حدد البرنامج الحكومي في مجال التربية الوطنية أهدافا محددة يروم بلوغها خلال الولاية الحالية نذكر منها هدفين أساسيين نرى أن مشروع دعم المؤسسات التعليمية بالمغرب PAGESM الجاري تنزيله على المستوى المحلي بمختلف الجهات والنيابات والذي يحتل مكانة بارزة ضمن مشروع الميزانية القطاعية الحالية ، يخدمها وهما : إعادة الثقة في المدرسة العمومية . جعل المؤسسة التعليمية في صلب الاهتمام بالمنظومة التربوية. فمن أجل إعادة الثقة في المدرسة العمومية يشدد البرنامج الحكومي على الاهتمام بمسألتين أساسيتين هما : الحكامة وجودة منتوج النظام التعليمي . وبالنظر إلى التسمية ومحاور الاشتغال الأربعة الأساسية التي يتشكل منها مشروع PAGESM ، يبدو واظحا انشغاله بمسألة تطوير الحكامة المحلية من خلال التركيز على رفع عمل القيادة التربوية على الصعيد المحلي من مستوى مجرد مهمة إلى مستوى المهنة داخل القطاع ( مهننة المهام والأدوار) لما لذلك ، بالتبعية المنطقية ، من تأثير على تحسين جودة النظام التعليمي. إن منح المؤسسة التعليمية سلطة القرار والاستقلالية في التدبير وتوفير الوسائل والمؤهلات الضرورية للعمل لجعل الموارد البشرية العاملة بالقطاع منخرطة ومعبأة ومسؤولة تجاه النتائج المحصلة ، هو ما ينبغي الاشتغال عليه ، حسب البرنامج الحكومي ، حتى تكون المؤسسة التعليمية فعلا في صلب الاهتمام بالمنظومة التربوية . والظاهر أن مشروع PAGESM لا يتقاطع فقط مع الأهداف الفرعية المسطرة في البرنامج الحكومي ، بل يعمل على دعم الجهود الساعية لتحقيقها وتجسيدها على أرض الواقع . فهو يؤسس للاشتغال بمشروع المؤسسة باعتباره إطارا وأداة للعمل من أجل أجرأة الأهداف الوطنية على المستوى المحلي وبصفة خاصة ما يتعلق منها بأولويات مثل : تعميم التمدرس محاربة الهدر المدرسي تأهيل المؤسسات والبنيات التحتية والتجهيزات والوسائل الديداكتيكية تطوير النموذج البيداغوجي . كما وباعتبار مشروع المؤسسة أيضا إطارا لتعبئة الوسائل والذكاءات المحلية بطريقة تشاركية لضمان انخراط كل الفاعلين من الجنسين والمعنيين والشركاء على الصعيد المحلي للعمل من أجل التطوير وتحقيق الأهداف الاستراتيجية الوطنية . كما أن المشروع يخدم أوراش البرنامج الحكومي في هذا المجال أيضا من خلال أحد محاوره المتعلق بتعزيز القدرات التدبيرية للموارد البشرية المعنية بانتقاء وتكوين ومصاحبة وتقويم المديرات والمديرين الممارسين والجدد. وإذا كان البرنامج الحكومي يرمي إلى تأهيل المؤسسة التعليمية لكي تكون جديرة بالحصول على سلطة القرار والاستقلالية في التدبير المالي والإداري والتربوي ، وإذا كانت هذه الوضعية المنشودة تقتضي إعمال خمسة مبادىء في إطار خيار اللامركزية في قطاع التربية الوطنية وهي : التنزيل المتدرج للاستقلالية في التدبير التربوي والمالي والإداري إعمال التقويم المنظم لأداء المؤسسة القائم على قياس الإنجازات والنتائج . تقوية علاقة المؤسسة بمحيطها التربوي والإداري والمجتمعي . دعم قدراتها التدبيرية بالنظر إلى تعدد أدوارها . بلورة مشروع المؤسسة داخل كل مؤسسة لأجرأة الأهداف الوطنية دون إغفال الخصوصيات المحلية مع التصدي للسلوكات غير المدنية ( العنف ) . إذا كان هذا هكذا في البرنامج الحكومي ، فإن مشروع PAGESM ، من حيث موضوعه وأهدافه ، يرمي إلى : بلورة وإنجاز مشاريع المؤسسات . بلورة وإنجاز مخطط لتعزيز القدرات التدبيرية للمديرات والمديرين إلى جانب تأهيل مكونين داخل مراكز التكوين . بلورة مساطر وأدوات حديثة لانتقاء وتقويم المديرات والمديرين . إعمال تدابير لتحقيق المساواة في بلوغ حاجات الذكور والإناث بشكل متساو من جهة وفي ولوج النساء للإدارة التربوية من جهة أخرى . ويرمي ، من حيث منهجية اشتغاله ، إلى : اعتماد منهجية الاشتغال بالمشروع . التشبيك المناطقي : تشغيل المديرات والمديرين في إطار مجموعات الممارسة المهنية قصد توفير شروط التبادل والحوار والتقاسم حول نفس المشكلات المطروحة في الممارسة المهنية . القرب و المصاحبة الميدانية : عن طريق آليات وطنية وجهوية وإقليمية إلى جانب مفتشات ومفتشي المناطق التربوية . حل المشكلات ودراسة الحالات : من أجل مواجهة إكراهات الواقع الملموس . اعتماد الممارسات والتجارب الناجحة : من اجل ترسيخ ثقافة التقاسم والتبادل . التعلم عن طريق الأنداد أو الأقران : لتنمية روح التعاون والألفة بين الممارسين لنفس المهنة. لهذا كله فإن المشروع يخدم البرنامج الحكومي ويساهم في توفير شروط تأهيل المؤسسة التعليمية لبلوغ الوضعية المنشودة . لكن السؤال الذي لا ينبغي أن يغيب عن البال هو : هل سيتم تنزيل المشروع على الوجه المطلوب حتى يؤتي أكله كاملا؟ *مفتش فلسفة بنيابة الناظور