل جميع الوزارات، على اعتبار ان حزب الإستقلال ليست له مكانة داخل الحكومة ولا يتوفر على مناصب حساسة، لكنه اصطدم برجل مرن في حياته الشخصية وقاصي في الأمور العامة، الذي لم يلبي رغبة شباط في اجراء تعديل حكومي.واستمر شباط في فرقعة إعلامية إلى يوم الفتح في معركة "جهاد كرامة"،والتي أخد يخاطب فيها مرتديا دراعة صحراوية الشيء الذي جعل البعض لايفرق بينه وبين الراحل معمر القذافي 'ملك ملوك إفريقيا'، يتهم ، يسب، يشتم، يرفع شارة النصر في شارع النصر برباط الفتح، وسط مناصريه. فبعد أيام قليلة خرجت شبيبته تعلن دعوتها للإنسحاب من الإئتلاف الحكومي، رافعة شعار إسقاط بنكيران ولتحيا العفاريت ولتحيا التماسيح، وهو ما استجاب له عموم أعضاء المجلس الوطني بإعلانهم الانسحاب والبقاء في الحكومة في الوقت نفسه، وانتظار التحكيم الملكي حسب الفصل 42 من دستور 2011، إذ لا يعرف أين درسوا هؤلاء هل في المغرب أم في دولة أخرى لاتحسن العربية. حيث ان الفصل الذي استند اليه المجلس الوطني لحزب الإستقلال واضح ولا يحتاج إلى قراءة من زوايا متعددة ويمكن فهمه منذ الوهلة الأولى وتنص المادة 42 من الدستور الحالي على:" الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة. الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة. يمارس الملك هذه المهام، بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور. " من خلال الفصل السالف الذكر نستشف أن الملك هو الحكم الأسمى بين مؤسسات الدولة وسأزيد الشرح بالخشيبات يعني ان كان هناك نزاع بين مؤسستين دستوريتين فإن الملك هو الحكم بينهما ( مثال حصل نزاع بين المؤسسة التنفيذية والمحكمة الدستورية). وهذا لا يعني اطلاقاً الأحزاب السياسية بل مؤسسات الدولة، اللهُم إن كان حزب الإستقلال مؤسسة منصوصة عليها في دستور المملكة، فمن هنا يمكن للملك التدخل في فصل النزاع بين المؤسسة التنفيذية (الحكومة) والمؤسسة الإستقلالية (حزب الإستقلال). وان اراد حزب شباط الإنسحاب فعلياً من الحكومة فعليه أن يلتجأ إلى فصل 47 من الدستور وان يجبر وزراء حزبه الى تقديم استقالتهم من الحكومة إلى رئيس الحكومة إما فرديا (كل وزير يقدم استقالة) أو جماعية (جميع وزراء حزب الإستقلال). وعليه يتعين على رئيس الحكومة طلب إعفائهم بناءً على طلباتهم، وأنذاك على حزب الإستقلال اللجوء الى المعارضة في حالة ما وجد نفسه غير مستفيد من تدبير بنكيران. ولكن من خلال لجوء حزب الإستقلال الى فصل 42 بدل فصل 47 إن دل فإنما يدل على رغبة الإستقلاليين في البقاء داخل الحكومة لأن خروجهم يعني فشلهم وستصِحُ عليهم مقولة بنكيران الشهيرة والمتكونة من أسماء حيوانات من تماسيح وعفاريت... وإعلان خروجهم مجرد فرقعة إعلامية وجعجعة بلا طحين ومجرد مؤامرة لإخضاع عبدالإله بنكيران وإبتزازه سياسياً من اجل قبوله لتعديل حكومي لإدخال مجموعة من الوزراء المحسوبين على شباط الى سدة الحُكم،ويسجل شباط هذف داخل شباك بنكيران. ومعلوم أن حزب الإستقلال يسعى الى استعادة مكانته داخل دواليب الدولة و توظيف مناضليه داخل أسلاك الدولة، دون مباراة واعتبار الدولة كأنها ضيعة فلاحية لوزرائهم يبيعون منها ما يشاؤون. ولكن مايتجاهله حزب الإستقلال هو ان ما حدث بالماضي ومن خرج يوم 20 فبراير سببه وجود نخب ووجوه واحدة محتكرة للسلطة حتى اننا نرى وزيرا في قطاع معين اليوم وفي غذ في قطاع أخر. و عزوف 2007 دليل على ان المغاربة غير راضين على وجود نفس الأحزاب في دواليب الحكم بالمغرب. أعتقد أن رئيس الحكومة سيخرج من هذه المعركة منتصرا في جميع الحالات، سواءً تحالف مع تيارات أخرى، أو عدل حزب الإستقلال عن قراره وعاد الى الإئتلاف الحكومي بدون قيد أوشرط، أو ذهب المغرب إلى إنتخابات برلمانية مبكرة، والتي سيتبوأ من خلالها حزب العدالة والتنمية الصدارة وربما أنه سيحصل أكثر مما حصل عليه في السابق. *طالب في سلك القانون بجامعة محمد الخامس السويسي