تراهن العديد من الشركات والمقاولات المغربية المتخصصة في شتى الأصناف الصناعية، على بحث فرص النمو والشراكة في السوق الإماراتية، للرفع من قيمة معاملاتها التصديرية إلى هذا الحيز الجغرافي الذي يتوفر على سوق استهلاكية ضخمة ويتمتع بقدرة شرائية مرتفعة. وفي هذا الصدد، تندرج زيارة مدراء ومندوبي أزيد من 33 شركة ومقاولة مغربية متخصصة في الصناعات الغذائية والأدوية والكهرباء ومواد البناء والتكنولوجيا الحديثة والحوامض، إلى دولة الإمارات، بتنسيق مع المركز المغربي لإنعاش الصادرات (مغرب-تصدير)، في إطار سعي هذه الشركات الحثيث للبحث عن بدائل تسويقية لاستغلال الفرص التجارية الكبيرة التي تتيحها منطقة الخليج باعتبارها سوق استهلاكية واسعة وبوابة لإعادة التصدير نحو الأسواق الآسيوية والشرق الأوسطية. وأكد ممثلو هذه الشركات في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، عقب لقاء مع وفد من المنعشين الاقتصاديين الإماراتيين الأحد الماضي بغرفة أبوظبي للصناعة والتجارة، في أن الانفتاح على السوق الإماراتية أضحى "محوريا وأساسيا من اجل الرفع من رقم المبيعات وتعزيز مستويات المعاملات التجارية الخارجية، بالنظر إلى تموقع عدد كبير من شركات الاستيراد في ميناء (جبل علي) بإمارة دبي، القادرة على استيعاب كم هائل من المنتوجات الغذائية الوطنية وإعادة تسويقها في الأسواق الخليجية المحلية". وأشاروا إلى أن البحث عن بدائل تسويقية جديدة للمنتوجات المغربية، على غرار الأسواق التقليدية في أوروبا وأمريكا وإفريقيا والتوقعات المتفائلة بشأن النمو الاقتصادي الذي تشهده منطقة الخليج، والتي باتت تتيح فرصا ممتازة لقطاع التصدير وإعادة التصدير، تعد كلها "مؤشرات إيجابية" للتفكير قدما في ايجاد صيغ مثلى كفيلة بالترويج للمنتوج المغربي بالنظر إلى تنوعه ومراعاته لمواصفات التقيييس والجودة العالميين. وفي هذا السياق، ترى أسماء الفالي مسؤولة بشركة (ماروك فروت بورد) الرائدة في قطاع تصدير الحوامض، أن الحاجة تبدو "ماسة" الآن أكثر من آي وقت مضى لإقامة شراكات اقتصادية وتجارية مع دول مجلس التعاون في ضوء التقديرات التي تشير إلى ارتفاع الاستهلاك في هذه المنطقة التي تعج بمراكز التسوق التجاري الضخمة، والجاذبة لكبريات الشركات الصناعية العالمية التي تتخذ منها مقرا لفروعا الإقليمية. وأكدت أن المغرب أصبح حاليا "منصة مثالية" للتصدير نحو دول الخليج والشرق الاوسط وآسيا وإفريقيا، بالنظر إلى موقعه الجغرافي وتوفره على صناعات حديثة وسياسات استثمارية ليبرالية ومحفزة إلى جانب امتلاكه العديد من نقاط القوة في هذا الشأن، من قبيل مناخه المعتدل المشجع على تطوير الصناعات التحويلية ، وتنوع منتوجاته الفلاحية، وجودتها ومطابقة صناعاته الغذائية للمعايير الدولية الأكثر صرامة. ومن جانبه اعتبر نبيل بنشقرون مسؤول التصدير بمختبرات (فارما 5) لصناعة الأدوية، أن الشركات والمقاولات المغربية "قادرة على إيجاد موطء قدم لها في أسواق دول الخليج التي تستورد نحو 90 في المائة من منتوجات صناعة الأدوية، إذا منحت لها بعض التسهيلات ذات الصلة بتكاليف الشحن الجوي والبحري الذي تعد عائقا كبيرا امام زيادة الصادرات المغربية نحو بلدان الخليج". أما هشام بلال المدير التجاري لشركة (صحراء ماربر) لصناعة الرخام، فأكد من جهته، على ضرورة استكشاف فرص الشراكة مع المؤسسات والشركات الخليجية المستوردة بالنظر إلى الجودة العالية التي يحضى بها منتوج الرخام المغربي في السوق الدولي، معتبرا ان الاهتمام فقط بالأسواق التقليدية لم يعد اختيارا صائبا الآن بالنظر إلى وجود اسواق جديدة تتمتع بقدرة شرائية مرتفعة مثل السوق الإماراتي. وعلى صعيد متصل، أكد مندوبو عدة شركات مغربية تشارك في معرض البناء والتشييد (بيغ فايف) بدبي الذي افتتح أمس بمركز دبي التجاري العالمي ويستمر على مدى أربعة ايام، أن مشاركتهم في هذا المعرض الدولي بالتنسيق مع المركز المغربي لإنعاش الصادرات (مغرب-تصدير) يندرج في إطار سعيهم الحثيث إلى "استشراف آفاق الشراكة مع الشركات المستوردة بدولة الإمارات خصوصا ودول الخليج على وجه العموم". وأكدوا أن المغرب ودولة الإمارات يزخران بموقع جغرافي مهم ويتوفران على بنيات لوجستية مهمة، تتمثل في امتلاكهما اكبر ميناءين في منطقتي حوض المتوسط والشرق الأوسط (ميناء طنجة المتوسط وميناء جبل علي بدبي)، وهو ما يشكل عاملا مساعدا على رفع وتيرة المبادلات التجارية الثنائية، بعدما تم تقليص مدة نقل وشحن صادرات وواردات البلدين من 30 يوما سابقا إلى 13 يوما حاليا. يشار إلى أن حجم المبادلات التجارية بين المغرب ودولة الإمارات بلغ سنة 2011 نحو 839ر119 مليون درهم. ويصدر المغرب إلى دولة الإمارات منتوجات النسيج والصناعة الغذائية (الحليب ومشتقاته على الخصوص) إلى جانب المنتوجات الموجهة للصناعات الحديدية (الحديد والصلب). اما واردات المغرب من هذا البلد الخليجي فتشمل منتوجات النفط والسراميك، ومصنوعات الألمنيوم والبلاستيك، زيادة على الآلات والمعدات الكهربائية، والتي تعد من بين المنتوجات الاكثر طلبا من قبل المستوريدن المغاربة. وتشارك 11 شركة ومقاولة مغربية في معرض (بيغ فايف) إلى جانب نحو 1000 شركة وعلامة تجارية عالمية تعنى بقطاع البناء والانشاءات. ويقام الرواق المغربي في هذا المعرض الدولي٬ الذي ينظمه مركز دبي التجاري العالمي٬ على مساحة تقدر ب240 متر مربع.