لم يكن العام الماضي "استثناء" في مسار تدفقات المهاجرين المغاربة الآملين في الوصول إلى الجنوب الإسباني؛ لكن الملاحظ تغّير اتّجاهات "الحرّاكة" صوب الجزر الكناري، حيث استقبل الأرخبيل 23 ألف مهاجر، من بينهم آلاف المغاربة، بزيادة 880 في المائة عن عام 2019، وهو رقم لم يتم الوصول إليه مطلقًا في آخر 14 عامًا. ووفقا لبيانات وزارة الدّاخلية، نشرتها صحيفة "إسبانيول"، فقد استقبلت جزيرة البليار ما يزيد عن 16 ألف مهاجر، عبروا البحر الأبيض المتوسط؛ بينما يمثّل الجزائريون الأغلبية، بأكثر من 11200، وهو رقم قياسي. علاوة على ذلك، يتواصل التّدفق "الكثيف" للمهاجرين انطلاقاً من سواحل المتوسط. وخلال عام 2020، عانت جزر الكناري من أسوأ أزمة هجرة منذ عام 2006، الذي وصل فيه إلى الأرخبيل أكثر من 31 ألف مهاجر. وحسب بيانات الداخلية الإسبانية، يتركز الوافدون، في الأشهر الأربعة الأخيرة من العام، من المغرب، أبحروا من سواحل الصحراء المغربية؛ وهو الوضع لم يكن مشابهًا قبل أكثر 14 عامًا، بحيث كانت تنطلق موجات الهجرة من موريتانيا والسنغال وغامبيا. ويحتلّ المغاربة المرتبة الأولى من حيث عدد الواصلين إلى جزر الكناري بنسبة 51 في المائة؛ بينما ترجع النسبة المتبقية إلى دول من جنوب الصحراء الكبرى، مثل مالي وغينيا كوناكري وساحل العاج. خلال الأشهر القليلة الماضية، كانت نسبة المغاربة "في تصاعد"؛ بينما التوقعات بشأن الهجرة من وزارات الداخلية في جنوب أوروبا متشائمة مع بداية العام الجديد. وتضاعف عدد المهاجرين المغاربة الذين يقبلون على سواحل جنوب المملكة بهدف الوصول إلى جزر الكناري، خاصة خلال الأربعة أشهر الأخيرة، وهم يشكلون الغالبية العظمى بالمقارنة مع باقي الجنسيات؛ وهو ما يجعل إدارة أزمة الهجرة أكثر صعوبة، وتتطلّب حوارا جادا مع الجانب الرّسمي المغربي"، تقول صحيفة "إسبانيول". وعلى الرّغم من أن الرحلة إلى جزر الكناري أطول بكثير من الوصول إلى شبه الجزيرة والجنوب الإسباني، فإنّ المغاربة يفضّلون الطريق الأطلسي على المتوسط؛ بينما تشير أرقام منظمة كاميناندو فرونتيراس غير الحكومية بقيادة الناشطة هيلينا مالينو إلى تحطم 45 قاربا هذا العام، وتسببت في وفاة 1851 مهاجرا. ووفقا للمنظمة ذاتها، فقد توفي 2170 مهاجرا خلال العام الماضي، وعبّرت الهيئة الحقوقية عن أسفها لعدم التنسيق بين إسبانيا والدول الأخرى في المنطقة عند تنفيذ عمليات الإنقاذ. ويشير استمرار تدفق المهاجرين من المحيط الأطلسي إلى أن زيارة الوزير فرناندو غراندي مارلاسكا إلى الرباط في 20 نونبر لم يكن لها أيّ تأثير. ويعمل المغرب على إعادة المهاجرين من جزر الكناري عبر رحلات جوية أسبوعية، كما يتم التفكير في إعادة القاصرين عبر المعابر الحدودية لسبتة ومليلية المحتلتين. وخلال الشهر الماضي، وصل حوالي 65 مغربيًا إلى جزر الكناري. وقالت غراندي مارلاسكا بأن "علاقات التعاون والتنسيق والسياسة (…) مع المملكة المغربية استثنائية". وطلبت الرباط، في نونبر الماضي، عقد قمة ثنائية مع إسبانيا، قبل أن تتأجل إلى فبراير لأسباب صحية. وتمثّل الجزائر، حاليا، أكبر مصدر للمهاجرين إلى إسبانيا؛ وذلك على الرغم من زيارات غراندي مارلاسكا إلى الجزائر العاصمة في غشت، وبيدرو سانشيز في أكتوبر. بينما تعمل السلطات الجزائرية على نقل 120 مهاجرا من أليكانتي إلى وهران، تحت حراسة 240 شرطيا. وفي المتوسط، وصل 31 جزائريًا إلى إسبانيا يوميًا في عام 2020. بذلت البحرية الوطنية الجزائرية وقوات الدرك جهودًا لمنع ذلك من سواحل وهران ومستغانم، الأقرب إلى إسبانيا، يتم إلقاء القوارب المتجهة إلى مرسية وألمرية وأليكانتي في البحر، كما حدث على نطاق واسع في نهاية الربيع الماضي.