ارتدى الفايسبوك المغربي عباءة الألم، وتأبط حزنا على رحيل مرشد جماعة العدل والإحسان وزعميها التاريخي عبد السلام ياسين، فقد تغيرت صور العشرات من الحسابات إلى صورة الفقيد، وانتشرت دعاوى الترحم على روح الرجل الذي عارض الحسن الثاني ومحمد السادس وشكل واحدا من أقوى التنظيمات الإسلامية في العالم العربي. وقد كتب الناشط العشريني المعروف نجيب شوقي على حائطه تعزية للفقيد، مذكرا أنه رجل قاوم المخزن وانتصر للفقراء والضعفاء ووقف ضد الريع السلطاني، ليكون –مع كل اختلافه معه- شخصية كبيرة طبعت المغرب بمواقف جريئة، كما وصف المهندس أحمد بن الصديق الراحل ب"الرجل نحيف الجسم عظيم الجرأة" الذي ثبت على الظلم "المخزني" و"القهر الرسمي" ليموت دون أن تموت مواقفه ومبادئه. وانتقد العديد من نشطاء الفايسبوك موقف الإعلام العمومي الذي لم يتوقف مع وفاة عبد السلام ياسين كما ينبغي ولم يخصص لها سوى بضع ثواني، فقد قال تقي الدين التاجي إن إعلامنا كان ليترحم على "كوامانجي" بربورطاج فيه 20 دقيقة يختمه بعبارة "لن يجود الزمن بمثله"، في حين يكره هذا الإعلام رجلا بحجم الراحل، كما سخِر سعيد بنجبلي المدون المعروف من وكالة الأنباء الرسمية متحدثا عن إمكانية تحطيمها للرقم القياسي لأقصر قصاصة أنباء في التاريخ، في الوقت الذي تذمر فيه الناشط العشريني مصطفى الكمري من إعلام "المخزن" وتمنى لو استطاع السمو فوق الخصومة والعداء وبالتالي تكريم الرجل الذي كان في رأيه واحدا من أهم شخصيات المغرب الحديث. وانهالت الانتقادات على الداعية الإسلامي عبد الباري الزمزمي الذي وصف في تصريح له مع هسبريس الفقيد بمن سبب الفتنة في البلاد، حيث وصفه عنه محمد زكرياء لمروزي الناشط العلماني ب"عميل" السلطة الحاكمة والعالِم بشؤون الجنس الشامت في أخيه المسلم، رغم أن الكثير من الملحدين واللا دينيين حسب تعبيره احترموا الراحل وأسفوا لوفاته، وانتقده كذلك الكاتب ميمون أم لعيد بقوله:"مُذنب هذا الذي خلط أول مرة بين العالِم والعالِم، حتى جعل الناس يُساوون بين صامويل أديسون وأبي قتادة.. فكلاهما في العرف عالِمان..". كما ارتدت مجموعة من الصفحات المغربية ثوب الحداد كصفحة ثوار المغرب القريبة من جماعة المتوفى التي تتابع منذ توقيت إعلان الوفاة ردود الفعل وتنشر التعازي وعبارات التضامن من المغاربة والعرب، وصفحة صرخة الشعب المغربي التي تنقل منذ الصباح آخر الأخبار عن تداعيات الوفاة، وكذلك صفحة رصد لآخر الأخبار التي نقلت صورا من قلب بيت الفقيد إضافة لتعازي مجموعة من الشخصيات العربية المؤثرة. وفي الجانب الآخر، كان عدد المنتقدين والفرحين لموت الرجل قليلا جدا وقد لا تكاد تجدهم إلا بعد بحث مضن، وأغلب آرائهم تبقى مجرد تعليقات لا تلق التفاعل المنتظر، مما يبين أن الفايسبوك المغربي توحد في غالبيته على الترحم على مرشد الجماعة المعارضة لتوجهات النظام والمصنفة كتنظيم إسلامي محظور ينهل من الصوفية ويتميز عنها في الوقت نفسه بالنهج السياسي.