أكد عبد الإله بنكيران رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الذي كان ضيفا على برنامج حوار يوم الثلاثاء الفائت على إلزامية تعليم اللغة العربية بمؤسسات تعليم البعثات الأجنبية، مجيبا على سؤال الصحفي مصطفى العلوي، واستطرد قائلا بأن الدولة المغربية ملزمة بأن تفرض تعليم اللغة العربية والتربية الإسلامية والتربية الوطنية على مدارس البعثات الأجنبية بالمغرب، وهي بذلك تحمي الهوية الوطنية، وقد أعاب على هذه المؤسسات عدم تدريس اللغة العربية إسوة بباقي اللغات. "" وهو بذلك يكون قد ذكر بجرح سرطاني غائر من تبعات الاستعمار اللغوي والثقافي الذي تعانيه بلادنا ولا يزال وللأسف ينخر ودون هوادة الهوية المغربية في أفق استيلابها الكامل، إن لم نوقف النزيف. وتجدر الإشارة بأن وضعية البعثات الأجنبية كان قد ورثها المغرب قبل الاستقلال واستمرت بعده، على اعتبار أنها مؤسسات تعليمية خاصة بالأجانب، والذين يفضلون تدريس أبنائهم بلغاتهم القومية، وهذه اللازمة شبيهة سياميا بلازمة الخمر لا يباع إلا لغير المسلمين من الأجانب. لازمة مكنت مدارس البعثات الأجنبية بأن تحافظ على منهاجها التعليمي دون رقابة وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، غير أنها لم تحافظ على جوهر اللازمة بعيد الاستقلال، إذ فتحت أبوابها لأفواج كبيرة من أبناء المغاربة ممن لهم صلات ود بالفرنكفونية الاستعمارية، وصار الاستيلاب اللغوي والثقافي مؤدى عنه بأثمان خيالية. ولارتفاع رقم معاملات هذه المؤسسات وانحسار الجودة في التعليم المغربي باتت هذه المؤسسات محط أنظار يتهافت عليها عدد من المغاربة لتسجيل أبنائهم بأسلاكها الشائكة، وتحت ذريعة جودة التعليم بها وارتفاع مردوديته. لم تكن أبدا شروط الجودة مفصولة عن حماية الهوية الوطنية، فكل الأدبيات والدراسة الخاصة بالجودة أوصت المؤسسات والمقاولات أولا باحترام وخدمة البيئة التي توجد بها، أما أن تعمل على تغريب أبناء المغرب من الداخل فهذا ما لا يقبل به لبيب. وكان قد فتح في هذا الموضوع نقاش واسع أنذاك من طرف المدافعين عن أصيل الهوية المغربية لكنه اصطدم بمعارضة الفرنكفونيين والمتفرنسين المتمكنين من مراكز صناعة القرار، وهو ما ترتب تراجع الدولة المغربية عن الإجماع الوطني في تعريب الإدارة المغربية لصالح لغة ورثناها كرها عن المستعمر، وبذلك يظل عدد كبير من أبناء هذا الوطن عرضة للاستلاب اللغوي والثقافي. ومهما حاولنا تفهم الحاجة إلى تعليم جيد، فإنه من الأسلم هوياتيا ولغويا وثقافيا وموضوعيا أن تتدخل وزارة التربية الوطنية لفرض عناصر الهوية الوطنية (تدريس اللغة العربية)، إلى جانب باقي موادها الدراسية الأخرى ولمراقبة مضامين مناهجها، تدخل يشفعه القانون كون عدد كبير من أبناء المغاربة يتابعون تعليمهم بهذه المؤسسات التعليمية الأجنبية، أو أن تصدر الحكومة قانونا يمنع تسجيل أبناء المغاربة بهذه المؤسسات الأجنبية طبقا لمنطوق روح اللازمة أعلاه. فإن تُصْرٍف الحكومة أموالا باهظة بإيفاد معلمين وأساتذة إلى الدول الأوربية لتعليم أبناء الجالية المغربية هناك اللغة العربية والثقافة المغربية، فهذا أمر جميل، والأجمل كذلك أن تصون هويتها داخليا من البعثات الأجنبية التي تستلب أبناء الوطن هوياتهم وخصوصياتهم الثقافية. عبد الفتاح الفاتحي مسؤول الإعلام والتواصل بالجمعية المغربية لحماية اللغة العربية [email protected]