في الوقت الذي تخوض فيه الأطر العليا المعطلة نضالاتها قبالة البرلمان و تتعرض جراء ذلك لأقصى أنواع التعنيف و التنكيل لمطالبتها بالحق في الشغل و المشاركة في التنمية , تتكون صورة قاتمة عن البلاد في التقارير الدولية في شتى المجالات مما يؤشر أن الحرب الهستيرية التي تقابل بها مطالب المعطلين لا معنى لها , إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الدفع براهن و آفاق التنمية أمر بعيد المنال في غياب الأطر و الكفاءات . ففي تقرير المؤشر العالمي للسلم و الاستقرار و بخصوص مؤشر التنمية البشرية يقع المغرب في المرتبة 126 من أصل 175 دولة شملها التصنيف , و هي رتبة مخجلة إذا أخذنا بعين الاعتبار تقدم فلسطينالمحتلة (106) التي تعاني حصارا خانقا من الكيان الصهيوني , ويعتمد التقرير على مجموعة من المستويات في القياس منها مستوى التمدرس و درجة الأمية ومستوى الخدمات الصحية , هذا في الوقت الذي تقر فيه الحكومة المغربية بوجود خصاص مهول في قطاعي الصحة و التعليم على مستوى الموارد البشرية لن يغطيه أضعاف الأطر الموقعة على محضر 2 غشت. وفيما يتعلق بقطاع التعليم كشف تقرير البنك الدولي الأخير مرتبة المغرب المفاجئة و المخجلة و هي الرتبة 11 من أصل 14 دولة شملها التصنيف و كثيرا ما كان المغرب يزاحم جيبوتي في بعض المؤشرات و هي الدولة التي لم تنل استقلالها من الفرنسيين إلا في سنة 1997. وقد أكد تقرير البنك الدولي وجود فائض في الأيدي العاملة بالمغرب في الوقت الذي تؤكد فيه الكثير من الجهات حاجة التعليم إلى المزيد من الأطر, و أن إصلاح منظومة التعليم لا يقتصر على استبدال بيداغوجيا بأخرى أو مراجع مدرسية بأخرى و إنما يحتاج لأطر و كفاءات تسد الفراغ الذي تعاني منه المنظومة, و هي الأطر التي تجابه بأقصى أنواع المعاملة قبالة البرلمان, و يصل الأمر بالمسؤولين الأمنيين إلى استعمال العنف المفرط المؤدي إلى عاهات مستديمة و كأن توصيات التقارير الدولية تنص على مكافحة المعطلين وليس إشراكهم في التنمية . هذه نبذة عن صورة المغرب في التقارير الدولية و ارتباطها بالأطر العليا المعطلة, و عوض الخوض في هذه التقارير بالتشكيك في مناهجها المعتمدة و أحكامها و استنتاجاتها حري بالمسؤولين الحكوميين التفاعل مع توصيات هذه التقارير بشكل إيجابي وذلك بإشراك الأطر العليا المعطلة في العملية التنموية و باستبعادهم ستظل التنمية في بلادنا كالأرجوحة التي تتحرك جيئة و ذهابا لكنها في واقع الحال لا تبرح مكانها .