دخلت الصناعة الصحافية في سبات عميق وتحول مدراء النشر إلى أمثال دون كيشوت يحاربون طواحين الفايسبوك والتويتر. الصحافة الإلكترونية هي المهنة الوحيدة التي يمكن أن ينتقل إليها المرأ قادما من معمل للخياطة أو مصنع للأجبان. لا أدري لماذا يتبادر إلى ذهني مرض انفصام الشخصية كلما جاء ذكر صحافيي الإعلام الجديد. مثل عاهرة تتصنع إحساسا زائفا بالانتشاء إرضاء لزبونها، يجامل المدونون بعضهم بعضا على حائط الفايسبوك. لووووووول. حصريا على الفايسبوك يمكن أن تشتغل صحافيا في الصباح وناقدا سينمائيا بعد الظهر ثم مفتيا في علوم الدين والدنيا عند المساء دون أن يتساءل أي شخص ما حكمك؟ صحافي التويتر كاتب موهوب. يستطيع أن يقول ما يريد دون اعتبار للأسلوب أو القواعد أو تسلسل الأفكار. تغريد مقلوب. مجلة أدبية محترمة نشرت في أحد أعدادها إعلانا لملهى ليلي فاعتبرتها وزارة الثقافة مجلة بدون هوية ورفضت دعمها. خمسة خمسة خمسة. مع تطور الإعلام الجديد صار انعدام التأهيل ونقص التدريب وضعف الموهبة وقلة الكفاءة والافتقار إلى اللغة وكل أمراض الصحافة العربية تختصر في حرف وكلمتين: تقني في الإعلام. صحافيو التويتر أكثر حيوية وإبداعا هذه الأيام، وتغريداتهم تعرف انتعاشا ملحوظا. الإكس فاكتور بالنسبة لهم قضية أولويات كبرى. إليسا تلبس فستانا أحمر. الجمهور بدأ في التصفيق. عاجل: الجسمي يبتسم. الشيء الإيجابي الوحيد الذي يحسب لصحافيي الإعلام الجديد هو أنهم يكتبون بحق ما يناسب مستواهم. صحافي من جيل التويتر انتابته حالة حب فغير لون صفحته إلى الأحمر وغرد إلى حبيبته يسألها: كم يلزمك من "جيم" لتقبلي الخروج معي؟ في ظروف إلكترونية غامضة، ضاعت منه تغريدة مهمة فتعاقد مع قرصان إنترنت لاقتفائها. صحافي التويتر لا يكرر نفس التغريدة أبدا. عند صحافيي التويتر كل الأجناس الصحافية جنس واحد والأسئلة الخمسة هي سؤال واحد فقط. كيف لا تتجاوز مئة وأربعين حرفا. *كاتب وصحافي ([email protected])