اعتبرت الدكتورة أسماء المرابط، رئيسة مركز الدراسات والأبحاث في القضايا النسائية في الإسلام، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، بأن ما راج في عدد من المنابر الإعلامية الإلكترونية بخصوص حديثها عن الاختلاط في المساجد بين الرجال والنساء، تم "تأويله وإخراجه عن سياقه الذي جاء فيه، وتحميله من المعاني ما لم يحمله أصلا". وأوضحت المرابط، في حوار نشرته أخيرا بوابة الرابطة المحمدية للعلماء، بأن قولها إن "المساجد يجب أن تكون مختلطة" ليس معناه رجل بجانب امرأة، وامرأة بجانب رجل؛ بل القصد منه ما تواتر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ودلت عليه سيرته وسيرة الخلفاء الراشدين من بعده؛ حيث كان النساء يصلين خلف الرجال في مسجد واحد على عهده صلى الله عليه وسلم، وبعده دون أن يكون بين صفوفهم حاجز". واستدلت المرابط بعدد من النصوص الحديثية في هذا السياق، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس قالت: فلما انقضت عدتي سمعت المنادي ينادي: الصلاة جامعة، فانطلقت فيمن انطلق من الناس، فكنت في الصف المقدم من النساء، وهو يلي المؤخر من الرجال". وزادت الباحثة بأن النبي صلى الله عليه وسلم خص نساء المدينة بباب يدخلن منه إلى المسجد، عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ"، وأيضا ما بوَّبه الإمام البخاري في صحيحه فقال: باب صلاة النساء خلف الرجال، وذكر فيه حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ويمكث هو في مقامه يسيراً قبل أن يقوم". ولفتت المرابط بأن "علماء الأمة من أهل الأصول وأهل الفقه والحديث، قديما وحديثا، نبهوا إلى أنه لا ينبغي للناظر في النوازل والواقعات التسرعُ بإطلاق الأحكام إلا بعد النظر والتثبت، حرصاً على سلامة قلوب الأفراد والمجتمع من البغضاء والفتن، ورغبةً في جمع الكلمة، والتعاون على الخير، وبناء المجتمع على معالي الأخلاق". واستحضرت المرابط مقولات وقواعد علمية تجسد معاني الوحدة وإذكاء الفهم السليم لنصوص ديننا الحنيف وسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ومنها قاعدة "إذا بلغك عن أخيك الشيءُ تنكره؛ فالتمس له عذراً واحداً إلى سبعين عذراً، فإن أصبته وإلا قل لعل له عذراً لا أعرفه"، وأيضا ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شرا، وأنت تجد لها في الخير محملا".