لتاسع مرة في تاريخ مشاركاته في دورات كأس إفريقيا للأمم في كرة القدم٬ يتوارى المنتخب المغربي مبكرا ويغادر العرس القاري من الدور الأول بعد دورات 1972 في الكاميرون و1978 في غانا و1992 في السنغال و2000 في غانا ونيجيريا و2002 في مالي و2006 في مصر و2008 في غانا و2012 في الغابون وغينيا. الإستوائية. فبعد تعادله في لقائه الأول مع منتخب أنغولا المتواضع 0-0 واقتسامه نقط المباراة مع منتخب الرأس الأخضر٬ الذي يحضر النهائيات لأول مرة في تاريخه (1-1)٬ كان السبيل الوحيد ٬ أمام منتخب أسود الأطلس تجاوز منتخب البلد المضيف٬ جنوب إفريقيا٬ لضمان بلوغ ربع النهاية دون أنتظار ما ستسفر عليه المباراة التي جمعت في الوقت ذاته بين منتخبي "الغزلان" والقروش الزرقاء"٬ لكنه أرغم مرة أخرى على التعادل٬ الذي لم يكن كافيا بالرغم من الوجه المشرف الذي ظهر به. ورغم أن مهمة المنتخب المغربي كانت صعبة باعتبار أنه كان يلعب أمام منتخب يؤازره أزيد من 65 ألف متفرج ولم يسبق له أن هزمه في ثلاث مواجهات سابقة٬ فإن المدرب الوطني رشيد الطاوسي ظل متمسكا بخيط الأمل في انتظار تعادل منتخبي أنغولا والرأس الأخضر في أسوأ الحالات بحصة أقل في حالة تعادل العناصر الوطنية. بيد أن الرياح أتت بما لايشتهي الطاوسي فأجبر المنتخب المغربي على التعادل 2-2 وتغلب منتخب الرأس الأخضر على نظيره الأنغولي 2-1 وفي الوقت بدل الضائع ليعصف بأحلام الأسود الذين لم يتبقى لهم سوى أن يعضوا على النواجد بعد إهدار الفوز في المباراة الأولى ضد منتخب أنغولا الذي تبين أخيرا أنه كان الحلقة الأضعف في المجموعة الأولى. وإذا كانت العناصر الوطنية تدرك جيدا جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقها ٬ خاصة وأنه لم يسبق للمنتخب المغربي في تاريخ مشاركاتها في نهائيات كأس إفريقيا للأمم أن هزم منتخب البلد المضيف٬ فإن ذلك لم يؤثر على معنويات الأسود الذين لعبوا الكل للكل خلال هذه المباراة وأبانوا عن روح قتالية عالية. وحمل تعادل المنتخب المغربي في المبارتين السابقتين ودخوله في الحسابات الضيقة الناخب الوطني على إدخال تغييرات على تركيبته البشرية لزرع دم جديد في شرايين مجموعته وخلق انسجام أكبر بين الخطوط الثلاثة٬ حيث أشرك أحمد القنطاري منذ بداية اللقاء إلى جانب المهدي بنعطية في محور الدفاع ٬ فيما وجد عصام العدوة مكانه الأصلي في الوسط إلى جانب كمال الشافني ويوسف القديوي ٬ وشهير بلغزواني ويوسف العربي في الهجوم. وأخذ أسود الأطلس المبادرة منذ بداية اللقاء ومارسوا ضغطا كبيرا على "البافانا بافانا" وأرغموهم على التراجع إلى الوراء تفاديا لتلقي شباكهم لهدف مبكر يربك حساباتهم٬ ولم تنتظر العناصر الوطنية طويلا لتتويج هذا الضغط بعد تنفيذ عبد العزيز برادة لضربة زاوية في اتجاه عصام العدوة الذي استغل قامته الطويلة لإسكان الكرة في شباك الحارس إيزاك خون بضربة رأسية بديعة (د 10). ولتدارك فارق الهدف بدأ لاعبو منتخب جنوب إفريقيا يخرجون من قوقعتهم الدفاعية ٬ لكن الدفاع المغربي المتكون من جدارين صعب من مهمة المدرب غوردون إغسوند ٬ بعد أن سدت العناصر الوطنية جميع المنافذ المؤدية إلى معترك نادر لمياغري ٬ وكان بإمكانها زيادة الغلة لو نجحت في استغلال المرتدات الهجومية بشكل جيد. وأدى المنتخب المغربي ثمن إهدراه لفرصتين سانحتين في مناسبتين الأولى بواسطة الشافني (د 45 ) والعربي (د 60) بعدما وجدا نفسيهما وجها لوجه أمام مرمى المنتخب الجنوب إفريقي٬ غاليا بعد إدراك الأخير التعادل. ولم تتمكن الأسود من الحفاظ على فارق الهدف خاصة أمام اندفاع "البافانا بافانا" الذين تمكنوا من تعديل الكفة بواسطة اللاعب مالانغو (د 71) بعدما تسلم كرة مركزة من رجل رانتي سددها بقوة نحو مرمى لمياغري. وعمد كل من المنتخبين بعد التعادل إلى تغيير خطته التكتيكية وفق المعطيات الجديدة على أرضية الملعب وبناء على نتيجة اللقاء الثاني الذي كان يجمع في الوقت ذاته بين منتخبي الرأس الأخضر وأنغولا وله تأثير مباشر خاصة في تحديد مصير أسود الأطلس في هذه النهائيات. وعلى بعد ثماني دقائق من نهاية اللقاء٬ نجح لاعب فريق الرجاء البيضاوي ٬ عبد الإله الحافيظي٬ الذي أشركه الناخب الوطني في الشوط الثاني٬ في إعادة الأمل والامتياز للمنتخب المغربي بعد تلقيه تمريرة من زكرياء بركديش ٬ الذي عوض شهير بلغزواني٬ انبرى لها بقذفة دائرية وجدت طريقها مباشرة إلى شباك منتخب جنوب إفريقيا. لكن فرحة أسود الأسد لم تدم طويلا بعدما نجح اللاعب سانغوي من إعادة الأمور إلى نصابها في الدقيقة 86 بعد خطأ لخط وسط ميدان المنتخب المغربي ٬ تلقى على إثره الكرة وسددها بقوة في شباك لمياغري٬ بعدها بدقائق معدودة تمكن منتخب الرأس الأخضر من إضافة هدف ثان (90+1) في مرمى منتخب أنغولا وقوض بالتالي أحلام أسود الأطلس في التأهل إلى دور ربع النهاية٬ الذي غاب عنه طويلا.