بغض النظر عن وجهة نظر الشارع المغربي في عيد الحب الذي يوافق الرابع عشر من فبراير من كل سنة، فقد عرف التاريخ العربي مجموعة من قصص الحب الخالدة التي تصلح أن تكون سيناريوهات لأفلام قد تحقق النجاح الكبير، فتلك الدموع التي يذرفها أبطال مجموعة من الأفلام، وتلك الأحداث المشوقة التي تحفل بها مجموعة من المسلسلات الرومانسية، كانت قد وقعت في جزء من هذا التاريخ مع شخوص من لحم ودم ومع قلوب لم تعرف شيئا اسمه تقمص الدور.. وإذا كانت قصص من قبيل عنترة وعبلة، قيس وليلى، جميل وبثينة، قد نالت من الشهرة الشيء الكثير، فإن قصصا أخرى لم تحصد نفس الحظ من الشهرة، رغم أن منسوب العشق داخلها، كانت بالقوة التي تستحق أن تُذكر إلى جانب قصص عشاق وعاشقات العالم.. هسبريس تعرض لكم ثلاث من أقوى قصص الحب في التاريخ العربي.. قيس ولبنى قيس بن ذريح، واحد من أبناء الأثرياء في زمن الأمويين، كان في طريقه لزيارة أخواله، ولم يكن يعلم أن تلك الطريق الصحراوية تخفي له قصة حبه الخالدة، فقد طلب الماء من خيمة، لتخرج له لبنى التي دعته إلى البقاء في الخيمة بجانب والدها الحباب الذي فرح كثيرا بهذه الزيارة، ولما عاد إلى بيته، أخبر قيس والده بقصة حبه، فلم يجد غير الرفض القاطع، فالغني لا يتزوج إلا الغنية، والفقيرة لا تتزوج إلا الفقير حسب والده، إلا أن إصرار قيس، جعله يقبل بالزواج على مضض. لم يكن الزواج نهاية القصة، فبعد سنوات من الحب، لم يستطع الزوجان الإنجاب، وهنا عاد الوالد ليمارس ضغوطه على ابنه من أجل الزواج بأخرى تلد وريثا لثروة العائلة، ووصلت الضغوط لحد أن أقسم الوالد على أن يبقى في حر الشمس كل يوم حتى يطلق ابنه زوجته، وقد حاول قيس لمدة طويلة استعطاف والده، لكنه أذعن في نهاية الأمر خوفا من غضب الله في عدم البر بالوالدين ، فعادت لبنى إلى عائلتها وتزوجت من آخر، بينما تزوج قيس من أخرى، فماتا على افتراقهما رغم أن بعض الرواة يذكرون أن زوجها الثاني طلقها فأعادها قيس إليه. عروة وعفراء بدأت قصة حبهما منذ الصغر، فقد تربيا في منزل عفراء، فهي ابنة عم عروة الذي توفي والده فعاش في كنف عمه، وعندما وصلا سن الزواج، طلب عمه منه مهرا غاليا لم يقدر عروة على جلبه لفقره، غير أنه طلب من عمه أن يمهله بعض الوقت كي يرحل ليشتغل في مكان آخر ويعود بالمهر المطلوب، فوعده عمه أن يتركها له حتى يعود. وبالفعل، فقد تمكن عروة من تحصيل المال المطلوب، غير أن تفاجأ عند عودته بعمه يخبره بوفاة عفراء، بل أظهر له حتى قبرا في المقبرة قال له إنه يعود لها، فتحطمت آمال عروة وبقي لأيام ينام قرب القبر يبكي ليل نهار حزنا على فراق حبيبة حياته، غير أنه اكتشف فيها بعد أن حبيبته لم تمت، بل زوّجها والدها من أحد الأغنياء رغم معارضتها. رحل عروة إلى الشام حيث تسكن زوجته، وهناك التقى بزوجها على أنه مجرد قريب لها وليس حبيبها السابق، ثم بعث لها خاتمه في إناء مع جارية، لتجتمع به بعد شهور طويلة من الفراق، غير أن عروة قرر العودة إلى بلدته حفاظا على سمعة حبيبته كي لا يقال إنها تخون زوجها مع حبيبها السابق، ولم يأخذ معه سوى خمارها كذكرى أخيرة منها، وبعد عودته، مرض عروة بالسل، ولم يستطع الأطباء علاجه، فقد كان حزنه في أعماقه أكثر مما هو في أعضاءه، وبقي على حاله ينشد الشعر ويذكر اسمها حتى مات. لما وصل خبر موته إلى حبيبته، أصابها هي الأخرى حزن وألم شديد، وبقيت تبكيه حتى التحقت به في المقام الأعلى، فدفنت بالقرب من قبره، ويقال إنه بين القبرين نبتت شجرتان غريبتان لم ير الناس مثيلا لهما، بقيتا تنموان وتلتفان على بعضها، كأنهما تحققان حلما عجز الجسدان عن تحقيقه. تاجوج والمحلق لم يكن المحلق يدري أن شدة حبه لزوجته وتغنيها الدائم بها هو الذي سيجعلها تتركه، فبعد أن طلب من أمه أن تزويجه من تاجوج ابنة أخيها، ورغم المهر الغالي الذي طلبه والدها، إلا أن المحلق استطاع تأمينه ليعيش رفقة تلك التي أحب تحت سقف واحد وينعما بجنتهما الصغيرة، فقد كانا أسعد زوجين في تلك القبيلة. غير أن شعر المحلق حول زوجته كان شديدا للغاية ولم يقف فقط في حدود بيتهما الصغير، بل وصل إلى الخارج وحتى أسواق القبيلة، وراح المحلق يتغنى بجمال زوجته في كل مكان يقصده، فصارت زوجته على كل لسان وتحدث الجميع عن جمالها ومحاسنها التي أسهب زوجها في ذكرها. وفي يوم من الأيام، دعا المحلق أحد أصدقائه ليرى جمال زوجته، ولكي لا ترى صديقه، شق ثقبا في الحائط لكي يتمكن رفيقه من مشاهدة ما يحدث بداخل البيت، ثم دخل المحلق عند زوجته وطلب منها الرقص، فاستحلفته أن ينفذ لها طلبا عندما تنتهي من الرقص، وهو ما كان، فبعد عرضها لمحاسنها أمام أنظار زوجها ورفيقه المتخفي، طلبت منه تطليقها، فصعق المحلق للطلب ولم يكن يدري أن زوجته اكتشفت خطته، وحاول إعادتها إليه، إلا أن قسمه جعله يطلقها، ليقضي بقية حياته تعيسا حزينا على تفريطه في حبيبته.