إن الباعث وراء كتابة هذه الأسطر خبر تناقلته وسائل الإعلام الفرنسية والأوروبية ابتداء من يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر يناير 2021، ومفاده أن الرئيس الفرنسي ماكرون قد وعَد بتخصيص موازنة معتبرة للاشتغال على تطوير « الحاسوب الكمي » (Quatum computer)، وذلك للإبقاء، حسب قوله، على فرنسا وأوروبا في حلبة المنافسة، جنبا إلى جنب مع العملاقين، أمريكا والصين. ويستدعي هذا الخبر أكثر من وقفة تأمل؛ فهو، بداية، دليل على وجود عقل مستشرف يحاول النظر في البعيد الغامض؛ وقد مكّنه هذا النظر من إدراك دور التكنولوجية المتنامي في تحقيق الريادة في عالم الغد. هذا من وجه. ومن وجه آخر، فإن الخبر يتعلق بابتكار تكنولوجي ذي مواصفات محددة يجب الوقوف عند أهميتها. فالحاسوب الكمي المتحدث عنه ليس أداة تكنولوجية جديدة فحسب؛ بل ابتكار يُشترط في إتمامه تجاوزٌ لمبادئ العقل المنطقي التقليدي، واعتماد مبادئ الفيزياء الحديثة. قبل التفصيل في موضوع المبتكرات التكنولوجية الجديدة، في علاقتها بمبادئ العقل، لا بد من الإشارة إلى دور هذه المبتكرات في إقرار موازين القوة ورسم ملامح عالم الغد الجيو-استراتيجية. فالواقع الكوني الحالي يشهد تفاوتا كبيرا بين ثلاثة أصناف من المجتمعات من حيث الوعي بأهمية التكنولوجية والقدرة على الالتحاق بمنظومتها الجديدة. نفهم من كلام الرئيس الفرنسي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين يتصدران لائحة المتفوقين في الخبرة التكنولوجية اللازمة لريادة العالم؛ كما نفهم من كلامه أن فرنسا ونظرائها لا ييأسون من الالتحاق بركب هؤلاء المتفوقين. ونستنبط من سياق الكلام وجود صنف ثالث مسكوت عنه، ألا وهو صنف المجتمعات العاجزة عن الالتحاق بركب التكنولوجية؛ المجتمعات التي لا تطمع، إما لظروف ذاتية أو موضوعية، في توظيف الابتكار التكنولوجي بغرض إثبات الذات في عالم الغد. ونتخلص من هذا التقديم إلى التأمل في واقع التكنولوجية اليوم وما يزخر به من تطورات مذهلة؛ ولا يسعنا هنا إلا التسليم لكل قائل يقول بأننا إزاء ثورة عفّت على كل ما قبلها، وتمنع تصوّر ما قد يكون بعدها، ثورة سيكون لها من الأثر في تاريخ البشرية أكثر مما كان للثورة الصناعية. فإذا كانت الثورة الصناعية، كما يقال، قد مكّنت الإنسان من تجاوز حدود قوته الجسمانية العضلية، بحيث صار بمقدور الفرد الواحد، بفضل آلة واحدة صغيرة، أن يرفع من الأثقال ما كان يعجز عن رفعه عشرات، بل مئات الأفراد مجتمعين؛ فإن الثورة التكنولوجية التي تعتمل في واقعنا اليوم، ستمكّن الإنسان، بفضل الذكاء الاصطناعي، من تخطي حدود قوته العقلية في التفاعل مع الواقع الكوني تفاعلا ذكيا، إن على مستوى فهم هذا الواقع واستيعابه، أو على مستوى التأثير فيه وتغييره. حين نتأمل في أحوال عالمنا المعاصر، يدعونا ذلك إلى القول بأن الابتكارات التكنولوجية الحديثة التي وسّعت مجال الرؤية البصرية، قد وسّعت بنفس القدر ساحة البرهان العقلي. لا شك أن ما حصل من تطور تكنولوجي هائل مكّن العين من النظر في الظلام بفضل الأشعة تحت الحمراء، ومن اختراق الحجب للنظر ما وراء الأجسام بفضل الموجات الفوق صوتية، ثم النظر في الماضي بواسطة أدوات قياس حرارة الأجسام عبر ما تخلّفه من أثر،... لا شك أن لهذا التطور دورا كبيرا في تمكين العقل الإنساني من استيعاب الواقع المنظور وفهمه بعد تشريحه وتفكيكه إلى عناصر جزئية متناهية الصغر. معلوم أن الإنسان كان وما يزال أميل إلى الاعتقاد أن البرهان يكون أقوى مع الحقيقة « المتعيّنة »، أو الماثلة أمام العين. وهذا ما تدل عليه بعض الأقوال المأثورة، مثل قولنا: « ليس من سمع كمن رأى »، أو « ليس الخبر كالعيان ». فالحقيقة الماثلة أمام العين أبلغ في وصف الواقع وأقدر على النفاذ إلى عمقه من غيرها من الحقائق، وعلى رأسها الحقيقة المسموعة، أو المنقولة. غير أن زمن الحقيقة المتعيّنة أضيق من زمن غيرها من الحقائق. ألا ترى أن الحدث المتعيّن لا يلبث أن يتحقق أمام العين حتى يختفي ويزول، ليصبح أثرا بعد عين كما يقال؛ وعندها يتحول إلى خبر تلوكه الألسنة وتتلقفه الأسماع دون انقطاع. ومع هذا التحول من الحدث إلى الخبر، تضيق مساحة البرهان وتتسع ساحة الجدل حول الصدق والكذب، والخطأ والصواب. مع التطور التكنولوجي لم يعد الواقع المنظور مجرد لحظة عابرة يختلف الناظرون، كل بحسب زاوية نظره، في نقلها بعد تعقّلها. حين نتأمل في تقنية الفيديو المعتمدة لمساعدة الحكام في إدارة مباريات كرة القدم، مثلا، نجد أن التكنولوجية أصبحت تتيح « عرض الواقع » من جديد للوقوف عند حقيقة ما وقع. بعد أن كان الحدث العابر مرتبطا بلحظة حدوثه ووقوعه، لحظة زمنية لا تعود، صار اليوم، بفضل تقنيات التصوير، مشاهدَ ومناظرَ لا صلة لها بزمن وقوعها، بل بأزمنة مختلفة، أزمنة إعادة عرضها وقراءتها. لقد مكنّت تقنية التصوير الإنسانَ من « تقليب النظر » في الوقائع والأحداث، في ما جرى وانتهى زمن جريانه، بعد أن كان من قبل لا يقلّب نظره إلا في الأشياء الجامدة، يعاينها من « زوايا نظر » مختلفة. ولا شك أن لهذا التحول من القدرة على تقليب النظر في الشيء الثابت إلى القدرة على تقليبه في الأشياء المتحركة انعكاسات كبيرة، أدناها الانعكاس على السلوك الإنساني، بحيث صار الإنسان، وهو يعلم أن حركاته مثل سكناته أصبحت مثبّتة في سجل من الصور يمكن فتحه في كل لحظة، صار يحتاط بخصوص ما يأتيه من أفعال، فيختار منها ما يليق ويدع ما لا يليق. هذا على أن الانعكاس الأكبر لهذا التحول هو في العمق انعكاس على بنية العقل المنطقي الكلاسيكي، خصوصا على طرق تمثّل هذا العقل لماهية الأشياء. إن التوسع في وظائف حاسة النظر، بفضل الابتكارات التكنولوجية، أفضى إلى توسّع في أفق النظر الفكري والفلسفي. لم يعد العقل يكتفي بسؤال الماهية، يطلب جوابا لحقيقة الشيء في حال جموده، كأن يسأل مثلا: « ما هو العالم؟ »؛ بل صار، وهو يقلّب نظره في حركة الأشياء، يسأل سؤالا آخر، متعلقا بحقيقة الشيء في حال حركته وجريانه، كأن يسأل مثلا: « ماذا يفعل العالم؟ ». والفرق كبير بين السؤالين وما يبلّغانه العقل من أجوبة. إن البحث في مظاهر التطور التكنولوجي الحاصل اليوم يدعونا إلى الإقرار بالعجز عن إدراك الحد الذي يقف عنده تأثير التكنولوجية الرقمية الذكية، هذه التكنولوجية التي أصبحت توسّع ساحة الذكاء لترسم ملامح عقل إنساني جديد. فقد بلغت التكنولوجية من التطور أن مكّنت الآلة من التعلّم ( Deep learning )، فصارت أقدر على التمييز بين الأشياء بعد أن كانت لا تتعدى طور النقل والتصوير. يكفي لهذه الآلة أن تميّز بين ورقتين من أوراق نوع من الشجر، حتى تمضي في تصنيف كل ورقة جديدة تعرض عليها وفق خصائصها الدقيقة التي تتميز بها عن الأوراق المصنفة الأخرى، وهذا إلى ما لا نهاية. قد يبدو هذا الأمر عاديا لأول وهلة؛ إلا أنه في العمق يؤشر على منعطف كبير في تاريخ العقل البشري. بفضل قدرة الآلة الفائقة على الاستقراء والتمييز بين المتغيرات، تدخل المنظومة العلمية مرحلة جديدة تتوسع معها ساحة الجزئي على حساب الكلي. فالطب، مثلا، سينحو منحى التعامل مع الحالات الفردية، أكثر من تعامله السابق مع الظواهر العامة. فقد أصبح الطبيب، أمام ما تتيحه التكنولوجية من قدرة فائقة على جمع المعلومات عن المريض وسرعة معالجتها، قادرا على النظر في جملة من العلاقات ما كان ليلتفت إليها من ذي قبل. لم يعد فحص مرض الكبد، مثلا، مقصورا على النظر في بعض الأعراض العامة التي يشترك فيها كل مرضى الكبد، بل صار يُأخذ بعين الاعتبار حالة الفرد وعلاقتها مع متغيرات كثيرة يعجز العقل عن إحصائها دون توسط الأداة التكنولوجية. بهذا سيصبح وصف العلاج وصفا فرديا، يتوقف على معرفة معطيات متعلقة بأصل الفرد الجغرافي والوراثي والبيئة التي يقيم فيها، ونظام حركته وتغذيته، وفصيلة دمه، وطبيعة عمله وعلاقاته الإنسانية، وأشياء كثيرة أخرى لا تخطر على بال، وهي أكثر من أن يحصيها عقل إنسان. هذا غيض من فيض، فيه بيان لطبيعة الأفق البحثي والعلمي والعملي الذي أصبحت التكنولوجية ترسمه أمام العقل، كما فيه بيان لماذا أصبح التفكير في حاسوب كمي يكون أسرع من الحاسوب الحالي حاجة مُلحّة. ولعل الحاجة إلى هذه الآلة تزيد مع الحاجة إلى التحكم في حياة الفرد وتشكيل بنية المجتمع. فقد أصبح إحصاء الظواهر المجتمعية وفهم العلاقات بين الأفراد الذين لا ينقطعون عن تصوير ما يحدث من حولهم ولا يتوقفون عن بثه في وسائل التواصل الاجتماعي، أو في الفضاء العمومي الرقمي الجديد، أصبح أمرا رهينا بامتلاك تكنولوجية فائقة السرعة، سواء في جمع المعلومة أو في معالجتها. إن التفكير في تطوير الأداة التكنولوجية قد أصبح جزء من التفكير في سبل التمكّن من التدبير السياسي والأمني. معلوم أن الفضاءات العمومية الرقمية أصبحت تعج بملايين الأحداث المرئية والصور التي لا تنضبط بضابط ولا ترتبط برابط؛ ومعلوم كذلك أن العقل أصبح حائرا أمام صبيب الصور والمشاهد الذي لا ينضب، يقف عاجزا عن تعقّل ما يحدث في عالمه المنظور، يعييه التصفح وتقليب الصور؛ بحيث لو أراد أن يتمثّل حقيقة لحظة تاريخية واحدة من خلال الصور المعروضة، لاحتاج إلى أن ينظر بعينه في آلاف شاشات العرض مرة واحدة، وهذا أمر متعذر، يظل فوق طاقة العين المجردة. إلا أن ما تعجز عنه هذه العين، لا يُعجِز العين التكنولوجية التي أصبحت تتوسل بالذكاء الاصطناعي الفائق لتنظر وتحلل وتتعقّل. فقد صار بمقدور المالك لهذه التكنولوجية أن يخبرك، قبل أن يرتد إليك طرفك، عن القواسم المشتركة بين مظاهر الواقع المرئي وأوجه الاختلاف بينها؛ كأن يخبرك بأن من ضمن مائة ألف فيديو بثت هذا الصباح على اليوتيوب، هناك هذا القدر أو ذاك من الفيديوهات التي تم تصويرها في حضن الطبيعة، مثلا؛ أو داخل غرف مغلقة؛ أو أن يخبرك عن القاسم المشترك بين ما يقوم به أصحاب الفيديوهات من أنشطة، فيصنف لك الأفراد بحسب اهتماماتهم الرياضية والفنية والجنسية وما إلى ذلك. ولا شك أن المالك لهذا الذكاء الاصطناعي ولأكثر الأدوات التكنولوجية سرعة هو أقدر من غيره على قراءة الواقع ومعرفة ما يختصم فيه من عزائم وأحاسيس وتطلعات، وبالتالي يكون أوفر حظا من غيره في التحكم في المجتمع وتوجيه دينامياته. لم يعد الفضاء العمومي بمعناه القديم هو المصدر الوحيد لمعرفة الواقع المجتمعي، أو جس نبض الشارع كما يقال. لقد أجهزت الوسائل التكنولوجية أو كادت تجهز على الفضاء العمومي المرتبط بالمكان الجغرافي، القائم على سلطة الأغلبية؛ وهي الآن بصدد إرساء دعائم فضاء هجين، اعتمادا على حركة الأفراد، ذهابا وجيئة، بين الفضاءين الجغرافي والرقمي الافتراضي. بعد هذه الأمثلة عن أوجه التطور التكنولوجي ونفوذ الأداة التكنولوجية المتزايد في تدبير شؤون الأفراد والمجتمعات، نختم بما يجب أن يُعرف من أمر الحاسوب الكمي الذي كان محور حديث الرئيس الفرنسي. ونُذكّر أن هذا الحاسوب هو أكثر من مجرد أداة أسرع من سابقاتها من الأدوات. إنه على الحقيقة امتداد لعقل يقطع مع علوم الآلة التقليدية كلها. ذلك أنه يقوم على مبدأ غير مبدأ « الثالث المرفوع » الذي نحكم بموجبه على الأشياء إما أن تكون أو لا تكون. إن ما يستوقفنا من أمر الحاسوب الكمي، بعيدا عن التفاصيل الفيزيائية المعقدة والمستعصية على الفهم، هو كونه أداة يُتوسّل في صنعها بمنطق جديد لا يقوم على مشاهدة الأشياء في عالمنا المرئي؛ منطق يقوم على ما يتيحه النظر بوسائل تكنولوجية في عالم الذرة المتناهي الصغر، حيث تتفلت الأشياء من قبضة منطق الهوية الثابتة، فتدخل في وضع هويات مركبة ( Superposition )، يكون بموجبها الشيء ذاته وغيره في نفس الآن. ليس عجيبا أن تخلق التكنولوجية ثقافة جديدة، تقطع مع التصورات التي انبنت عليها الثقافة السائدة. لم يعد العقل التكنولوجي يعنى بالبحث عن التطابق بين الحقيقة والواقع، بل صار يعنى بصناعة هذا الواقع وبرمجته. وهكذا أصبحت التكنولوجية لا تقف عند حد تجاوز مبادئ العقل الذي ظل ينظر بالعين المجردة فحسب، بل جعلت تطرح تحديات كبرى أمام منظومة القيم الموروثة من الأزمنة الثقافية التي تسبق الزمن التكنولوجي. ولعل ما تقتضيه مجابهة هذه التحديات، ضمن ما تقتضيه، الوعي بطبيعة الواقع كما أصبح يتشكل في الزمن التكنولوجي. ولا ينفعنا أن نشيح بأعيننا عن هذا الواقع، وكأنه غير موجود، فنحكم عليه بمقاييس عقلية قديمة؛ أو نتشبت بمنظومة ثقافية لا تسعف في إنتاج الأسئلة التي تفضي الأجوبة عنها إلى فهم ما يحصل من حولنا من تطورات، كأن نستمر في معاهدنا ومؤسساتنا الجامعية في طرح سؤال جواز الاشتغال بالمنطق الأرسطي، نردد مع الناظم: « والخلف في جواز الاشتغال به على ثلاثة أقوال... ». يتحدث « كارل بينيديكت فري » ( Carl Benedikt Frey ) في كتابه المعنون « فخ التكنولوجية » ( The Trap of Technology )، عن مظاهر الأضرار التي ألحقها التطور التكنولوجي عبر التاريخ ببعض الشرائح من المجتمع، خصوصا على المدى القصير؛ يشير إلى فئة من العمال كانت مهمتهم صعود أعمدة الإنارة لإشعال المصابيح التي تضيء شوارع نيو يورك قبل حلول الظلام مساء، ثم إطفائها قبل طلوع الشمس صباحا. لقد تم الاستغناء عن مهارة هؤلاء العمال مباشرة بعد تزويد شوارع المدينة في سنة 1914 بمصابيح كهربائية تُشغّل بمجرد الضغط على زر من الأزرار، فأصبحوا بين عشية وضحاها عاطلين عن العمل، خارج التاريخ. وما أشبه حال هؤلاء العمال بحال مجتمعات الصنف الثالث العاجزة عن التفكير في توظيف التكنولوجية في فرض ذاتها في عالم اليوم. هناك موانع كثيرة تمنع هذه المجتمعات من دخول الزمن التكنولوجي، موانع موضوعية خارجية، وموانع أخرى ذاتية داخلية. فمن الموانع الذاتية الداخلية ما هو سياسي مرتبط بامتناع السلطة الحاكمة عن طلب التطور التكنولوجي خشية فقدان الهيمنة؛ ومنها كذلك ما هو ثقافي مرتبط ببنى ثقافية قديمة ترى في الجديد التكنولوجي ما يجردها من شرعيتها المعنوية؛ ومنها ما هو اقتصادي مرتبط بالخوف من أن يفضي توظيف التكنولوجية الجديدة إلى فقدان مناصب شغل قديمة. وفي الختام نقول إن من يُطل الفكر في عالم اليوم لا بد أن يلوح له ما أصبح لعمالقة التكنولجية من قوة وقدرة على التحكم في مصير الأفراد والمجتمعات. وهذا أمر لا يلاقي رضا النفوس وإعجابها دائما. فإذا كان للتطور التكنولوجي أوجه يحسن بها، فله كذلك أوجه أخرى يسمج بها. ومن المعلوم أن الوعي بهذه الأوجه كلها يتوقف على دخول الزمن التكنولوجي. إلا أن الأفراد والمجتمعات أصبحت لا تملك أن تدخل هذا الزمن كما تريد هي، بل تدخله كما يراد لها أن تدخل. وهذا لعمري من المفارقات التي تستوقف العقل وتستحثه على التدبر في سؤال الآلة في علاقته مع أسئلة العقل والثقافة والجيو-استراتيجية، وسؤال المعنى على وجه الخصوص.