سلمى العزاوي من المغربيات اللواتي استهوتهن ممارسة الرياضات التي يصفها البعض ب"العنيفة"، ومنها كرة القدم الأمريكية التي بدأت تمارس في المملكة منذ سنة 2012 من طرف ثلة من الشباب بشكل هاو، وغالبا على الشواطئ، قبل ظهور فرق ثم أندية بالعديد من المدن. وسلمى (24 سنة) خريجة جامعة الأخوين في شعبة الاقتصاد، بدأ عشقها لهذه الرياضات التي ظلت حكرا على الرجال لردح من الزمن بممارسة رياضة "الريكبي" ضمن منتخب الجامعة للسباعي، الذي مارست ضمنه لمدة سنتين قبل التوجه إلى الرباط لاستكمال دراستها العليا. وعن تحولها إلى كرة القدم الأمريكية، تقول سلمى إن الأمر جاء بمحض الصدفة، عندما خاض فريق جامعة الأخوين للريكبي، الذي كانت إحدى لاعباته، المباراة النهائية لبطولة المغرب ضد فريق من الرباط، حيث تعرفت على مجموعة من اللاعبات وظل التواصل بينهن قائما إلى حين عودتها إلى أحضان الأسرة بعد أنهت دراستها، لتعرضن عليها الانضمام إلى مجموعة من الفتيات الممارسات لكرة القدم الأمريكية. من هنا، تضيف سلمى العزاوي، "بدأ عشقي لهذه اللعبة التي كانت غريبة عن ثقافة مجتمعنا الرياضية"؛ وهو الشغف الذي دام أربع سنوات كاملة، حيث مارست كرة القدم الأمريكية مع العديد من الفرق الهاوية المختلطة التي تجمع بين الذكور والإناث، قبل أن تتولد لديها فكرة الخروج عن المألوف وعدم الاكتفاء بالممارسة بعدما تجدر لديها عشق الكرة البيضاوية. وقالت المتحدثة ذاتها: "قررت عدم حصر مؤهلاتي في رقعة الملعب، إذ بدأ طموحي يكبر في خلق فريق يتشكل فقط من ‘أجساد ناعمة'، لاعبات ومسيرات وتقنيات، وكانت الانطلاقة بالحصول على شهادة من إحدى المعاهد الأمريكية لتدريب الشبان، ثم تأسيس جمعية وتشكيل مكتب مسير ولجنة تقنية نسوية، ليبدأ بعدها التحدي الحقيقي لتحقيق الحلم". ولم تخف سلمى أن تحقيق حلم خلق جمعية، اختارت لها من الأسماء "التنانين لكرة القدم الأمريكية"، وتمارس على الخصوص لعبة كرة القدم الأمريكية "للعلم" أو "الراية"، وتتكون مائة في المائة من الفتيات، لم يكن بالأمر الهين، إذ كان من الأمور التي شكلت عقبة كأداء إقناع الممارسات وذويهن بأن كرة القدم الأمريكية "للراية" تختلف عن شقيقتها الأمريكية من حيث خلوها من الاحتكاك الجسدي العنيف، وأنها لا تعرض اللاعبات للمخاطر الجسمانية. وحسب سلمى العزاوي فإن كرة القدم الأمريكية للراية أو العلم هي شكل من أشكال كرة القدم الأمريكية، بيد أنها رياضة لا تلامسية، يتم فيها استبدال المناورات والاحتكاك البدني بتمزيق شرائط من القماش (المعروفة باسم العلم) تتدلى من أحزمة اللاعب الخصم ليتم توقيفه أو اعتراض سبيله ومنعه من تسجيل هدف. وأضافت العزاوي أنه يمكن ربط الأعلام أو الشرائط بحزام اللاعب بشريط لاصق أو مشابك، ويجب عدم إخفائها في الملابس ووضعها على الوركين، مشيرة إلى أن هذا الصنف الرياضي لا يحتاج إلى الكثير من المعدات؛ فيما يعتبر واقي الفم والشرائط أو الأعلام عناصر أساسية للألبسة الرياضية للاعبات. وبالحديث عن الإكراهات، تقول سلمى إن أولاها كان التوفيق بين الدراسة والممارسة والتسيير، فبعد التخرج من جامعة الأخوين والعودة إلى الرباط قررت التحضير لإجازة في مجال غير الاقتصاد، وتحديدا في مجال التصميم والأنفوغرافيا، ولم تخف أن الأمر لم يكن هينا في البداية، خاصة أن التدريب تخصص له فترتان صباحية وبعد الظهر على الأقل مرتين في الأسبوع. أمر آخر شكل عائقا حقيقيا أمام رئيسة الجمعية الفتية هو توفر ملعب، غالبا ما يكون أحد ملاعب القرب بالعاصمة، في الزمن المحدد لفترات التداريب، رغم أن ملعب كرة القدم الأمريكية يختلف تماما من حيث المساحة والمعايير التقنية. وتعتمد سلمى في تلقين كرة القدم الأمريكية، خاصة بالنسبة للاعبات اللواتي اكتسبن التجربة، على مدربات يتوفرن على خبرة وتكوين من مستوى عال في هذا المجال، وذكرت منهن على سبيل المثال لا الحصر فاطمة الزهراء عوان وسماح معنوي، فيما تتكفل هي بتلقين المبادئ الأولية للمبتدئات، وتتضمن الجانب التقني والتكوين البدني وحتى المرافقة الذهنية. وعادت سلمى العزاوي لتؤكد أن الهدف من خلق جمعية نسائية لكرة القدم الأمريكية يكمن في تمكين الفتيات من اكتشاف هذا النوع الرياضي الحديث العهد بالمغرب، وأيضا إتاحة الفرصة لهن لإثبات ذواتهن وتكوين شخصية خاصة بهن من خلال التنافس على رقعة الميدان، واكتساب المبادئ والقيم التي يقوم عليها النشاط الرياضي، فضلا عن إبراز مؤهلاتهن وخلق اندماج بينهن، خاصة أن اللاعبات ينحدرن من مستويات اجتماعية مختلفة. ولإعطاء إشعاع أكبر لهذا النوع الرياضي، وخاصة النسوي منه، عبرت رئيسة جمعية "التنانين لكرة القدم الأمريكية" عن أملها في أن تنفتح الهيئات الوصية على الرياضة الوطنية على هذا الصنف الرياضي، حتى تتمكن من الوقوف على مراميه وإيلائه المزيد من الاهتمام ومنحه فرصة إيجاد موطئ قدم له بين باقي الأصناف، وخاصة حديثة العهد منها بالمملكة. وفي انتظار التفاتة حقيقية من الهيئات الوصية، للنهوض بهذا النوع الرياضي، قررت سلمى العزاوي ربط الاتصال مع جمعيات أجنبية تعنى برياضة كرة القدم الأمريكية، خاصة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، في أفق عقد شراكات معها لكسب المزيد من الخبرة والتجربة، خاصة في مجال التكوين، وأيضا لتسهيل اقتناء الأجهزة والمعدات الضرورية التي تعوز جمعيتها.