(...ألا "نولد" من فكر "فكوياما" أن الفيديو كليب الأمريكي بهذه المواصفات التي اتخذتها الفيديوكيبات الكورية والعربية وغيرها نموذجا يقاس عليه ويحتذى ، "نهاية التاريخ" بخصوص الفيديوكليب وهذا النوع من "الفن " ؟ ) (المقال) أغنية gangam style تجعلني أتساءل : ما الإنسان ؟! حين أتأمل للشعبية الفائفة الحدود التي حظي بها فيديو كليب "gangnam style " العابر للقارات المتربع على عرش "البوب" والمقتحم لكل منزل الذي أعجب به الناس كبيرهم وصغيرهم على اختلاف دياناتهم وألوانهم وجنسياتهم وألسنتهم - بالرغم من كلماته الكورية الغير المفهومة - ينطرح لدي سؤال جوابه أريده أن يكون معقدا ، لا أريده ساذجا منطلقا من خلفية ما يسرع بالحكم على الفيديو إن بالقبول أو الإشمئزاز والرفض ! هل يكون للإنسانية بعد ذلك معنى ؟ ما الجدة في ذاك الفيديو حتى حظي بإقبال أسطوري ؟ إنه يعيد طرح السؤال : ما الإنسان ؟ ومعه طرح أسئلة : ما الجمالية وما الإبداع وما الفن وغيرها ؟ استقبل مغني الكليب بحفاوة وحشد غفير كما لو كان بطلا قوميا ميثولوجيا..هكذا يسوى مغني راقص بأي شخصية فاضلة عالمة أو مقاومة أو مخترعة بل وقد يتفوق عليها ! هي التسوية ، حين يستقبل ذاك المغني كما لو وصل الكوريتين وأنهى الأزمة ! على مستوى تعريف الفيديو ، فإنه لايتعدى كونه "فيديو كليب" لا يعكس أية خصوصية كورية سوى اللغة ، فهو على مستوى التمثيلية والرقص تقليد واضح للثقافة الغربية ، بمعنى لا يحمل أية ذاكرة خاصة بالشعب الكوري المتغرب أولا أصالة فيه ، يمكننا أن نضع الفيديو كليب في سياق أوسع، ونطرح السؤال : هل يتميز الإنسان الكوري من خلاله عن أي إنسان أمريكي بصرف النظر عن خِلقة الكوريين ؟ يبدو أن الشخصيات التي تظهر وكذا الخلفيات هي وحدات متشابهة تعكس أشكالا في حي راق في العاصمة الكورية "سيول" يدعى"gangam" ، بل لا يعلم وطن الكليب ولا أرضه من مجرد مشاهدته ، أي لا يقدم شيئا للإنتماء الوطني ! يمكن أن نتساءل عن الغرض من عرض تلك الأشكال البشرية المعولمة المؤمركة - بهذا التعبير - أليس عرضا اقتصاديا في جوهره يتغيى الربح المادي ذلك أن العرض في "الفيديو كليب" خاضع لقوانين مادية ترتفع عن الخصوصية وعن الوطن والأرض والقيم والذاكرة. نتساءل أيضا عن خصوصية هذا الإنسان الذي يتحرك ويغني ويرقص رقصات عشوائية لا تعكس أيضا أية ثقافة مثل قوانين العرض والطلب والإنسان ، ألا يقدم الإنسان – ودائما بعيدا عن الخلقة – على أنه كائن جسماني ليس له إلا بعد واحد وليس له أي انتماء واضح ، واللغة التي يغني بها هي كورية لا تعكس خصوصية ما يجعل أية لغة لغة حضارية متميزة أي القيم بل ويحاول المغني إخضاع لهجة قومه للبنية اللسانية الأمريكية ونغمتها مع إقحام عبارة إنجليزية"open gangnam style" ! ما الذي قدمه "الفيديو كليب" للمتلقي غير المتعة بل وترويج سلع معينة ؟ في الأخير هذا الفيديو كليب خاضع للنموذج القياسي لفيدوهات البوب الأمريكي ، ألا"نولد" من فكر "فكوياما" أن الفيديو كليب الأمريكي بهذه المواصفات التي اتخذتها الفيديوكيبات الكورية و العربية وغيرها نموذجا يقاس عليه ويحتذى ، "نهاية التاريخ" بخصوص الفيديوكليب وهذا النوع من "الفن " ؟ ترى ما علاقة المغاربة،ومعجبي المجتمعات المحافظة التقليدية،بشخصية تظهر مترفهة باذخة حولها سيارة فارهة و فتيات راقصات متاحات مما يحلم به كل شاب محروم لا مرجعية له سوى الذات واللذة والبحث عن المتعة ؟ بالطبع لن تكون كلمات الأغنية هي التي جذبتهم إذ لا يفهمون الكورية ، ولا في الفيديو شيء مما يقدم الحنين للماضي ويقوي الروابط بالخصوصية والوطن والأرض والشعار المثلث ، ولا ما يقدم شيئا بخصوص واقع تخلف هذه المجتمعات حتى عن بلد نام ككوريا الجنوبية ! قد يكون مغني gangam style ضيف موازين 2013 ، متى فهمنا جوهر مهرجان موازين ، وهو جوهر مادي صرف ، صارم ، سنعلم أنهم قد يحاولون استجلاب هذا المغني ، ومتى علمنا أيضا ، كما قال الناقد الإعلامي الأمريكي " Herbert Schiller" أن الطبقات الحاكمة في العالم الثالث من خلال الإبهار والضغط والقوة والإفساد تقوم بتغيير وتكييف بنيات المجتمع لتتوافق مع قيم العولمة " ، فالإعلام يروج والأنظمة السياسة -التي لا تنفك حقيقة عن الربح المادي وهو مدار السياسة – ترسخ تثبت قيما ونماذج تكون هي الحلم المنشود ، فلذلك لا يقوى النشاط الديني بأنواعه على مجابهتها ، ويكون منهج الفرد في المجتمع هو الغش والنصب والإحتيال و الكذب والنفاق والتملق و غيرها لأجل تحقيق ذلك الحلم المنشود ! هذا هو جوهر أي مهرجان أو نشاط "فني" يقام ببلد ثالثي ، وما أخطأ من يزعم أنه تجل للإنفتاح واعتناق للثقافات فهي عبارات حمالة أوجه ليس بوسع الفرد العادي فهم خلفياتها ! [email protected]