تناسلت الكلمات وتراشقت وسط فيض من المزاعم التي تهفو في اتجاه التمني برسم موكب مهيب لحركة 20 فبراير ليزج بها إلى مثواها الاخير وهو تمني من أقلقت راحتهم والمحسوبين عليهم ،تحت سباب أنها استطاعت أن تقضي مضجع أناس كثر استطاعوا أن يمتصوا دم هذا البلد ،ويأتوا على أرزاق هذا الشعب المكلوم الذي عانى ويلات الاستبداد بأشكاله وأنواعه ،واستطاعت أن تزعزع جملة من اليقينيات والبراديغمات ،وتؤسس بالمقابل للينبغيات وما يجب أن يكون في نسق دولتي ساكن وراكد واستكان لراحته لردح من الزمن ،فواهم من يعتقد أن حركة 20 فبراير ماتت أو قضت نحبها ،فهي حاضرة في وجدان كل المغلوبين وفي مخيلة كل التواقين إلى التحرر من ربقة السلطوية والتسلط،فهي لن تموت مادامت حاضرة في العقل الباطني لكل المحرومين ،فهي قادرة على النهوض والاستنهاض حتى وإن خفت نجمها مادام هناك وقود يشعل فتيلها ،فالنفس لن تهدأ والقلب لن يهنأ مادام هناك ظالم ومظلوم وحقوق تهدر تحت مقصلة التعذيب والتضييق والاستلاب . فحركة 20 فبراير ليست لحظة أو ذكرى للنسيان فهي عبرة لمن لا يعتبر،فقد تكون أخطأت المسير والمسار وسط ضربات السلطة ومناوراتها المحبوكة والمنسوجة لدحضها وردعها سواء المكشوفة منها أو المضمرة أو بفعل حسابات خاطئة للقائمين عليها، إلا أن الصحوة ممكنة مادام فعل الاحتجاج مكون نفسي داخلي مبطن يخرج للعلن وينبلج في الفضاء العمومي كلما بلغت حالات التذمر والإحباط والكبت السياسي والإقصاء الاجتماعي ذروتها ،فالفعل الاحتجاجي قد يخبو لحين بفعل قوة المناوئين وكثرة المتواطئين وكيد الغاصبين لكنه سرعان ما ينبعث ويستجمع قوته وقدرته للنهوض ويكتسب المناعة أكثر ضد الاندثار والاضمحلال وتتقوى شوكته ومناعته في قهر الصعاب. إن حركة 20 فبراير تدعمها ايديولوجيا الاحتجاج على الظلم والاستبداد والفساد والإقصاء والاستعباد الاجتماعيين، وهي حاضرة كمبدأ وكفكرة يعج بهما العقل السياسي المغربي الشبابي، الذي ينهل من معين ثقافي كوني تغذيه أقنية صبيب الانترنت،ثقافة الفايسبوك والتويتر ومختلف المواقع الاجتماعية العابرة للقارات والقاهرة لإحداثيات حدود الجغرافيا ،لتحدث تلاقحا تثاقفيا للاحتجاج ،وتخلق المشترك في التفكير و تقاسم الهموم والشجون والثوران على الاوضاع المزرية . إن حركة 20 فبراير قائمة ومستمرة مادامت المتغيرات المثيرة للاحتجاج قائمة وماثلة خصوصا ،وأن تعثرات التنزيل السليم للدستور ماضية في سموها وسيادتها والفساد تقوت جذوته وشوكته بفعل الاستسلام والمثول لاملاءات ولاءات المفسدين، وبلغة أخرى جبروت التماسيح والعفاريت على حد تعبير ربان سفينة الحكومة "بنكيران"،فكل الدلائل والوقائع تشير بأن الحكومة خسرت معركة محاربة الفساد قبل أن تبدأها ،وأيضا تحت سباب ماكينات صناعة العطالة والمعطلين لا تعرف الوقوف أو التوقف ،وتتمادى في غيها وبهتانها وتسد أبواب الخير أمام الافواه التي بجرحها الغائر بح صوتها فوق اسوار وجدران مؤسسة برلمانية، قيل أنها تمثلهم وتعبر عن خوالجهم واحتياجهم ،لكن بلا مجيب وبدون التفاتة طيبة تذكر من ممثلي الأمة الذين بلغت فيهم الغمة مبلغها. فحركة 20 فبراير لن تموت بفعل انعدام الثقة في المؤسسات وبفعل انحطاط السياسة والسياسيين وبفعل الانتظارية القاتلة ،وعلى جميع المستويات وبفعل نكوص الفاعل في فعله وتكلسه في عقله وتواريه في القيام بواجبه وتنصله من مسؤولياته ،فهو فاعل مرفوع لخدمة رفعته وحظوته ومآربه. إن حركة 20 فبراير ستنبعث حتما "كطائر الفينيق"لتحطم قيود وأسيجة الظلام الدامس والحالك وتفتح أبواب الأمل ولا يهم مسمى الفعل الاحتجاجي بتاريخه وشهره ،فالإحتجاج سيرورة مستمرة في الزمان والمكان ،ويبرز في الفضاء العمومي كلما توفرت الشروط الذاتية والموضوعية ،ومن الصعب التنبؤ بامتداداته وقوته ودرجة تأثيره والعبرة بالجيران فما هو حاصل هو تحصيل حاصل لسنوات من الاستبداد والحرمان والفقر وما حصل لم يكن متوقعا ولم تترصده أجهزة أو نباهة المراقبة والاستخبار والأمن وحتى تخمينات الدجالين والمشعوذين وفاق حجم التوقعات،وكانت التكلفة كبيرة وباهظة بفعل الاستهتار واستكانة الانظمة الفاسدة إلى السكون الخادع والاطمئنان الملغوم.