فاز الرئيس المنتهية ولايته باراك اوباما بولاية جديدة من أربع سنوات بعد تفوقه على منافسه الجمهوري ميت رومني بعد أن تخطى حاجز 270 صوتا من أصل 538 الضرورية للحصول على أغلبية الناخبين الكبار أو المجمع الانتخابي، بعد حملة انتخابية تعتبر الأكثر كلفة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي صرف فيها المرشحين حوالي 6 مليارات دولار. فاز اوباما بعد أن ضمن الفوز بأصوات حوالي 303 من الناخبين الكبار مقابل 206 لميت رومني في انتظار نتائج ولاية فلوريدا ذات 29 ناخبا كبيرا، والتي لم تحدد بعد الفائز بها نظرا للتقارب الكبير بين المرشحين مع تقدم طفيف لأوباما، والتي لن تغير نتائجها النتيجة الحالية للانتخابات كما وقع بالنسبة لانتخابات 2004 ، والتي كانت أصوات هذه الولاية الفاصل في تحديد الفائز بالانتخابات الرئاسية لصالح جورج بوش الابن بفارق حوالي 500 صوت لا غير. لقد ظفر الرئيس أوباما بولاية ثانية سيرا على سلفه بيل كلينتون، ولم يكسر قاعدة فوز الرئيس المنتهية ولايته بولاية ثانية، والتي عانى منها فقط رئيسان هما جيمي كارتر وبوش الأب. وذلك بعد أن حقق انتصارا قويا في بعض الولايات المتأرجحة الحاسمة وهي أوهايو وولايات شهدت معارك ساخنة هي فرجينيا ونيفادا وأيوا وكولورادو نتيجة التقارب الكبير في الأصوات التي حصل عليها المتنافسين. وقد شكلت الولايات المتأرجحة أو غير مضمونة النتائج كفلوريدا 29 صوتا، وأوهايو 18 صوتا، وفرجينيا 13 صوتا، وويسكونسن 10 أصوات، وكولورادو 9 أصوات ، ونيوهامشير4 أصوات، وكارولينا الشمالية 15 صوتا،وميشيغان 16 صوتا، ونيفادا 6 أصوات، وبنسيلفينيا 20 صوتا، صراعا قويا بين المرشحين، نظرًا لأن أصوات الناخبين كانت منقسمة بدرجة متقاربة جدًا في الانتخابات القليلة السابقة، ولأن أي من المرشحين لا يملك فيها غالبية الأصوات، وقد تختلف نتائج تصويتها بالنظر إلى شخصية المرشح ومزاج الناخبين وقناعاتهم، ومدى رضاهم أو سخطهم على حصيلة الرئيس المنتهية ولايته، أو شخصية المرشحين المتنافسين وطبيعة برامجهم وكذا مدى استثمارهم في الحملات الدعائية وخصوصا الحملات الاشهارية الإذاعية والتلفزية. وبالرجوع إلى نظام الهيئة الانتخابية بالولاياتالمتحدةالأمريكية، فإنه من الممكن الفوز بمنصب الرئاسة دون الفوز بالأصوات الشعبية، وهذا ما حدث مؤخرًا في العام 2000. فقد خسر آل غور الانتخابات رغم حصوله على أعلى نسبة من الأصوات الشعبية بسبب تفوق بسيط لجورج بوش الابن مما استدعى حصوله على كل أصوات المجمع الانتخابي أو الناخبين الكبار وعددهم 25 مما مكنه من الفوز بالانتخابات رغم الطعون ورغم إعادة الفرز اليدوي. ، فإن من يحصل على غالبيةWinner -takes- all ووفقا لقاعدة الفائز يحصل على كل شئ أصوات الناخبين، يحصل على جميع أصوات المجمع الانتخابي، أو الناخبين الكبار الذين يختارون الرئيس لولاية رئاسية. إلا أن أوباما مضطر للتعايش مع الجمهوريين الذين سيحتفظون بالسيطرة على مجلس النواب باغلبية 231 مقعدا مقابل 191 مقعدا للديمقراطيين، فيما سيحتفظ الديمقراطيون، بالسيطرة على مجلس الشيوخ بأغلبية 51 مقعدا مقابل 45 مقعدا للجمهوريين (دون احتساب نتائج ولاية فلوريدا في الحالتين معا). فاز اوباما وفي جعبته خيبات أمل كثيرة اتسمت بها ولايته الأولى، والتي ضاعت معها الوعود التي أطلقها بخصوص إعادة انتعاش الاقتصاد الأمريكي ومعها إعادة إحياء آمال ملايين الأمريكيين الذين عانوا تبعات الانهيار المالي الذي ضرب الولاياتالمتحدة ومعها باقي العالم الرأسمالي، ولعجزه عن الاستجابة للعديد من تطلعات الطبقات المتوسطة والأقليات، مما يثير شعورا بالخيبة لدى هذه الشرائح الاجتماعية. منذ بداية ولايته سنة 2008 خلفا لجورج بوش الابن، وجد اوباما نفسه في مواجهة أزمة اقتصادية خانقة، ورغم ضخه لأزيد من 787 مليار دولار منذ انتخابه في برامج الإقلاع الاقتصادي، فحصيلته الاقتصادية لازالت هشة، في ظل نمو الاقتصاد الأمريكي لم يتجاوز 2 في المائة في الربع الثالث من العام الحالي، وفي ظل ارتفاع معدلات البطالة لأزيد من 8,3 في المائة نتيجة تراجع الطلب وانخفاض الاستثمار . إلا أن ما يحسب لأوباما خلال ولايته الأولى، هو إصلاح النظام الصحي الذي سيمكن من توسيع التغطية الصحية لحوالي 30 مليون أمريكي إضافي، رغم أن هذا الإصلاح لن يدخل حيز التنفيذ إلا في سنة 2014. كما أن قانون دود-فرانك لإصلاح وول سترت وحماية المستهلك يشكل إضافة نوعية لولاية اوباما لأن تعمل على توضيح وتحديد القواعد التي تطبق على أغلب المنتوجات المالية للاستهلاك الشخصي كالقروض السكنية وبطاقات الإتئمان وقروض الطلبة...وذلك من خلال خلق جهاز لمراقبة الاستقرار المالي سيكون من وظائفها التنبؤ بالمخاطر التي قد تمس المنظومة المالية وتنسيق الإجراءات التي يجب اتخاذها لتجنب مثل هذه المخاطر، وجعل المعاملات المالية واضحة وشفافة. كما عملت إدارة أوباما على طرح مخطط لإنقاذ صناعة السيارات، من خلال تقديم المساعدة لجنرال موتورز وكريز لير بحوالي 81 مليار دولار والتي تم منحها في شكل قروض أو مساعدات مقابل برامج لإعادة الهيكلة مما مكن جنرال موتورز من أن تسترجع مكانتها الأولى عالميا. أما على الصعيد الدولي، فلعل ما يحسب لأوباما هو الانسحاب الأمريكي من العراق سنة 2011، ونجاحه في تشديد العقوبات على إيران دون السقوط في الفخ الإسرائيلي بالعمل على ضرب إيران مع تشديده على عدم السماح لها بامتلاك السلاح النووي، والإعلان عن الانسحاب من أفغانستان في أفق سنة 2014. ولعل توقف مسلسل المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، وعدم القدرة على إغلاق معتقل غوانتنامو، وسياسة التخبط في التعامل مع تبعات الربيع العربي، ثم عدم الضغط على الصين في مفاوضاتهما التجارية، تاركا المجال أمام منظمة التجارة العالمية للتدخل لحل النزاعات العالقة بينهما في إطار متعدد الأطراف.