يتحرك وزير الخارجية الجزائري بمجرد تحقيق المغرب لنصر دبلوماسي في ملفات إقليمية ودولية؛ فبعد القرارات الهامة التي أعلن عنها الليبيون من مدينة بوزنيقة الأسبوع الماضي حول المناصب السيادية، "طار" صبري بوقدوم إلى ليبيا للجلوس مع مختلف أطراف الأزمة. وعقد وزير الخارجية الجزائري، في اليومين الماضيين، لقاءات مع كل من فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، ومحمد الطاهر سيالة، وزير الخارجية في حكومة الوفاق الوطني، وخالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، وحمودة سيالة، رئيس مجلس النواب الليبي في طرابلس. وشدد بوقدوم خلال زيارته على ضرورة احترام الدور الجزائري في حل الأزمة الليبية، وهو موقف يأتي حسب مراقبين بعدما تحولت مدينة بوزنيقة إلى فضاء مفتوح للاتفاق حول الإشكالات الكبرى التي تواجه المصالحة الليبية. ورحبت جامعة الدول العربية، في بيان لها الأحد الماضي، بالتفاهمات التي توصل إليها وفدا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبيين في الاجتماعات التي استضافتها المملكة المغربية ببوزنيقة يومي 22 و23 يناير الجاري، بشأن توحيد المؤسسات الليبية وشاغلي المناصب السيادية للدولة وفق الإطار الذي ينظمه الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات. بعد جولة فاشلة قام بها منتصف الشهر الجاري إلى جنوب إفريقيا وليسوتو وأنغولا وكينيا تمحورت حول تنسيق الجهود في ملف الصحراء المغربية خلال القمة الإفريقية المرتقبة الشهر المقبل، استأنف وزير الخارجية الجزائري زيارته إلى دول إفريقية خلال الأسبوع الجاري. وكشفت وسائل إعلام جزائرية مقربة من النظام العسكري أن زيارة بوقدوم تأتي في سياق معركة إفريقية خفية، قبل أيام من القمة العادية للاتحاد الإفريقي المقرر عقدها عبر الفيديو في 6 و7 فبراير المقبل في أديس أبابا. وأجرى صبري بوقدوم زيارة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية يومي 25 و26 يناير الجاري، حيث تم استقباله من طرف الرئيس فيليكس أنطوان تشيسيكيدي تشيلومبو. وقال بيان لوزارة الخارجية الجزائرية إن "زيارة بوقدوم إلى كينشاسا تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية ودراسة سبل ووسائل تطوير التعاون بين البلدين، وكذا في إطار التشاور الثنائي حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما وأن جمهورية الكونغو الديمقراطية ستتولى الرئاسة المقبلة للاتحاد الإفريقي". وبعد فشل جنوب إفريقيا من خلال رئاستها الدورية لكل من الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن الدولي في إقناع أطراف إقليمية ودولية بإدانة الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، تضغط الجزائر على جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تتولى اعتبارا من 6 فبراير المقبل، ولمدة عام، الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي، ما يعني تواجدها ضمن الرئاسة الإفريقية الخاصة بملف الصحراء "الترويكا". وفي ظل رفض المغرب لاستغلال الاتحاد الإفريقي ومنظماته الموازية كأداة لخدمة أجندات أيديولوجية وسياسية حول قضية الصحراء المغربية، تتحرك الجزائر مجددا لإعادة الملف إلى اهتمامات مجلس السلم والأمن الإفريقي، بعدما أحبطت الدبلوماسية المغربية مرات عدة مخططات لإدراج فقرات تتحدث عن الصحراء ضمن تقارير هذا المجلس الذي يقوده أحد أشد أعداء المملكة بالاتحاد الإفريقي، الجزائري إسماعيل شرقي. رئيس مجلس السلم والأمن الإفريقي الجزائري إسماعيل شرقي، الذي استغل منصبه الذي سيغادره قريبا لمهاجمة المغرب، خرج بتصريح عشية انعقاد القمة الإفريقية، قال فيه إن النزاع بين المغرب "والجمهورية الوهمية" قد يهدد الاستقرار الإقليمي، داعيا إلى التعجيل بتنظيم "استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي". ونشرت الأممالمتحدة، أمس الأربعاء، الرسالة التي بعث بها مؤخرا عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، والتي ندد فيها باستغلال جنوب إفريقيا لرئاستها للاتحاد الإفريقي كأداة لخدمة أجندتها الأيديولوجية والسياسية حول قضية الصحراء المغربية. وشجب السفير هلال، في هذه الرسالة المؤرخة في 19 يناير 2021 التي تم نشرها كوثيقة رسمية لمجلس الأمن وستسجل في سجلات الأممالمتحدة، حملة بريتوريا ضد مغربية الصحراء. وحذر سفير المملكة في الرسالة من أن "هوس جنوب إفريقيا بتركيز اهتمام الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن على قضية الصحراء المغربية، وتجاهلها للقضايا الوجودية الإفريقية، يقوض كليا مزاعمها بإصلاح مجلس الأمن".