بعد ست سنوات من بروزها في المشهد الإعلامي الوطني، كأكبر جريدة إلكترونية بالمغرب، تحظَى بعدد زيارات يوميَّة يربو على المليون، و90 مليون صفحة مشاهدة شهرية، نظمت هسبريس بشراكة مع مركز ابن رشد للدراسات والتواصل، أول منتدى لهَا مع قرائها، بأحد فنادق الرباط، لأجل تقييم ما تقدمه الجريدة، ورغبة في الإصغاء إلَى ملاحظات قرائها وانتقاداتهم. وقال المعطِي منجيب، رئيس مركز مركز ابن رشد للدراسات والتواصل، في كلمة له، إنَّ جريدة هسبريس واحدة من المنابر المشتغلة لأجل المواطن، بدون أهداف تجاريَّة أو إيديلوجيَّة، مع فتح المجال لجميع الآراء، "حيث يمكن الاطلاع على المعلومات في الموقع وعلى نقيضها في الآن ذاته". ومن جانبه، ركزَ الأستاذ الباحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط، محمد الساسي، في مداخلته، على الصحافة المعارضة، متحدثاً عن مراحل نشأة الصحافة الحزبية المعارضة، منذ الاستقلال إلى حين ظهور الصحافة المستقلة، أواسط تسعينات القرن الماضِي. وقال الساسي، إنَّ ظهور الصحافة المستقلة "أدى إلى تراجع مريع للصحافة الحزبية، مضيفاً أنَّ الصحافة المستقلة لم تقرر، مثلما ما يتهمها بذلك البعض، لعبَ دور المعارضة، واعتماد خطاب معارض للسياسة العامة للدولة، لكن الفراغ الحزبي الذي يسم الحياة السياسية هو الذي أدى إلى ذلك، مما جعلَ المجتمع المدني يضطلعُ بدور مهم، ويسد فراغا قائما. وضرب المتحدث مثلاً بالمذكرة التي قدمها المجتمع المدني للجنة المنوني، "حيثُ كانت تلك المذكرة، مذكرة متقدمة إذا ما قورنت بتلك التي رفعتها الأحزاب السياسية". وفي السياق ذاته، استعرض الباحث المراحل التي قطعتها الصحافة الحزبية، ابتداء من سنوات الاستقلال إلى أن خبَا نجمها، سيما بعد انتقال بعض الأحزاب المعارضة إلى الحكومة. ولم يفت اليساري البارز، أن يعرجَ على أنماط المعارضة الموجودة اليوم بالمغرب، التِي قال إنَّ المغرب لم يشهد من قبل مثيلاً لما تعرفه اليوم من التباس، "إذ صرنا اليوم لا نفرق بين من يحكم ومن يعارض"، يقول الساسي، مردفا أنَّ المعارضة في الوقت الراهن، تنقسم إلى معارضات ثلاث، أولها؛ معارضة بأثر رجعي، يمارسها الحزب الحاكم، عبر إخراج ملفات وفضائح الحكومات السابقة إلى العلن، على نحوٍ يخلفُ انطباعا لدَى الرأي العام، بأنَّ حزب الأصالة هو الحاكم، وأنَّ البيجيدي يمارس المعارضة". أما المعارضة الثانية، فهي معارضة حكومية، من داخل الأغلبية، يقودها الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، الذِي قدم مذكرة شديدة اللهجة إلى رئيس الحكومة. تنضافُ إليها، ما أسماها الساسي ب"المعارضة بالنيابة"، التِي نجمت عن تنازل رئيس الحكومة عن صلاحياته لفائدة الملك، بحيث أصبحت المعارضة لا تتوجه إلا لانتقاد سياسة بنكيران، ، دونَ تناول الصلاحيات التي يمارسها الملك. في غضون ذلك، تطرقَ الباحث أحمد البوز، إشكالية استقلالية الصحافة من زاوية التمويل الذِي تقدمه الدولة للصحافة المكتوبة، بحيث أنه أضحى يثير مشكلا من الناحية المبدئية في بعض الدول الأوربية. ففيما يعتبر البعض الأمر ثمناً طبيعيا للديمقراطيَّة، بدت سويسرا على سبيل المثال متحفظة، إزاء تقديم الدعم عام 2003، بينما انبرت إسبانيَا إلى دعم الصحف، في إطار إغناء الثقافة والصحافة الجهوية. كمَا أنَ الدعم، يغدُو ذا أهمية كبيرة، إذا ما نحن استحضرنَا التراجع الذِي عرفته المبيعات والإشهار على حد سواء، يقول البوز. وعرضَ المتحدثُ ذاته، في معرض كلمته، تجارب دول أوربية فيما يتعلق بتقديم الدعم للصحافة، في إحالته إلى دول كألمانيا وإسبانيا وانجلترا وسويسرا، وقيام بعضها بتقديم دعم غير مباشر، في الوقت الذِي تقدمُ فيه دولة كبلجيكا، أنواعا متعددة من الدعم؛ كالدعم الجزافِي، ودعم الصحف الهشة، فضلاً عن تمويل الصحف التِي تعملُ على إشاعة ثقافة التعدد وتعزيزها. أمَّا الطرق المؤطرة لتوزيع الدعم بالمغرب، فقالَ البوز إنَّ اختلالات كثيرة شابتها، إذ أضحَى الدعم في بعض الأحيان نوعاً من الرشوة السياسية، وخطوة ترمِي إلى إدماج المعارضة، وتسييج الحياة السياسية، مع إرساء معايير تمييزيَّة. كمَا أنَّ الحديث عن الجريدة المغربية كشرط للاستفادة، يستدعِي شيئاً من التدقيق وفقَ الباحث، الذِي أوضحَ أنَّ منابر كثيرة لم تكن رساميلها وأطرها، مغربية بالشكل الذِي رسمَ في المساطر إلا أنها استفادت. وعن سعيِ وزارة الاتصال إلى تقنين الصحافة الإلكترونية، أعرب البوز عن أمله رغبته في أن تبقَى الصحافة الإلكترونية، التِي تحظَى بهامش أكبر من الحرية في المعالجة، (تبقَى) بمنأى عن القيود التِي سيلحقها التقنين والاعتراف، وهوَ ما لاحت بوادرهُ مع المسودة الجديدة، التِي تقيد المواقع بالتزام المعرف (.ma).