لم يقتصر نقاش "اعتماد قاسم انتخابي جديد" على تقاطبات الأحزاب والفرق البرلمانية فقط، فعلى امتداد الأسابيع القليلة الماضية احتد سجال جماعي بين مختلف التنظيمات السياسية، بما فيها تلك المقاطعة للاقتراعات. وفي وقت رحبت أغلب الأحزاب الممثلة بالخطوة التي اعتمدتها وزارة الداخلية، لا يقبل حزب العدالة والتنمية، ومعه متتبعون عن "المقاطعين"، المستجد الذي يعتبرون أنه "لن يمثل أصوات الناخبين بالشكل المثالي". وجاء في التعديلات الجديدة للقاسم الانتخابي: "توزع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها". ومن ثم تتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة "أكبر البقايا"، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور. لكن هذا المعطى لم ينل الإجماع الحزبي بخروج "البيجيدي" رافضا لهذا التعديل القانوني. وبررت الفرق البرلمانية تقديمها القاسم الانتخابي الجديد بتحقيق تمثيلية موسعة للناخبين برسم الدوائر الانتخابية المحلية، مؤكدة على ضرورة فتح المجال أمام كافة القوى السياسية للمشاركة في القرار من خلال المؤسسة التشريعية. وحسب حسن بلوان، أستاذ باحث في العلوم السياسية، فقد أثار تصويت لجنة الداخلية على مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب الكثير من النقاش والاستقطاب، بين المعارضة وبعض مكونات الأغلبية، من جهة، وحزب العدالة والتنمية من جهة أخرى. ويورد بلوان، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، ثنائية السلبيات والإيجابيات من اعتماد النمط الجديد، والبداية عبر تحقيق تمثيلية موسعة للناخبين برسم الدوائر المحلية، ثم فتح المجال أمام كافة القوى السياسية في هذا التمثيل البرلماني. وأضاف المحلل السياسي نفسه أن المعطى الجديد سيمكن كذلك من تحقيق مشاركة واسعة في القرار داخل المؤسسة التشريعية، والأهم من ذلك تحقيق الإجماع والتوافق في سن القوانين الانتخابية بين المعارضة والأغلبية، رغم جنوح الحزب القائد للحكومة عن هذا الإجماع. في المقابل، يعدد بلوان سلبيات متفرقة للخطوة الجديدة أبرزها "بلقنة المشهد السياسي"، ما يصعب تشكيل تحالفات حكومية قوية بعد الانتخابات، والتأثير على الانسجام الحكومي، وذلك على حساب انتظارات وتطلعات المواطنين.