عقدت لجنة المرأة بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان ندوة، يوم أمس بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضدّ النساء الذي يحل كل 25 يناير، لأجل تسليط الضوء على الظاهرة.. وتم ذلك بمقر هيأة المحامين بالرباط تحت شعار "العنف: دوافعه، مظاهره وآثاره، وما هي آليات الدفاع لحماية المرأة". كلمات المتدخلين خلال الندوة أجمعت كلها على أنّ العنف ضد المرأة في تصاعد مستمرّ، رغم حملات التوعية واللقاءات التحسيسية، وهو ما تؤكده الأرقام الأخيرة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، والتي كشفت عن كون 74 بالمائة من النساء المغربيات يتعرضن للعنف بمختلف أشكاله. وقال المختار الهراس، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس في تدخله أثناء الندوة، بأن العنف ضد المرأة، خصوصا في شقّه الزوجي، يعتبر ظاهرة خطيرة جدا، مضيفا أن المغاربة عموما ينظرون إلى مؤسسة الزواج على أنها فضاء للسلم وحياة مثالية، لكن في الواقع هناك عنف يمارس داخل الأسر المغربية، حيث تقول أرقام الدراسات الصادرة بهذا الشأن بأن نصف النساء المغربيات المتوجات يتعرضن للعنف. الأستاذ الهراس تحدث عن أنواع العنف الممارس ضد النساء المتزوجات، والذي يشمل العنف العاطفي والجنسي والسيكولوجي واللفظي والاقتصادي، وقال بأن الرجل الذي يمارس العنف على المرأة لا يمارسه بشكل مسترسل، بل تكون هناك بعض التصرفات الإيجابية من طرفه تجاه زوجته، لكي تكون المرأة قادرة على تحمّل ما سيأتي من العنف. الدكتورة أمينة بركاش، طبيبة نفسانية قالت في مداخلتها بأنّ العنف الزوجي يتّسم بمفارقة، وهي أنه في الوقت الذي كان من المفروض أن يكون البيت الأسري فضاء للحماية والأمان بالنسبة للزوجة، فإن كثيرا من الزوجات يعشن داخل بيوتهن مع "جلآديهنّ"، مضيفة أنّ ظاهرة العنف ضد المرأة تهمّ جميع الطبقات الاجتماعية ولا تهمّ طبقة معيّنة، وزادت الدكتورة بركاش قائلة بأنّ البحث عن حلول لوضع حدّ لهذه الظاهرة يقتضي أولا تشخيص الظاهرة من جميع جوانبها، وتقديم البدائل للمعنّف والمعنَّفة، لأنّ الاستقلال المادي للمرأة وحده غير كاف من أجل الحدّ من العنف ضدها، بل لابدّ أن يكون هناك استقلال سيكولوجي يسمح لها باتخاذ القرار داخل المجتمع. من جهتها قالت فاطمة المغناوي، عن مركز الاستماع للنساء ضحايا العنف، بأنّ الدولة لا تساهم في الحدّ من ظاهرة العنف ضد النساء، بل تشجعها، من خلال المقررات الدراسية التي تشجع على التمييز بين الجنسين، مردفة أن مراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف تعيش على إيقاع مشاكل كثيرة، ولا تتلقى أيّ دعم مالي من الدولة، بل تعتمد على المساعدات الخارجية. وبخصوص العراقيل التي تواجهها النساء ضحايا العنف من الناحية القانونية، قال المحامي العربي فندي، بأنّ هناك فراغا قانونيا، وعتمة في مجال القانون الجنائي المغربي فيما يتعلق بحماية المرأة من العنف، وهو ما يجعل النساء ضحايا العنف لا يلجأن إلى القضاء، داعيا إلى تشجيع آلية التبليغ عن العنف وتوفير الضمانات الكافية للشهود من أجل الإدلاء بشهاداتهم أمام المحاكم، كما هو الحال بالنسبة للتبليغ عن الرشوة، منوّها بضرورة تجريم العنف ضد المرأة وعدم التسامح مع المعنّفين.