مع كل احتفال بعيد المولد النبوي الشريف يعود الخبل المتطرف إلى الواجهة، وإطلاق الاتهامات الخطيرة بالشرك وعبادة الأولياء، إما عن قصد، وإما عن حسن نية ومحبة للشريعة الإسلامية السمحة، لكن لا أحد يعذر لجهله، فطلب العلم واجب شرعا على كل مسلم ومسلمة، وهنا لا أقصد العلم الذي يؤخذ من الفضائيات، وفتاوى لا يحترم أصحابها حتى آداب الإفتاء؛ وهو لأمر مشين في الأخلاق الإنسانية فكيف يكون في دين يمنع – في الأصل- على أي مسلم أن يرمي مسلما بالكفر، أو حتى أن يشكك في اعتقاده، وشواهد على ما نقول كثيرة، فقط الجهل والكبر وترديد ما تقوله كلاب النار هو ما يعمي بصائرنا ..! فعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : ' إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما ' !! وفي الرواية الأخرى) أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال ، وإلا رجعت عليه) !! وفي الرواية الأخرى )ليس من رجل ادعى لغير أبيه ، وهو يعلمه إلا كفر . ومن ادعى ما ليس له فليس منا ، وليتبوأ مقعده من النار . ومن دعا رجلا بالكفر ، أو قال : عدو الله ، وليس كذلك ، إلا حار عليه ) . معناه فقد رجع عليه تكفيره .. يمكن العودة إلى الحديث مع الشرح والتوضيح هنا هل يستطيع المسلم أن يكفر من يقول :لا إله إلا الله .. هل يستطيع المسلم أن يكفر من يصلي على سيدنا رسول الله .. هل يستطيع المسلم أن يكفر من يحب آل بيت رسول الله .. يبدو أن الظلامية جمدت الإحساس في قلوبنا، فلم تجعل شريحة منا تفكر بعين قلبها لعلها تهتدي وترشد إلى الطريق المستقيم .. حتى أصبح الإسلام صورة لحفنة من القوم، لا هي تترك الناس مع ربها ولا هي تصمت عسى أن يفتح لها طريقا تهتدي به سبل الرشاد. وكل هذا التشدد في التفكير والسلوك مرجعه واضح .. أننا نعاني جهلا خطيرا بالتربية الروحية، ونعاني الغربة في ديننا .. فكيف تكون دنيانا ؟! وكيف سيكون احترامنا لبعضنا البعض نحن المسلمون،إذا كان التكفير وهو في دارنا فكيف سينظر هؤلاء إلى من هم ليسوا على دينهم ؟! الحمد لله .. فكل أهل الله يحثون مريديهم ألا يكرهوا لا يهوديا ولا نصرانيا ولكن أن يكره نفسه التي بين جنبيه. فصلاح الناس من صلاح أنفسهم. وصدق الله العظيم عندما قال: قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴿الشمس: 9﴾ الموضوع طويل .. والحديث هنا لا ينتهي مع أناس في قلبهم مرض، لكن خير ما أختم به من كلام العلماء قول للمؤرخ شمس الدين الذهبي، حيث يقول : فما من إمام كامل فى الخير، إلا وهناك أناسٌ من جهلة المسلمين يذمونه ويحطُّون عليه، وما من رأس فى البدعة إلا وله أناسٌ ينتصرون له.. فانصفْ وتورَّع واتقِ، وحاسب نفسك.. وإذا شككت فى شخص ولم تعرف حقيقته، فتبرأت مما رمى به؛ أرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلاً. انتهى كلام الذهبى، الذهبى! كما علق ذات مقال الدكتور يوسف زيدان . https://www.facebook.com/belhamriok