أضحت فرضية خوضِ حربِ رمالٍ لأجل استعادة شمال مالي تلوحُ شيئاً فشيئاً في الأفق، وإن كانَ التخطيطُ لهَا قد تمَّ دونَ المزيدِ من التدقيق خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام المقبل، مقتربةً معه من تمبوكتو، وكاوو وبوريم وتيساليت وكل نواحي أزواد، حيثُ تحلق طائرات المراقبة بشكل يومي، فإن "الجهاديين" أصبحوا يعدون العدة لأم المعارك. وسطَ حالةٍ من التأهب غدتْ تهيمنُ على كتائب تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بميجاو وأنصار الدين، الذين ضاعفُوا المراقبة والتوقيفات وسط المدنيين المشتبه في تشكيلهم طابوراً خامساً للأعداء من "الكفار". ويجري في غضون ذلك إخفاء الأسلحة والمحروقات والذخيرة على عجلٍ داخل ما يقربُ ست وحدات بمخيم للتداريب، تم افتتاحه في الآونة الأخيرة بغية استقبال المجندين الجدد، القادمين من كافة أرجاء ما بات يشبه ب"ساحلستان"، الممتد من المحيط الأطلسي إلى دارفور، وقد يكونُ العنصر المستقدم لهم هي المكافآت المجزية التي يحصلون عليها والبالغة 3000 أورو للفرد الواحد، أكثر من هم "الجهاد" في حد ذاته. وحسبَ الاستعلامات الفرنسية فإن مجموعات مكونة من 40 إلى 60 رجلاً، وصلت خلال شهر أكتوبر الماضي إلى تمبوكتو وجاوو وفي صفوفها مَا يربو على 300 متطوع، يتحدث قسم كبيرٌ منهم باللهجة الحسانية، رغم أن قيادة البوليساريو كذبت في وقت سابق مزاعمَ التحاق عناصرها بالجماعات الإسلامية من أجل القتال، ونفت وزارة الخارجية الفرنسية أيضاً من جانبها علمها بعلاقات تربط البوليساريو بالجهاديين. غيرَ أن الشك قطِعَ باليقين، وتأكدت الصلة بين البوليساريو وإسلاميي مالي في موريتانيا حيث جرى قبل مدة تفكيك خلية لتجنيد المقاتلين، يتزعمها محمد الأمين ولد لوليد، الملقب بمعاوية، والذي كانَ قادماً من مخيمات تندوف، كما تأكد الأمر بصفةِ جلية في يونيو 2005، غداةَ مهاجمة كتيبتين منتميتين إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال؛ كتيبة الملثمين التابعة للجزائري مختار بلمختار، وكتيبة طارق بن زياد، ذات الأغلبية الصحراوية، (هاجمت) ثكنة الغيطي بموريتانيا، والتي أتبعت خطوتها تلك بعدة هجمات تم تنفيذها في الجزائر، كالهجوم الذي استهدف فرقة للدرك بالمنية في أبريل عام 2006، كما تم بموريتانيا أيضاً تفكيك خلية كانت ترميإلى اغتيال السفير الإسرائيلي في أكتوبر 2008، فبمجرد حصول الصحراويين على تكوين عسكري يتمُّ احتوائهم بصورة مباشرة. وحسبَ عبد المالك درودكال، زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والأمراء التابعين له في المنطقة الجنوبية، يحيى دجوادي، ونبيل مخلوفي، اللذين انضافَ إليهما منذ فترة قصيرة جمال عكاشة، وإلياس يحيى أبو الهمام، يمثلُ التجنيد وسطَ مخيمات تندوف أمراً ذا نقطتين إيجابتين، تتجلى الأولى في تفادي الخسائر وسطَ صفوفهم، وتتجسد الثانية في تأمين مقاتلين ذوي خبرة، ويحفظون مسالك المنطقة بشكل جيد.