لم يخطر في البال إطلاقا، أن تتحول دموع القيادي في حزب العدالة والتنمية، الأستاذ عبد العالي حامي الدين، ووزير الميزانية في حكومة عبد الإله ابن كيران، السيد إدريس الأزمي، إلى موضوع للسخرية الإعلامية المقيتة ، من قبل أشباه الصحفيين، صغار الهمة والشأن، الذين باتوا يتربصون بكل "شاذة وفادة" للإساءة إلى كل ما هو جميل في هذا الوطن... بكاء القياديين في البيجيدي، حامي الدين وإدريس الأزمي، في سياق تفاعلهما الوجداني مع الكلمة القوية التي ألقاها رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر شبيبة حزبه، لا يمكن التعامل معه كضعف أو هوان في شخصية الرجلين، بل على العكس من ذلك تماما، بكاؤهما إحساس إنساني نبيل، يعكس حجم الضغوط، التي يتعرض لها حزب العدالة والتنمية ومناضليه، على عدة مستويات، مند تنصيب الحكومة من قبل البرلمان إلى غاية اليوم.. البكاء في مؤتمر شبيبة العدالة والتنمية ليس هو الحدث، الذي يستدعي التوقف عنده والتفصيل فيه، بل الحدث، هو ما قاله رئيس حكومة عن التماسيح والعفاريت...هو الرسائل المشفرة والصريحة التي بعث بها عبد الإله ابن كيران إلى كل من يهمهم الأمر...هو النداء الذي وجهه الأمين العام للبيجيدي إلى شبيبة حزبه ومن خلالها إلى الشبيبة المغربية حول دورها في مناهضة الفساد والاستبداد ....هو الاستفسار الصريح الذي وجهه إلى كل أولائك الذين مورست عليهم الضغوط لسحب توقيعاتهم التضامنية مع عبد العالي حامي الدين، بعد ساعات فقط من نشر بيان التضامن معه في الصحف والمواقع الالكترونية. التركيز إعلاميا، على حالات عرضية في مؤتمر سياسي، كانت رسائله عميقة وغير عرضية، سلوك يستغبي المغاربة ويحتقر ذكائهم السياسي، في التعاطي مع المواقف السياسية، التي يتم تصريفها من قبل الفاعل السياسي في المغرب، أيا كان انتمائه وموقعه؟ الضغط، الذي يتعرض القيادي في العدالة والتنمية، الأستاذ حامي الدين، لا يمكن الاستهانة به، أو التنقيص من وقعه على نفسيته ومعنوياته ووجدانه الإنساني. حامي الدين، يتم التشهير باسمه وتلطيخ صورته، في الوقفات الاحتجاجية، وفي عدد من المواقع الالكترونية، بعد وضع شكاية جديدة في حقه بشأن ملف بنعيسى آيت الجيد، بعد مضي سنوات من جريمة اغتياله، والتي سبق وأن حوكم فيها حامي الدين بسنتين سجنا، قبل تبرئته من المنسوب إليه قضائيا، والإقرار بذلك من قبل هيئة الإنصاف والمصالحة .. ! الحملة الإعلامية المكثفة، والمبادرات الاحتجاجية المتفرقة، ضد الأستاذ حامي الدين، تبرز، بما لا يدع مجالا للشك، بأن هناك أطراف سياسية أو أيادي خفية، تقف وراء هذا الاستهداف. كما أن العودة إلى ملف، تعود وقائعه إلى سنوات خلت، في سياق تدافع سياسي حامي الوطيس، بين حزبه الذي يقود الحكومة وخصومه السياسيين الذين يسميهم رئيس الحكومة بالتماسيح والعفاريت أوالحزب السري، دون فتح النقاش عن جرائم الاغتيال السياسي في المغرب بشكل عام، عودة تطرح أكثر من علامة استفهام حول أهدافها ومراميها السياسية، بغض النظر عن حق العائلة في كشف حقيقة مقتل ابنها بنعيسى آيت الجيد؟ بكاء حامي الدين في مؤتمر شبيبة العدالة والتنمية، بكاء مشروع، يعكس حالة الإحساس بالمظلومية التي تولدت لديه بفعل قوة الاستهداف الذي يتعرض له...أما بكاء إدريس الأزمي، وزير الميزانية في حكومة عبد الإله ابن كيران، فهو بكاء من وجهة نظري، يعبر بشكل صادق عن حب الانتماء للحزب والوطن .. دموع وزير الميزانية، وقسمات وجوه باقي وزراء حزب العدالة والتنمية، كما بدا واضحا في شريط الفيديو، الذي تناقلته المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، تعكس حالة القلق الجماعي للقيادة الحزبية للبيجيدي، من حملة التشويش الكبير، على مشاريع الحكومة ومبادراتها الإصلاحية من قبل من أسماهم أفتاتي بحراس المعبد أو الحرس القديم بلغة حامي الدين. مهما اختلفنا مع حزب العدالة والتنمية، بشأن طريقة تدبيره للشأن العام، أو حول تصوراته لعدد من المشاريع الإصلاحية والمبادرات الحكومية، فالمؤكد أن هذا الحزب، وصل للتدبير عن طريق صناديق الاقتراع. كما أن أساليب الاختلاف معه، ينبغي ألا تخرج عن نطاق ما يسمح به الدستور، وأن تحترم شروط وقواعد اللعبة السياسية، دون اللجوء إلى وسائل الإكراه السياسي، التي يمكن لها أن تمس بصورة الحكومة وبسمعة البلاد، ويمكن لا قدر الله، أن تتسبب في أزمات لا نعرف كيف نتعامل معها؟ من قبيل المضحكات، في خطاب بعض الأطراف الحزبية السياسية التي تعارض حزب العدالة والتنمية، أن نقرأ مثلا، تصريحا لأمين عام أحد الأحزاب السياسية، يعاتب حكومة عبد الإله ابن كيران عن سوء تدبيرها لملف الصحراء، على خلفية الأزمة الأخيرة، بين واشنطن والرباط، بسبب التوصية التي كان يتضمنها مشروع القرار الأمريكي في صيغته الأولى، وكأن المبادرة في تدبير ملفات السياسية الخارجية التي يعرف الجميع إلى أي مجال تنتمي، حق تاريخي لرؤساء الحكومات وقيادات الأحزاب؟ الاستهداف السياسي لحكومة عبد الإله ابن كيران، يفوق طاقة الحكومة، وبكاء حامي الدين أو الوزير الأزمي، ليس ضعفا، لكن، ما يخشى منه بكل صدق، أن يمس هذا الاستهداف، بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، في ظل متغيرات وطنية وإقليمية ودولية متسارعة. حزب العدالة والتنمية، ليس مسؤولا عن الأزمة، التي تعود جذورها لعقود من التدبير الفاسد، وأي محاولة لإسقاط هذه الأزمة على حزب، العدالة والتنمية ستكون نتائجها عكسية. كما أن أي محاولة لإسقاط هذه الحكومة، التي تتمتع بالشرعية الديمقراطية، بحكم انبثاقها هن صناديق الاقتراع، لن تزيد إلا من احتقان الوضع، وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل 20 فبراير، وهذا ما لا يرغب فيه الشعب، الذي سئم من البكاء على تردي وضعه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، طيلة عقود من الزمن، بفعل السياسات اللاشعبية للحكومات التي قادتها أحزاب المعارضة، وبفعل تحكم رموز الفساد والاستبداد في مفاصل الدولة وأركانها.