نظم المرصد المغربي للدراسات والأبحاث حول المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية بكلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، يوم الخميس، ندوة وطنية حول موضوع "الديمقراطية التشاركية ومسار التنزيل الترابي.. أي حصيلة؟"، في إطار مشروع الشباب والمجتمع المدني دينامو الديمقراطية التشاركية، الممول من طرف الاتحاد الأوربي في إطار مشاركة مواطنة. ورصد الأكاديميون، الذين شاركوا في هذه الندوة التي نظمها المرصد سالف الذكر تحت إشراف رئيسة المرصد الأستاذة حنان بنقاسم، معيقات وتحديات عديدة ترافق مسار تنزيل الديمقراطية التشاركية على المستوى الترابي؛ منها ما هو مرتبط بالفاعلين والمجال في أبعاده المتعددة منها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية وغيرها، أمام وفرة الترسانة القانونية المتعلقة بالديمقراطية التشاركية، منقبين في الوقت ذاته عن الأسباب الحقيقية التي تعيق الديمقراطية التشاركية وآلياتها على مستوى التنزيل. رقية أشمال، أستاذة بجامعة محمد الخامس بالرباط، تطرقت في مداخلتها إلى موضوع الديمقراطية التشاركية بالمغرب بين أسس ومرتكزات التطبيق وتعثرات التضييق، من خلال ثلاثة محاور؛ أولها القواعد المتاحة والفرص الممكنة بالنسبة للديمقراطية التشاركية، مشيرة إلى القواعد الدستورية والقوانين التنظيمية الترابية، ومدى توطينها للروح الدستورية المرتبطة بالديمقراطية التشاركية. وأضافت أشمال أن واقع الممارسة مقيد بزمن ما قبل دستور 2011 وما بعده، مسجلة تناقضا في واقع الممارسة، معللة ذلك بوجود المكتسبات القوية التي تتعلق بالوثيقة الدستورية والقوانين التنظيمية، مقابل تأخر الذهنيات، موضحة أن النصوص عرفت تطورا مقابل عدم مواكبة الذهنيات لهذه النصوص والقواعد. وأكّدت الأستاذة بجامعة محمد الخامس بالرباط أن الخلل شمولي يحتاج إلى ثورة ثقافية، تبدأ من التربية والتعليم كمدخل أساسي، والاستثمار في كل الوسائط بما فيها الديمقراطية الافتراضية. وسجلت المتدخلة ذاتها أن 76 في المائة من الشباب لا يحضر دورات المجالس، واعتبرت ذلك مؤشرا على عدم ثقة المواطنات والمواطنين في الديمقراطية التمثيلية؛ وهو ما يجعلهم يلجؤون إلى المجتمع المدني. وفي السياق ذاته، سجّل عبد الحفيظ اليونسي، الأستاذ الباحث بكلية الحقوق بجامعة الحسن الأول بسطات، من خلال مداخلته حول التشاور العمومي، خمسة إشكالات حقيقية، مؤكّدا على ضرورة إعادة النظر في النص القانوني والممارسة داخل الجماعات قصد تجاوز العوائق الخمس. ولخص اليونسي العوائق الخمس في قضية الإحداث والتشكيل، وما هو المرتبط بمشكل التدبير وممارسة الاختصاصات، ثم التمويل والجانب المرتبط بعلاقات الهيئات بالمجالس المنتخبة وباقي المؤسسات، في حين يرتبط العائق الخامس بالبنية في حد ذاتها. وأكد الأستاذ الباحث بكلية الحقوق بجامعة الحسن الأول بسطات أن البلاد في حاجة إلى التشاور العمومي، لأنه في غياب الثقافة التشاورية داخل المجتمع خلال الأزمات يتم الاحتكام إلى القوة، موضحا أن المغرب في أزماته عبر التاريخ كان يلجأ دائما إلى آلية التشاور، مستحضرا دستور 2011 الذي عرف هيئة تشاور بين المؤسسة الملكية والأحزاب السياسية والفاعلين المدنيين، إذ جرى الاستماع إلى وجهات نظر مختلفة. من جهته، اعتمد أحمد حضراني، الأستاذ بجامعة المولى إسماعيل بمكناس ورئيس مركز الدراسات والحكامة والتنمية الترابية، في حديثه عن موضوع "الهيئات الاستشارية لدى المجالس الترابية.. الفرص والإمكانيات"، على الفصلين 136 و139 من الدستور، في التنصيص على حضور المواطن والمجتمع المدني في الوثيقة الدستورية، موضحا ذلك بحق المشاركة في تدبير الشأن العام، حيث انتقل المواطن من المتفرّج إلى الفاعل والمتابع للشأن العام خاصة الشأن العام المحلي. وأشار حضراني إلى الهيئات الاستشارية المتمثلة في هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع التي تشترك فيها الجماعات الترابية الثلاث، وهيئتين تنفرد بهما الجهات دون باقي الجماعات الترابية الأخرى وهي الهيئة المختصة بقضايا الشباب وأخرى مختصة بالقطاعات الاقتصادية. أحمد بودراع، أستاذ القانون بجامعة محمد الخامس بالرباط، تحدث خلال مداخلته حول الملتمسات في مجال التشريع، ورصد إشكالات عديدة مرتبطة بالقانون التنظيمي 14.64 الذي يحدد شروط وكيفية ممارسات الحق الممنوح للمواطنين والمواطنات، وأشار إلى أن الجمعيات لم تحظ بالعناية في هذا القانون التنظيمي. وسجّل بودراع من ثغرات عديدة تشوب القانون التنظيمي، التي تجعل المبادرة بالتشريع شبه مستحيلة، فضلا عن مآلها، على الرغم من أن المبادرة تحتاج إلى خطوات كثيرة وجهد جهيد، يقوم به أصحابها. في المقابل، تضيع تلك المبادرة ومجهوداتها في غياب من يتبناها من أحد أعضاء اللجنة المختصة، فضلا عن غياب الدعم المالي أمام ما تحتاجه من مصاريف. واعتبر أستاذ القانون بجامعة محمد الخامس بالرباط أن العقبة الأساس التي تواجه المبادرة في التشريع تتمثل في رفضها من قبل رئيس المجلس في غياب الضمانات، كالحق في الطعن في القرار مثلا.