طالب الخبير الاقتصادي الدكتور عمر الكتاني بتأجيل مشروع القطار فائق السرعة TGV، بسبب تكلفته المادية المرتفعة في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت وما تزال تعصف بكثير من بلدان العالم، وما يواكبها من تأثيرات سلبية على الاقتصاد المغربي، مضيفا أنه كان الأجدى أن يوظف المغرب تلك الأموال المخصصة للقطار في صناعة مُفاعل نووي تكون له نتائج إيجابية جمة على البلاد بخلاف ما قد يحققه قطار فائق السرعة للمغاربة. وأوضح الكتاني، في حديث هاتفي مع جريدة هسبريس الإلكترونية، بأن تكلفة TGV تقارب تكلفة صناعة مُفاعل نووي، وبالتالي كان الأجدر بالمغرب أن يعمل على إنشاء مفاعل نووي يوفر له 60 في المائة من استهلاكه للطاقة، ويخفف عبء صندوق المقاصة على ميزانية الدولة، كما يخفف من ثقل فاتورة المشتريات الطاقية. وتابع الكتاني سرد العوامل التي يراها تجعل تأجيل مشروع TGV أمرا ضروريا، ومن ذلك أن "تكلفة تسييره مرتفعة حتى أنه في فرنسا التي "صنعت" هذا القطار فإن بطاقة السفر فيه تعادل تقريبا بطاقة الطائرة"، متسائلا بالقول "هل المغاربة المُثقَلون بمشاكلهم الاجتماعية ومُعضلاتهم الاقتصادية قادر على استخدام هذا القطار حتى لو كان سعر ركوب القطار نصف سعر السفر عبر الطائرة، فأغلب المغاربة لن يكونوا مستعدين لأداء 500 درهم مثلا كسعر للتنقل من طنجة إلى البيضاء". وشدد الخبير على أنه قبل إطلاق قطار فائق السرعة يتعين أن يتم العمل على أن يكون الدخل المتوسط للفرد مرتفعا يجعل إقامة هذا القطار أمرا منطقيا، مردفا أنه من غير المنطقي الإصرار على هذا المشروع في وقت تعرف فيه البلاد 2 ملايين عاطل واكثر من 100 ألف طلب للسكن الذي لا يجده الشباب فيقع في براثن العزوبية ومخاطر الدعارة والخمور والمخدرات. واستدرك الكتاني، في تصريحاته ذاتها للموقع، بأنه لا يقول إن أموال قطار فائق السرعة كفيلة بحل كل المشاكل المستعصية للبلاد، لكن بالمقابل يجب أن تنتبه الدولة إلى أن هناك أولويات اجتماعية واقتصادية بالغة الأهمية وجب التصدي لها قبل مشروع TGV. "دواير الزمان" ولفت أستاذ الاقتصاد بالرباط إلى أنه كان من الأجدى أيضا تخصيص أموال TGV في صناديق لحماية المغرب من الكوارث الطبيعية المحتملة، من قبيل الجفاف والزلازل والفيضانات وغيرها، وكلها آفات لا يتوفر المغرب على حماية منها لا قدر الله، مشيرا إلى أن البلدان التي تحترم نفسها تهيء دائما لجميع الاحتمالات"، يقول الكتاني الذي زاد بأن أموال هذا القطار كان الأولى أن تم الاحتفاظ بها من أجل "دْواير الزمان" كما يقال. وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن المغرب، بعزمه على إطلاق TGV، مثل ذلك الفقير الذي يشتري علبة سجائر فاخرة ويحرص على وضعها في قميصه الرث بشكل يظهر للغير تفاخرا وتباهيا"، مشددا على "أنه ينبغي الإنفاق على قدر المداخيل والموارد"، ومؤكدا بأن "قطار TGV هو نوع من الإسراف غير المنطقي اقتصاديا واجتماعيا" وفق تعبير الكتاني. وجدير بالذكر أن عددا من الأصوات وإن كانت قليلة انبرت للمطالبة بتأجيل مشروع القطار فائق السرعة، الذي سيدخل في الخدمة أواخر 2015 مع انطلاق خط طنجة/ البيضاء، وذلك بسبب عدم حاجة البلاد إليه في ظل الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، فيما يراهن المتحمسون للمشروع على ما يعتبرونه فوائد يمكن جنيها من ورائه. وحسب توقعات المكتب الوطني للسكك الحديدية، من المرتقب أن يستقل حوالي 8 ملايين مسافر سنويا قطارات TGV ، مقابل مليونين حاليا، وذلك بفضل تقليص مدة وصول المسافرين إلى وجهاتهم لتصل على خط طنجة الدارالبيضاء إلى ساعتين و10 دقائق بدل 4 ساعات و45 دقيقة حاليا، أما بالنسبة لخط طنجةالرباط فلن تتعدى هذه المدة ساعة واحدة و20 دقيقة مقابل 3 ساعات و45 دقيقة في الوقت الراهن.