بدأ الأمر بمجرد مطالبة من أرتور ماس (الصورة) رئيس الحكومة المستقلة لكاتالونيا (جنيرالتات) من الحكومة المركزية بمدريد برئاسة ماريانو راخوي بالمصادقة على اتفاق مالي لفائدة كاتالونيا 11000 مليون أورو. إلا أن تعثر او عدم نقاش العرض أصلا جعل الأمور بين الحكومة المستقلة لكاطالونيا والمركز بمدريد تتخذ بعدا سياسيا تصعيديا من طبيعة خاصة بتهديد ماس باللجوء إلى استشارة سكان كاتالونيا لاختيار مصيرهم وتحديد مستقبل الاقليم في علاقته بالسلطة المركزية بمدريد، هل يختار الانفصال والاستقلال؟ وقد مر كل شيء بسرعة وبعجالة وكأنه سيناريو محبوك المراحل والمحطات من ذي قبل، فبمجرد رجوع ماس إلى برشلونة من مدريد، على إثر آخر لقاء بينه وبين ماريانو راخوي بمانكلووا، الذي لم يسفر عن شيء مادي أكيد يلبي طلبات ماس ويحقق طموحاته وانتظاراته في استصدار اتفاق مالي ينظر إليه أنه ضروري لتخفيف عبء الأزمة الاقتصادية في الاقليم. قرر ماس حل برلمان اقليم كاتالونيا والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها حدد لها يوم 25 نونبر 2012 تمهيدا لتنفيذ ما هدد به حال فشل المفاوضات على الاتفاق المالي. وتعددت القراءات السياسية المصاحبة لاستعمال رئيس جنيرالتات لهذا الحق الذي يخوله إياه النظام السياسي لكاطالونيا، بين قائل إنه مناورة ذكية من قائد داهية لتفادي لعنة الأزمات الاقتصادية التي غالبا تقضى و تعصف بمستقبل السياسيين وتقلب المعادلات لصالح أحزاب المعارضة، فلجأ ماس إلى حل البرلمان لتجنب آثارها عليه وعلى حزبه CIUالحاكم في كاطالونيا في مقابل تصديرها إلى الكيانات السياسية الأخرى الحزب الشعبيPPC الكاطالاني والحزب الاشتراكي الكاطالاني PSCمن خلال اذكاء مشاعر الكاطالونيين الدفينة بحلم الانفصال في حالة حصوله على نتيجة انتخاتية تؤهله للحكم بأغلبية مطلقة. وبالرغم من التوقعات والاحتمالات الأخيرة لكل من ميزوسكوبيا التابع لجريدة البايس، التي اظهرت أن حزب ماس قد يكون بعيدا عن حشد الأغلبة المطلقة المأمولة 68 مقعدا، بعد أن سربت يومية الموندو ELMUNDOمسودة تتهمه بمعية الرئيس السابق لكاطالونيا بوجول بالرشوة وتملكهما لحسابات سرية بسويسرا. فإن ماس حول ذلك الاتهام إلى وسيلة لشن هجوم على غرمائه السياسيين من خلال مزج وخلط كل انتقاد شخصي بكاطالونيا ويرجع دافعه الى نيته في اعطاء الفرصة لصوت شعب كاطالونيا في التعبير عن رأيه في تحديد مستقبل الاقليم. وهو الشعار الذي طبع به اوراق ويافطات دعايته الانتخابية. أما الحزب الشعبي الخصم اللدود لماس، الذي لا يخفي قادته منهم المرشحة عن الحزب إلسيا سانشير كاماتشو والسيدة دولوريس كوسبيدال رئيسة كاستيا دي لامنشا بتوجيه اتهامات وانتقادات مباشرة لماس باستغلاله كاطالونيا والكاطالونيين باعتماده لخطاب الانفصال وارادة الشعب والوعد بدعوة على الاستفتاء، فاعتبرها الحزب الشعبي غير قانونية ما لم بحصل على ترخيص من الحكومة وبأنهم سيجيتون بالقانون على أية دعوة إلى استفتاء غير قانوني، واستدلو على ذلك بمواد قانونية منها المادة149 الفقرة 31 من دستور اسبانيا الذي ينص أن الدولة تحتكر اختصاص الدعوة إلى استشارات شعبية عبر الاستفتاء. واستطردوا مستظهرين بالمادة 161 الفقرة2 التب سيستعملونها لتعطيل أية استفتاء غير قانوني، والتي تنص أن الحكومة تملك امكانية الطعن أمام المحكمة الدستورية في الاحكام والقرارات المتخدة في هيئات الحكومات المستقلة، وينتج قانونا عن عملية الطعن تجميد الحكم او القرار المطعون فيه لمدة خمسة أشهر. كما أن وزير العدل الاسباني البير لويس كياردون ذهب أبعد من ذلك بتصريحه أن عدم الاكتراث بحكم المحكمة الدستورية ستتم المتابعة من أجله بجريمة العصيان المنصوص والمعاقب عليها في المادتين 410و 411 من القانون الجنائي. وهي التهديدات التي جعلت ماس يقابلها بدوره بتهديده بتدويل التزاع واللجوء إلى المحاكم الأوروبية إن تصدت الحكومة المركزية للاستفتاء بالقانون وفق ما صرحوا به. فالحزب الشعبي يرى أن خطة ماس هي مجرد لعبة لامتطاء مشاعر سكان كاطالونيا لدعم وتعزيز مركزه الانتخابي ومحاولة لحشد الأصوات للفوز باغلبية مطلقة تتيح له الحكم بحرية ومرونة بعيدا عن التحالفات التي تعرقل تنفيذ برامجه وسياسته، مما جعلهم يرفعون شعارا مضادا يذكر السكان والهيئة الناخبة بكون كاطالونيا هي اسبانيا أيضا وينبهون بالمقابل من خطورة آثار خطابات ماس. إلى حد جعلت من رئيس الحكومة الاسبانية ماريانو راخوي يصرح في زيارته الأخيرة لجيرونا أن ماس ألحق ضررا كبيرا باسبانيا على المستوى الدولي. وأن أكبر خطر ستواجهه كاطالونيا أنها ستجد نفسها خارج الاتحاد الأوروبي. وفي مقابل خطاب الانفصال الحزب CIUو ERCو SIوخطاب تأكيد الانتماءPPC الحزب الشعبي، يحاول الحزب الاشتراكيPSC بواسطة مرشحه بيير ببارو أن يلعب دور الحكم في ساحة كلها ألغام، الأكيد أنه سيكون ضحيتها الأولى، وهي الفكرة التي اهتدى اليها زعيم الحزب الاشتراكي ألفريدو روبالكابا ووزير الداخلية السابق في حكومة ساباتيرو ، فهو يطرح فكرة التعديل الدستوري للانتقال من نظام الحكومات المستقلة إلى نظام فدرالي ويسانده في ذلك الرمز التاريخي فيليبي كونزاليس. إلا أن تلك الأفكار حول التعديل الدستوري ونظام الفيدرالية لا تطفئ نار المشاعر الجياشة لسكان منطقة كاطالونيا في وقت انقسمت فيه بين متحمس الى الاستقلال وبين راض على ما هو عليه من وضع ولا يخاطر بمستقبله بتشجيع الانفصال فكاطالوني في اسبانيا واسبانيا هي كاطالونيا و فريق آخر يرى ان الأزمة لم يسلم منها أحد. الشيء الذي جعل بعض الأحزاب الصغيرة كالاكولوجيين الاشتراكيين بقيادة جوان هريرا تفضل اللعب على الورقة الأخيرة من المواضيع الانتخابية التقليدية الأزمة والبطالة وانتقاد سياسة التقشف لعلها تستقطب أصواتا من ناخبين سئموا خطاب الفريق الأول والثاني والثالث. وقد تربح حسب استطلاع الرأي أصواتا كانت تحسب على أولائك الرقاء. ويبدو أن حزب ماس CIU قد يحقق أغلبية مطلقة 68 مقعدا تمكنه من الحكم بأريحية في الفترة الانتقالية التي تحدث عنها ألى غاية تنفيذ وعده بالاستشارة بالاستفتاء أو قد يقترب من الأغلبية المطلقة ويتحالف مع أحزاب ERC وSI التي ستستفيذ من مناخ وخطاب الاستقلال لتحسين نتائجها الانتخابية. كما أن ماس سيحكم في ظل معارضة مفككة يتيح له تنفيذ وعده أو التفاوض من ربوة عالية على ما يشاء مع الحكومة المركزية. ولا شك أن مزيدا من الحلقات المثيرة في انتظار المتتبعين والمحللين لهذا السيناريو. أخيرا تبث أن السياسة قد تجرف ما لم تجرفه السيول وقد تأت على ما لم تبلغه الهبة النيران وتفاقم من وضع من لم يصبه هوان الأزمة. فأي الخيارات وأية إرادة قد تكشف عنها صناديق الاقتراع يوم الأحد المقبل؟ هل تكشف عن الاحساس الدفين لدى سكان كاطالونيا بالاستقلال؟ أم أن الخوف من المجهول قد ينتابهم ويتخلفون من ركوب سفينة ماس في اتجاه دولة رفضت أوروبا أن تندمج آليا في الاتحاد إلا عبر مرورها من كافة المراحل واستيفائها للشروط والمعايير من أجل ذلك وانتظار دمج قد يأت وقد لا يأتي ولئن أتي فبعد طول انتظار؟وهل يختار الكطلان الابقاء على ما هم عليه من وضع والتفكير في مستقبل شكل الدولة بتأن عبرتعديل الدستور، في وقت خفت الحماس لهذه الفكرة؟ أم أنهم يختارون من يشاطرهم هم الأزمة وغم البطالة و يبنتقذ التقشف بعيدا عن تطرف الفريقين وحل الوسط للفريق الثالث. تلكم بعضا من أهم الأفكار والبرامج التي تتصارع في كاطالونيا و تشكل هم سكان كاطالونيا واعلام اسبانيا. عشناه معهم لأسبوع فنقلناها إلى قارئ هسبريس ليشاطر الجار الشمالي هم التأمل وعصيان التفكير، ولتروا أن اسبانيا تذوق من نفس كأس العلقم الذي أعدته للمغرب. [email protected]