السردين يخرج من سوق الجملة ب 13 درهما ويصل إلى قفة المغاربة ب 25 درهما    واشنطن تجدد تأكيد إرادتها التفاوض بشأن إنهاء النزاع الروسي الأوكراني    2M تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول لشهر برمضان    ولي العهد والأميرة للا خديجة يشرفان على انطلاق عملية "رمضان 1446"    بتعليمات ملكية سامية.. ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأميرة للا خديجة يعطيان انطلاقة عملية "رمضان 1446" لتوزيع المساعدات    الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان.. 40 دولة تجدد دعمها للوحدة الترابية للمملكة    الحكم على الناشط فؤاد عبد المومني بالحبس النافذ 6 أشهر    ترامب وزيلينسكي.. ولعبة الرّوليت الرّوسي    نشرة خاصة: تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة الإثنين والثلاثاء بعدد من مناطق المغرب    الحكومة تدرس الخميس تطبيق قانون تنظيم جمع التبرعات وتوزيع المساعدات الخيرية    أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء: أمطار وثلوج وانخفاض في درجات الحرارة    مصرع شاب وإصابة خمسة في حادث سير مروع على الطريق الساحلي بين الحسيمة وتروكوت    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية وأمطار رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    لمواجهة مقترح ترامب.. الخطة المصرية البديلة لغزة تهدف لتهميش "حماس"    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    الطالبي العلمي يجري مباحثات مع وزير أوروبا والشؤون الخارجية لجمهورية ألبانيا (صور)    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    «أنورا» يحصد خمس جوائز أوسكار..وفيلم يوثق نضال الفلسطينيين يفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي..    الدار البيضاء: متابعة 4 أشخاص بتهم المشاركة في جرائم التشهير والقذف والإهانة والتهديد    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية بلغاريا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أزمة قلبية تنهي حياة قاصر أثناء خوضه لمباراة في دوري رمضاني بطنجة    وكالة الأنباء الإسبانية (إفي): ابراهيم دياز.. الورقة المغربية الرابحة لأنشيلوتي في ديربي مدريد    المرتبة 102 عالميًا..ضعف المنظومة الصحية والتعليمية يُبطئ مسار المغرب في "مؤشر التقدم الاجتماعي"    للمشاركة في احتفالات الذكرى 96 لتأسيسه .. الاستاذ إدريس لشكر يزور المكسيك بدعوة من الحزب الثوري المؤسساتي    ثلاثة أعمال مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب    أهدنا الحياة .. ومات!    بعد إلغاء شعيرة ذبح أضحية العيد.. دعم وحماية الفلاحين مربي الماشية الصغار على طاولة وزير الفلاحة    الصحافي الذي مارس الدبلوماسية من بوابة الثقافة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    مطالب باحترام إرادة ساكنة فكيك الرافضة لخوصصة مائها واستنكار ل"تغوّل" سلطة الوصاية    ضرورة تجديد التراث العربي    بعد "إلغاء الأضحية".."حماية المستهلك" تدعو لاتخاذ تدابير تحقق الأمن الغذائي وتحد من الغلاء    رمضان في الدار البيضاء.. دينامية اقتصادية وحركة تجارية في الأسواق ومتاجر القرب    كولر يستبعد عطية الله ورضا سليم من لائحة الأهلي لمونديال الأندية    استقالة جواد ظريف نائب رئيس إيران    وزير الثقافة الإسرائيلي يهاجم فيلم "لا أرض أخرى" بعد فوزه بالأوسكار    هل بدأ ترامب تنفيذ مخططه المتعلق بالشرق الأوسط؟    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    حكيمي ينافس على جائزة لاعب الشهر في الدوري الفرنسي    النصيري يسجل هدفا في فوز فريقه أمام أنطاليا (3-0)    مجلة إيطالية: المغرب نموذج رائد في تربية الأحياء المائية بإفريقيا والبحر الأبيض المتوسط    إحداث كرسي الدراسات المغربية بجامعة القدس، رافد حيوي للنهوض بالتبادل الثقافي بين المغرب وفلسطين (أكاديميون)    ناقد فني يُفرد ل"رسالة 24 ": أسباب إقحام مؤثري التواصل الاجتماعي في الأعمال الفنية    نتائج قرعة دور ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي 2025    قراءة فيدورة جديدة من بطولة القسم الثاني : الكوكب تعزز صدارتها وتوسع الفارق …    ترامب يعلن إدراج خمس عملات مشفرة في الاحتياطي الاستراتيجي    دوبلانتيس يعزز رقمه العالمي في القفز بالزانة    كرة القدم: كوريا تتقدم بطلب تنظيم كأس آسيا 2031    الصين: إجمالي حجم الاقتصاد البحري يسجل 1,47 تريليون دولار في 2024    مسلسل "معاوية".. هل نحن أمام عمل درامي متقن يعيد قراءة التاريخ بشكل حديث؟    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    النائب البرلماني محمد لامين حرمة الله يشيد بهذا القرار الملكي    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الريف بين مشروع الخطابي و"مشروعية " الصدر الأعظم
نشر في هسبريس يوم 23 - 01 - 2013


في خمسينية الرئيس محمد بن عبد الكريم الخطابي
اللوبي الريفي، التجربة المغربية للعدالة الانتقالية، إعمال الذكاء الجماعي، المصالحة مع الريف، تنمية الريف، المغرب العميق، الأوراش الكبرى....!!! عبارات أضحت بدون مضامين، ومع ذلك ترددها باستمرار عناصر من حزب الجرار وخصوصا المنحدرين من المنطقة الشمالية. أتساءل كغيري من أبناء المنطقة، كم يكفي هؤلاء من الاهانة والحقارة كي يسترجعوا آدميتهم كبشر أحرار عوض حياة العبيد؟
لقد انتج المخزن السياسي المغربي، وعلى امتداد عقود من الزمن، ثقافة العبودية واللصوصية والكهنوتية، عبر اخضاع النخب والقوى الحية ضمن جغرافيا التحكم والنفوذ، باستثناء بعض الجهات التاريخية التي بقيت خارج هذا النفوذ المركزي بحكم تناقض المشروعيات والأهداف والمصير.
منذ العهد الجمهوري إبان عشرينيات القرن الماضي، فترة بناء أول تجربة جمهورية بشمال افريقيا ودول ما يعرف " بالعالم الإسلامي"، لم يعرف الريف أي تكالب لمتعلميه من طلبة ووجهاء كبار العشائر والقبائل و مجالس امغارن وأيضا ممارسي الحرف والمهن المحلية، بالحجم الذي نشهده اليوم . هذا التكالب والمسخ بدأ يسوق عبر جيل جديد من أشباه طلبة وأشباه موظفين وأشباه " كفاءات" وأشباه أطر وأشباه ممارسي مهن حرة، وأشباه مقاولين، وأشباه مشاريع وأشباه ... جائعين بامتياز.
تذكرنا ممارسات الحزب السلطاني الجديد تجاه الريفين بالخصوص بسياسة روما الدينية حيال قساوسة الشرق إبان الحروب الدينية. "أنت متهم بالانتماء لجغرافيا القلق" حتى تثبت العكس بالمزيد من الخنوع والانصياع لروما القديمة، عفوا الرباط الجديدة ، عاصمة آخر إمارة للمؤمنين في نسختها الفرنسية!
تسعى ثقافة الاستعباد اليوم الى خلق طبقة من المريدين والمطبلين قوامها تمجيد وتقديس الحاكم الأوحد، مقابل تهميش وطمس الهوية التاريخية والسياسية "لجغرافيا القلق والنعرات" لبلاد تسمى الريف ولمناطق أخرى ذات شرعية تاريخية أصيلة ضمن مغرب الهامش والحكرة.
يسعى الحزب السلطاني ومعه ملحقة "جماعة اللوبي الريفي" إلى خلق واقع جديد على الأرض، بدءا بسياسة نزع الأرض وإحكام وتسهيل قبضة السمسرة والتفويت لخيرات الريفيين لصالح المركز المفترس، ضمن خطة 'فوسسة‘ الجغرافيا الريفية عبر مشاريع سياحية بدائية تستحضر عدد الأسرة والطبيعة وتجرم كرامة الإنسان المحلي في حقه الطبيعي في تسيير شوؤونه وتقرير مصيره الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، عبر ترويض وتعشير الموروث الجمعي للريفيين وتقويض فعالية إراداته الحرة الممانعة، مرورا بتعشير قطاع واسع من جمهور المنتفعين والسماسرة والكائنات الانتخابية وبعض الأفراد المحسوبين على منظمات سياسية ونقابية وثقافية وصولا الى محاولات تسويق أوهام المصالحة مع الريف والايحاء بدور محتمل لما يسمى ب " اللوبي الرباطي الريفي".
وإذ استحضر هكذا شذرات، ألا يحق لأي ريفي حر ونحن على أبواب تخليد الذكرى الخمسينية لوفاة رئيس جمهورية الريف محمد بن عبد الكريم الخطابي أن يقول بصوت عال وبدون خجل وخوف، ومن منطلق عزة نفس ويصرخ في وجه هؤلاء واحدا واحدا: لا شيئ يعلو فوق شرعية الرئيس واليوم وأكثر من اي وقت مضى، ليست هناك ضمانات لأحد. لا مساومة على الحق التاريخي لقضية شعب ومأساة أجيال نخرتها الشظايا وأسلحة السموم على امتداد أزمنة تواطأ فيه السلاطين علنا مع جنرالات القتل والفتك بالشعب الأعزل.
في خمسينية الرئيس نستحضركل الذين ماتوا من أجل عزة وكرامة شعب، نستحضركل الأهالي في المداشر الريفية المسالمة الذين قصفتهم آلة الفتك والغدر أوقات شتاء قاس من منتصف عشرينيات القرن الماضي. نتذكر الأطفال الأمهات الثكلى، الجرحى والمشردين. نتذكر كل هؤلاء المقاتلين والمتطوعين المجهولين، أركان وقيادة المقاومة، نستحضرالشهداء والمنفيين، نتذكر كل الرموز المنيرة خلال حقبة كفاح شعب. نستحضر الشريف محمد أمزيان، نتذكر أركان قيادة الدولة واحدا واحدا بدءا بالرئيس مولاي موحند وشقيقه مهندس المقاومة امحمد وعمه عبد السلام الخطابي، مرورا بأحمد بودرة وعبد السلام الحاج موحند ومحمد بن علي – الفقيه بولحية، وصولا الى محمد أزرقان ومحمد محمادي أزرقان وأحمذ أكروذ الجلمامي و مسعود بناعين ومحمد بنصالح. كما نقف وقفة إجلال لكل شهداء جيش التحريروالمختطفين والمغيبين، نستحضر هنا الشهيدين عباس المسعدي وحدو أقشيش كما لا ننسى شهداء انتفاضة العز والكرامة سنتي 58/59 تحت قيادة الرمز محمد نسلام أمزيان . باختصار نستحضر هنا مأساة شعب لم ينعم باستقرار أجياله منذ بايات العقد الماضي الى يومنا هذا.
يحيل مشروع الرئيس الى مقومات تحرر شعب ضمن مشروع دولة ديمقراطية، قوامها المدنية والعدالة الاجتماعية. في حين يمضي ورثة "مشروعيتي " تلميذ الصدر الأعظم باحمد السلطان عبد العزيز وايكس ليبان إلى بيع البلد من جديد ووضعه على حافة الافلاس والانهيار السياسي والاقتصادي، لذلك فنحن لا نأتي بجديد حين نقول: يستمد الحزب السلطاني الجديد مشروعيته الآنية من الموروث التاريخي لتركة الصدر الأعظم باحمد ويتقاسم أدواره الوظيفية مع بقايا نخب أوفاق ايكس ليبان في نسختها الشعبوية، حيث السياسة تخدم السلطان والسلطان لخدمة استمرارية السلطنة.
حافظ مغتصبو مشروع الخطابي على التعاقد التاريخي بين مشروعيتي الصدر الأعظم باحمد وايكس ليبان تحت يافطة: "الولاء كل الولاء للسلطان"، وارتمى في أحضان هذا التعاقد معظم الأحزاب السياسية التي تأسست على أنقاض الشرعية التاريخية للمقاومة التي قاتلت ضمن شعار : "الولاء كل الولاء لكرامة الشعب والوطن"، ذاك التعاقد الذي حافظت القوى والأطراف المنتفعة به محليا وإقليميا، ظل إلى يومنا هذا يتجدد باستمرار عبرأحزاب ووجوه وظيفية جديدة ضمن مشهد "السيرك" السياسي المغربي، لعل بعض حلقاته الهجينة مآل المشهد السياسي المغربي الراهن، حيث "موت السياسة" كما ذهب إليه العروي في إحدى تصريحاته. لذلك تذكرني الخرجات السياسية لبعض رموز هذه الأحزاب بمشهد مظهر الهيستيريا والذهول عند قائد أوركسترا الحرب لفيلق عسكري أبيد بالكامل عند أطراف المعبد الكهنوتي، السياسة بمفهوم سمفونية الببغاوات.
قاوم الخطابي سياسة استعمار واحتقار الشعوب، وسعى إلى مشروع نبيل قوامه العدالة الاجتماعية ووطن يقر بالمساواة بين الجميع، ضمن دولة السيادة على الأرض والقرار، ووقف حازما على النقيض ضد كل أشكال الدولة التقليدية التابعة للاستعمار والفاقدة للقرار المستقل في شكليه السلطناتي والإماراتي.
وإذ نخلد الذكرى الخمسينية لوفاة الرئيس، نعقد العزم، وكلنا أمل ومعنا كل الديمقراطيين وكل أحرار ومحبي السلم في العالم، أن نسعى جميعا إلى العمل لاستنهاض مشروع وتجربة الرئيس من أجل كرامة الجميع خارج شرعيتي باحمد وايكس ليبان. لذلك فالحديث عن مصالحة مع الريف من طرف "حاكمي الرباط" لا يمكن أن يخرج ضمن نطاق الإقرار بشرعية ومشروعية المقاومة والانعتاق ضمن وطن مِلك لجميع المغاربة ولا يتسع طبعا لأقلية الاستبداد والفساد، وطن سيعيد الاعتبار فيه للآلاف من البسطاء والشهداء والمظلومين، وطن يفتخر بأبطاله الحقيقيين ويمجدهم عبر دستور ديمقراطي يقر بتقرير مصير الجهات التاريخية اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا.
*فاعل حقوقي /لاهاي-هولندا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.