في الصورة عبد السلام ياسين مرشد جماعة العدل والإحسان واصفا إياها ب"تسونامي القمع والجور الذي أتى على الأخضر واليابس مما تبقى من حريات وحقوق مدنية"، يعرض محمد النويني عضو رابطة محاميي جماعة "العدل والإحسان" بالمغرب -حصيلة عامين من الأزمة التي نشبت بين الجماعة والسلطة، على خلفية ما عرف بقضية "الأبواب المفتوحة" التي اتهمت فيها الجماعة ب"استقبال مواطنين عاديين للتعريف بأفكارها". الحملة الأمنية ضد الجماعة، والتي انطلقت إثر تصريح وزير الداخلية شكيب بن موسى يوم 24 -5-2006 بأن "جماعة العدل والإحسان بتكثيفها للأنشطة تكون قد وضعت نفسها خارج دائرة القانون" أسفرت -بحسب النويني- عن اعتقال 5 آلاف و413 عضوا بالجماعة، بينهم 877 امرأة. "" واقتصرت فترات الاعتقال والتحقيق في حالات عدة على بضع ساعات، بينما أحيل ألف و56 من أعضاء الجماعة للمحاكمة في 195 قضية، منهم 73 امرأة، و15 طفلا قاصرا، و28 طالبا، و12 جمعية ثقافية وخيرية تابعة للجماعة، فضلا عن 6900 يوم سجن و730 ألف دولار، هي مجموع الأحكام الصادرة بشأن أعضاء الجماعة على مدار عامين، بحسب النويني. ورفضمحامي "العدل والإحسان" في مقابلة مع شبكة "إسلام أون لاين.نت" القبول بما تردده الداخلية حول عدم قانونية الجماعة، واعتبارها محظورة، مشيرا إلى أنها "أنشئت عام 1983 وفقا لنصوص القانون، وهو ما أكده القضاء بأكثر من حكم". وشدد على أنالجماعة لديها مشروع مجتمعي متكامل، ولكنه نوه في الوقت نفسه إلى قناعة الجماعة باستحالة قدرة أي هيئة منفردة على إنقاذ الوطن وإصلاح أوضاعه. وفيما يلي تفاصيل المقابلة: * بعد مرور سنتين على بدء قضية "الأبواب المفتوحة".. إلام توصلتم؟ وهل لديكم تصور خاص لحلها؟ - حققت فعالية الأبواب المفتوحة التي نظمتها الجماعة عام 2006 نجاحا كبيرا في التواصل مع المواطنين، وعلى إثر ذلك صرح وزير الداخلية شكيب بن موسى بأن "جماعة العدل والإحسان بتكثيفها للأنشطة تكون قد وضعت نفسها خارج دائرة القانون"، وبناء عليه انطلقت حملة النظام ضد الجماعة. وبعدها ب22 شهرا جدد الوزير العهد على اضطهاد ومنع أنشطة الجماعة؛ حيث وجه مذكرة إلى ولاة الأقاليم شدد فيها على أن جميع التعليمات التي صدرت بحق الجماعة لم تتغير، وحثهم على السهر على تطبيقها شخصيا، وأن يتحلوا بالصرامة المطلوبة إزاء أنشطة الجماعة، ولا يترددوا في اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لمنعها. ورغم هذا، يمكن إيجاز خلاصتنا من العامين الماضيين بأربعة نقاط: أ -الجماعة بقيت ثابتة على مواقفها، وفية لخطها الدعوي والسياسي والفكري، ماضية في مشروعها الإصلاحي السلمي، حاضرة في أغلب المنتديات المجتمعية، ورقما قويا بأية معادلة. ب -زاد التعاطف الشعبي مع الجماعة ومشروعها الإصلاحي. ت -ثبت عدم وفاء النظام المغربي بالشعارات التي رفعها وروجها داخليا وخارجيا، مثل "دولة الحق والقانون"، و"التصالح مع الماضي"، و"العهد الجديد". ث -اهتزت صورة النظام في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان دوليا، وبددت موارد الدولة في معارك وهمية؛ لصرف الشعب عن همومه الحياتية الحقيقية. * ما هي محصلة عامين من توتر علاقتكم بالنظام؟ - الحصيلة لا يمكن أن نصفها إلا بالكارثة الحقوقية، وبتسونامي القمع والجور الذي أتى على الأخضر واليابس مما تبقى من حريات وحقوق مدنية. فالحملة أسفرت عن اعتقال 5 آلاف و413 عضوا، بينهم 877 امرأة، وأحيل للقضاء من بينهم ألف و56 شخصا على ذمة 195 قضية، منهم 73 امرأة، و15 طفلا قاصرا، و28 طالبا، فضلا عن 12 جمعية ثقافية وخيرية تابعة ل"العدل والإحسان". كما صدرت أحكام بعدد من القضايا بلغ مجموعها 6900 يوم سجن و730 ألف دولار غرامات. * ما رأيكم فيما يقوله البعض من أن الجماعة "غير قانونية"؟ - منذ البداية اختارت جماعتنا العمل في إطار القانون؛ إذ تأسست عام 1983 تحت اسم "جمعية الجماعة الخيرية"، وشعارها العدل والإحسان، وفقا للظهير (القرار) الملكي رقم 15 لعام 1958، وتم التصريح بملف الجمعية لدى السلطة المحلية بالعاصمة الرباط، كما تم إيداع نظير من الملف لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط حسب الوصل رقم 48/83. ومن ثم فالجماعة استنفدت جميع إجراءات التأسيس، وخلال نظره لقضايا بعض أعضاء الجماعة، الذين اتهموا "بالانتماء لجمعية غير مصرح بها"، أيد القضاء مشروعية الجماعة؛ حيث ذكر القرار 1871 الصادر عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة يوم 24-4-1990، أن "تلك الجمعية أنشئت بكيفية صحيحة وتمارس نشاطها في ظل من المشروعية الواضحة تزكيها المقتضيات القانونية المشار إليها، ويدعمها نظامها الأساسي الذي تم الإعلان عنه وإيداعه وفق مسطرة (إجراءات) سليمة". * هل ترون أنكم في مواجهة مع النظام خلال العامين المنصرمين؟ - الجماعة ليست في موقع المواجهة مع الداخلية بما تحمله كلمة مواجهة من دلالات الحرب والمكيدة والاستفزاز والعنف.. بل المواجهة هي من طرف واحد، وبإرادة منفردة من لدن النظام ضدنا. أما الجماعة فتكتفي بفضح الخروقات والانتهاكات البشعة لحقوق الإنسان التي ترتكب بحقها، وتحتسب أمرها إلى الله تعالى موقنة بوعده بالنصر القريب، والحرية لكل غيور على الوطن. * بعض المحللين يشيرون إلى أنكم تقومون بأعمال مخالفة للقانون؛ ومن ثم تفرضون على الدولة تطبيق القانون عليكم، وأنكم تستغلون هذا الوضع للظهور بمظهر "الضحية"؛ لتحصدوا تعاطف الجماهير؟ - أنشطتنا واجتماعاتنا خاصة، ولا تستلزم استصدار تصاريح من السلطات المحلية، وذلك وفقا لنصوص الفصل الثالث من الظهير الملكي سابق الذكر؛ لأن أنشطتنا تعقد داخل أماكن مغلقة كمنازل الأعضاء ومقار الجماعة، وهي تقتصر على الأعضاء وغير مفتوحة للعامة. وقد أيدت عشرات الأحكام الصادرة بشأن تجمعات أعضاء الجماعة هذا المعنى، ومن بينها قرار محكمة الاستئناف بالقنيطرة الصادر في أبريل 1999 الذي جاء في حيثياته: "إن قيام هؤلاء الأشخاص الثلاثة بالاجتماع صدفة وبمناسبة أداء الصلاة بأحد المساجد، لمناقشة مسائل دينية تخطر لهم عرضا يجعل ركن التدبير والتهيؤ منعدمًا، ولا يوجد في القضية ما يفيد بأن اجتماع المتهمين الثلاثة كان يتم عن تخطيط وتدبير وتهيؤ لجدول يتضمن أعمال يتم عرضها للمناقشة أمام الحاضرين، وبناء على ذلك فإن جنحة عقد تجمعات عمومية غير ثابتة بحقهم". وحتى لو فرضنا أن الجماعة تعقد اجتماعات عمومية، فإن المشرع استثنى الجمعية المؤسسة بكيفية قانونية من وجوب التصريح باجتماعاتها، وذلك حينما نص في الفقرة الأخيرة من الفصل الثالث من الظهير الملكي رقم 15 على: "تعفى من سابق التصريح المنصوص عليه في المقطع الأول من هذا الفصل الاجتماعات التي تعقدها الجمعيات والهيئات المؤسسة بصفة قانونية، التي تهدف بصفة خاصة لغاية ثقافية أو فنية أو رياضية، وكذا الاجتماعات التي تعقدها الجمعيات أو المؤسسات الإسعافية أو الخيرية". * يرى البعض أنكم تكتفون برصد سلبيات الواقع دون طرح بدائل تساهم في إخراج البلد من أزماته، فما رأيكم؟ - رصد الواقع ليس عيبا، بل هو مدخل للتغيير وحلقة في مشروع الإصلاح، لكن العيب أن نرى السفينة تغرق ونلزم الصمت ونتواطأ مع المتسببين في إغراقها، أو نقف عند رصد الواقع المتأزم، ونحن لدينا مشروع مجتمعي متكامل يشمل جميع مجالات الحياة، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وتعليميا.. إلخ. ولكننا سنكون حالمين إذا اعتقدنا أن الجماعة وحدها قادرة على تجاوز الأزمة الخانقة التي يتخبط فيها المغرب، بل ينبغي أن تتضافر جميع جهود القوى الحية والأصوات الحرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهذا ما تطرحه الجماعة من خلال الميثاق الوطني، وجسدته مؤخرا رسالة "جميعا من أجل الخلاص" الصادرة عن المجلس القطري للدائرة السياسية بالجماعة. * الناطق الرسمي للجماعة فتح الله رسلان وصف "حركة لكل الديمقراطيين" المغربية الناشئة، التي تجمع أقطاب السياسة والمال ورأسها "فؤاد عالي الهمة"، بأنها "حركة وجلبة فوق سفينة تغرق".. فهل تتفقون معه؟ - نعم نتفق مع ما قاله من أنها شكل جديد من الاستخفاف بالشعب وقواه وإمكانياته وكفاءاته ومحاولة أخرى لمزيد من التمكين للاستبداد واستحكام الإقصاء لكل الشعب، وأن أصحابها لا يمكن أن يشكلوا فريق إنقاذ؛ لأن كثيرين منهم مسئولون عن هذا الوضع المتأزم. عن شبكة إسلام أونلاين.نت