مع قُرب الانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها السنة الجارية، تتوالى مقترحات عدد من الهيئات المدنية والسياسية من أجل تعديل القوانين الانتخابية. وعلى الرغم من أن تصويت المغاربة المقيمين بالخارج يعتبر أحد المواضيع التي تثار قبل كل استحقاق انتخابي، فإن مشاريع القوانين المتعلقة بالانتخابات التي صادقت عليها الحكومة مؤخرا لم تتضمن أي معطى يتيح لأبناء الجالية التصويت. وينص دستور 2011 في الفصل السابع عشر منه على تمتع المغاربة المقيمين بالخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشح في الانتخابات المحلية والجهوية والوطنية؛ لكن لم يتم، إلى حد الساعة، تطبيق مقتضيات هذا الفصل. وتتيح القوانين الحالية إمكانية تقديم المغاربة المقيمين في الخارج ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى الدوائر المحلية والوطنية؛ لكن لا توجد مقاعد أو دوائر مخصصة لهم. كما لا يمكنهم القانون من التصويت في الديار الأجنبية التي يقيمون بها؛ بل فقط في المغرب أو عبر وكالة تعطى لأفراد من عائلاتهم. وفي هذا الصدد، أصدرت حركة "معاً" ورقة بعنوان "معاً من أجل اندماج سياسي حقيقي لمغاربة العالم" اقترحت فيها إحداث دوائر مخصصة للمغاربة المقيمين بالخارج. وتطالب الحركة، وهي حركة سياسية مُنبثقة من المجتمع المدني رأت النور سنة 2019، بتعديل بعض مواد القانون التنظيمي 27.11 المتعلق بمجلس النواب حتى تلائم مقتضياته تمثيلية المغاربة المقيمين بالخارج. وتضم المقترحات المضمنة في الورقة ذاتها تعديل المادة الأولى من القانون سالف الذكر في أفق تخصيص 10 في المائة، في مرحلة أولى، من المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية المحلية، أي 30 مقعدا للمغاربة المقيمين بالخارج. كما تمس التعديلات المادة الثانية من القانون نفسه، من خلال إحداث دائرتين؛ دائرة أوروبية وأخرى للقارات الأخرى، على أن يتم تخصيص 20 مقعدا للدائرة الأوروبية. وتطالب الحركة أيضا بتعديل المادة الثانية والعشرين من القانون نفسه، لإعطاء للمغاربة المقيمين بالخارج إمكانية الترشح في الدوائر المخصصة لهم بالإضافة إلى الدوائر المحلية الجهوية. وتشمل التعديلات المادة الثانية والسبعين من القانون التنظيمي، لفتح باب التصويت للمغاربة المقيمين بالخارج في سفارات وقنصليات المملكة بالخارج وإلغاء التصويت بالوكالة. وتدعم الحركة أيضا اعتماد التصويت الإلكتروني كآلية تجريبية محصورة لمغاربة العالم كمرحلة أولى في أفق تعميمها خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، حيث قالت إن ذلك "سيمكن من ترسيخ النفس الديمقراطي وفتح التجربة المغربية على نماذج متقدمة عبر العالم". وفي نظر حركة "معاً"، فإن هذه الاقتراحات "تعبر عن غاية فضلى تتجسد في تكريس مبدأ المشاركة السياسية للمواطنين المغاربة أينما وجدوا، وإدماجهم في الشأن العام، وتعزيز ارتباطهم بوطنهم الأم، ناهيك عن الاستفادة من خبراتهم المتعددة وتشبعهم بالديمقراطية فكراً وممارسة". ويُقدر عدد أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج بحوالي 6 ملايين شخص يعيشون في القارات الخمس، ويتركز أغلبهم في أوروبا، ولهم مساهمة وازنة في الاقتصاد المغربي بحيث تمثل تحويلاتهم المالية سنوياً أكثر من 5 في المائة من الناتج الداخلي الوطني.