خلّف الإسرائيلي أوفر برونشتاين الجدل في المغرب لمرتين في ظرف 5 أشهر، فبعد أن انتقدت الكثير من وسائل الإعلام حزب العدالة و التنمية الذي استضافه في مؤتمره الأخير، مما خلق ارتباكا واضحا في مواقف الحزب الإسلامي الذي تضاربت تصريحات زعمائه بهذا الشأن، عاد برونشتاين مرة أخرى للواجهة بعد إعلان المكتبة الوطنية بالرباط عن استضافته يوم السبت الماضي كضيف لمنظمة "تيديكس"، قبل أن تعود هذه المنظمة لإلغاء الاستضافة بسبب الاحتجاجات الكبيرة التي خلفتها دعوة برونشتاين والتي وصلت لحد إعلان تنظيمات مدنية وسياسية عن تنظيم وقفة احتجاجية أمام المكتبة في نفس توقيت ندوة السياسي الإسرائيلي. لكن البعض من التدقيق في سيرة الرجل، يجعل لقب "الصهيوني" الذي أطلقه عليه المغاربة محل جدل كبير، فأوفر برونشتاين، الذي شارك في محادثات السلام بين إسرائيل وفلسطين سنة 1993 بأوسلو، ساهم بشكل كبير في تقريب وجهات النظر بين الرئيسين الراحلين الإسرائيلي إسحاق رابين والفلسطيني ياسر عرفات، وتم استقباله كذلك رفقة رابين من طرف الملك المغربي آنذاك الحسن الثاني الذي شارك كذلك في هذه المحادثات المهمة في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، وذلك في إطار أول زيارة رسمية يقوم بها رئيس إسرائيلي للمغرب. غير أن برونشتاين، الذي سجنته السلطات الإسرائيلية بعد ذلك بسبب انتقاده لقانون إسرائيلي يمنع التواصل والحوار مع منظمة التحرير الفلسطيني، قرر مغادرة إسرائيل مباشرة عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حيث لم يكن متفقا مع القمع العنيف الذي قامت به دولة إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، ليختار الرحيل نحو فرنسا، وهناك تم منحه الجنسية الفرنسية، قبل أن يحصل فيما بعد على الجنسية الفلسطينية من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، كعربون شكر له على جهوده من أجل تحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين. أسس برونشتاين سنة 2002 المنتدى الدولي للسلام رفقة أنيس الكاك ممثل السلطة الفلسطينية بسويسرا، واشتغل على نبذ العنف المشترك بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وعلى محاولة تحقيق تعاون مشترك بين الكيانين، وفي هذا الإطار أشار إلى أن الحوار مع حركة حماس أمر واجب وضروري خلافا لتصورات إسرائيل التي تصف حماس بالتنظيم الإرهابي، وتحدث أن على حماس أن تتحول إلى قوة سياسية بدل تصورات المقاومة المسلحة، مضيفا في حوار له مع إحدى وسائل الإعلام بأن قيام دولة فلسطينية تقتسم القدس كعاصمة لها مع دولة إسرائيل، هو الضامن لتطور المنطقة ككل وتحسين ظروف عيش الشعب الفلسطيني وكذلك جعل دولة إسرائيل تتطابق مع مبادئها التأسيسية. نتيجة لهذه المواقف، وأثناء حضوره لمؤتمر أصدقاء إسرائيل في بداية أبريل الماضي بفرنسا، تعرض برونشتاين لاعتداء جسدي ولفظي من طرف أعضاء جمعية الدفاع عن اليهودية، وهو الاعتداء الذي باركه اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي ندد بحصول برونشتاين على جواز فلسطيني، رغم أن برونشتاين تحدث عن أن حصوله على هذا الجواز لا يعني تخليه عن جنسيته الإسرائيلية، وإنما رغبة منه في تحقيق التعاون بين الدولتين التين أضاعتا –حسب قول له- عشرات السنوات في نزاع من الممكن أن يصل إلى حل. ومعروف عن برونشتاين انتقاده للعنف بين الطرفين، حيث انتقد مؤخرا القصف الإسرائيلي لغزة، وكذلك إطلاق حماس للصواريخ اتجاه دولة إسرائيل، واستخدم في ذلك آية قرآنية كريمة تتحدث عن أن قتل النفس الواحدة بغير حق تعادل قتل البشرية جمعاء.