يُغادر دونالد ترامب البيت الأبيض رسميا اليوم الأربعاء، وذلك بعدما بصم على قرار تاريخي يقضي بالاعتراف بمغربية الصحراء وبفتح قنصلية لواشنطن بمدينة الداخلة، وهو القرار الذي لم يسبق لأي رئيس أمريكي أن اتخذه بشأن النزاع الإقليمي. ويعول خصوم المغرب، وخصوصا اللوبي الأمريكي الذي يعمل لصالح الجزائر، على إقناع فريق جو بايدن بالتراجع عن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء تحت مبرر الحفاظ على المصالح مع الجزائر، في وقت تبدي الرباط ثقتها في الشراكة الاستثنائية التي ظلت تجمعها مع واشنطن بتعاقب جميع الإدارات الأمريكية، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية. أولى الرسائل الإيجابية التي تخدم المغرب بشكل غير مباشر تلك التي عبر عنها مرشح الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لمنصب وزير الخارجية أنتوني بلنكن، أمس الثلاثاء، خلال حديثه عن رؤيته لقضايا منطقة الشرق الأوسط، إذ أشاد في كلمة ألقاها أمام مجلس الشيوخ الأمريكي ب"اتفاقات إبراهيم"، التي أبرمتها إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بين إسرائيل وعدة دول عربية. وقال بلنكن: "نحن ملتزمون بأمن إسرائيل"، وتعهد بأن تعمل إدارة بايدن على البناء على اتفاقات السلام بين إسرائيل والدول العربية، وزاد: "ينبغي أن أصفق لما حققته إدارة ترامب بشأن الاتفاقات الإبراهيمية، التي جعلت إسرائيل والمنطقة أكثر أمنا". واعتراف ترامب بمغربية الصحراء جاء في سياق استئناف المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل، في إطار اتفاق ثلاثي موقع بين الدول الثلاث بتاريخ 22 دجنبر 2020، ما يعني أن خرق إدارة بايدن لأي بند من هذا الاتفاق الثلاثي قد يدفع المغرب إلى قطع علاقاته مع إسرائيل. ويتضح من خلال تصريحات المرشح لمنصب وزير الخارجية أن إدارة بايدن ستتفادى القيام بأي إجراءات أو مراجعات لقرارات وقعها ترامب من شأنها أن تؤثر على علاقات إسرائيل مع الدول العربية. وحسب تصريحات دايفيد فيشر، سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية المعتمد لدى المملكة المغربية، فإن العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل لا تقف عند حدود فتح مكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب، بل إن هذه الخطوة ستتطور إلى فتح السفارتين قريباً، ما يعني أن المرحلة الثانية من تطوير العلاقات بين الطرفين قد تكون على مستوى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة في حالة مواصلة إدارة بايدن تنزيل التزاماتها. وذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية استنادا إلى مصادر داخل الحزب الديمقراطي أن الرئيس المنتخب جو بايدن، الذي سيتسلم السلطة رسميا اليوم الأربعاء، استقبل بترحيب كبير قرار المغرب إعادة علاقاته مع إسرائيل وكذا الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وأن إدارة الرئيس الجديد تعتبر المملكة حليفًا أساسيًا يمكن الاعتماد عليه كمحاور رئيسي بمنطقة شمال إفريقيا، مستبعدة بذلك أي نية لدى الإدارة الجديدة للتراجع عن قرار الإدارة السابقة. ومن الصعب على إدارة بايدن التراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء، بالنظر إلى ملايين الدولارات التي شرعت أمريكا في استثمارها بالأقاليم الجنوبية، والتي بدأ تنفيذ جزء منها خلال زيارة الوفد الأمريكي قبل أيام إلى مدينة الداخلة للوقوف على إجراءات افتتاح قنصلية واشنطن. وافتتحت أمريكا فرعا لمبادرة "ازدهار أفريقيا" من أجل تسهيل ولوج المستثمرين الأمريكيين إلى الأقاليم الجنوبية واختراق الأسواق الإفريقية بوضع ميزانية أولية تبلغ 5 مليارات دولار، وهو مخطط أمريكي رصدت له 60 مليار دولار يهدف إلى منافسة الهيمنة الفرنسية والصينية والروسية بالقارة الإفريقية.