أفاد الدكتور ميلود بلقاضي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني عين الشق الدارالبيضاء، أنه لا يمكن قراءة قرار وزير التجهيز والنقل الأخير القاضي بالكشف عن لوائح المستفيدين من مقالع الرمال قراءة واحدة، بل يمكن مقاربته من زوايا متعددة. وأضاف بلقاضي في تصريح لهسبريس أنه "مهما اختلفت القراءات وتعددت المقاربات فهناك إجماع بينها بكون قرار وزير التجهيز والنقل القاضي بالكشف عن لوائح المستفيدين من مقالع الرمال يعد قرارا سياسيا شجاعا واستراتيجيا ولو جاء متأخرا". توقيت مدروس وبراغماتي وعن دلالات توقيت هذا النشر قال نفس المتحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنه "مدروس وبراغماتي وجاء في مرحلة دقيقة عرفت فيها حكومة بنكيران انتقادات وهجومات متعددة مفادها أنها حكومة فشلت في أجرأة شعاراتها وتطبيق خطاباتها المتعلقة بمحاربة الفساد بكل إشكاله، مشيرا أن الإعلان عن هذا القرار جاء بتنسيق ممنهج بين قيادات حزب العدالة والتنمية أي بين رئيس الحكومة، ووزير التجهيز والنقل والفريق البرلماني. وأضاف بلقاضي أن رئيس الحكومة اختار بذكاء كبير وقوفه أمام مجلس المستشارين ليطلب باللهجة المغربية من وزير في النقل والتجهيز، عبد العزيز الرباح، نشر اللوائح المتعلقة برخص مقالع الرمال، وهذا ما عمل به الرباح الذي أعلن بالغرفة الأولى نشر هذه اللوائح بإلحاح من سؤال من حزب العدالة والتنمية، والذي "كان ذكيا بالنسبة للتسويق الإعلامي لهذا القرار حيث انه أعلن أن نشر لوائح المستفيدين من مقالع الرمال سيكون على الساعة 8 مساء وعلى موقع الوزارة، وهذا ما أعطى لهذا القرار بعد التشويق والإثارة والانتظارية" يورد بلقاضي. قرار سيخرج الزمن السياسي الحكومي والحزبي من روتينيته وفي ذات السياق، أكد بلقاضي أن قرار وزير التجهيز والنقل سيخرج الزمن السياسي الحكومي والحزبي من روتينيته ورتابته لأن هذا القرار حسب نفس المتحدث "سيقوي النقاشات العمومية حول كيفية اتخاذ القرارات السياسية وصناعتها لان حكومة بنكيران – رغم إرادتها في التغيير ومحاربة الفساد- قد واجهت صعوبات في مواجهة الفساد والكشف عن المفسدين". "أعتقد أن هذا القرار جاء ليرسل رسائل متعددة لمن يهمهم الأمر بان حكومة بنكيران هي التي ستتخذ التوقيت المناسب لاتخاذ القرار المناسب وبأنها مصرة على تطبيق مقتضيات الدستور وأجرأة التصريح الحكومي وترسيخ مبادئ الشفافية وتكافئ الفرص والحكامة ووضع حد لاقتصاد الريع والزبونية" يقول أستاذ العلوم السياسية لهسبريس. بلقاضي نبه ضمن ذات التصريح إلى أن هذا القرار سيثير ردود فعل عند كل فئات الشعب المغربي، الذي سيشعر بالغبن وبالحسرة وبالخوف على مستقبل البلاد التي ظلت خيراته خاضعة لسنوات للنهب وللسرقة خصوصا، مضيفا أن "هذا النشر قد كشف على أسماء شخصيات بارزة مدنية وعسكرية وسياسية وشركات وهمية مستفيدة من مقالع الرمال". وأوضح نفس المتحدث إلى أن حكومة بنكيران خرجت منتصرة من قرار الكشف عن لوائح المستفيدين من مقالع الرمال، لكنها فتحت أبواب جهنم أمامها لأن "الفساد المالي والاقتصادي بالمغرب لا يوجد بمقالع الرمال فقط بل انه فساد بنيوي متعشش في كل مؤسسات الدولة وعلى رأسهم بحض المقربين من هرم السلطة ورجالات الدولة والجيش والأحزاب السياسية وبعض رجال السلطة وبعض المؤسسات الإعلامية".. يتابع بلقاضي. ورغم تأكيده أن القرار إيجابي إلا ان بلقاضي قال إنه "لن يجدي نفعا للاقتصاد الوطني ما لم تتم عملية فضح ومتابعة مستغلي هذه المقالع، ووضع تدابير زجرية لحماية الثروة الطبيعية، وإعادة النظر في الاستفادة من رخص مقالع الرمال والصيد في أعالي البحار". وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني عين الشق الدارالبيضاء، أن حكومة بنكيران ستوجد بين مفترق الطرق بعد قرارها كشف عن لوائح المستفيدين من مقالع الرمال، وستواجه تحديات من الشعب الذي سيطالب بمحاربة الفساد في كل المجالات الأخرى، ومن قوى الفساد التي ستتحرك لمواجهة حكومة بنكيران، متسائلا في ذات الآن إلى أي حد ستصمد الحكومة أمام لوبيات الفساد؟ وهل ستستمر في سياسة المكاشفة أم أنها ستتراجع لكون الفساد بالمغرب هو ظاهرة بنيوية معقدة؟