انطلقت بفضاء المكتبة الوطنية بالرباط أشغال المؤتمر الإقليمي حول عقوبة الإعدام، والتي ستمتدّ إلى غاية ال 20 من أكتوبر الجاري، ببرنامج مسطّر سيعرف تنظيم عدد من الندوات والورشات وموائد النقاش. الجلسة الافتتاحية، التي عرفت حضور وفود من دول شمال إفريقية وشرق أوسطية وأوربية وإفريقية، وكذا عددا من السفراء المعتمدين لدى المغرب، عرفت تدخّلات لممثلي منظمات عالمية داعية إلى إلغاء عقوبة الإعدام، حيث أجمع جميع المتدخلين على أن هذه العقوبة يجب أن يتمّ إلغاؤها احتراما لحق الإنسان في الحياة. المداخلة الأولى كانت من طرف الناشطة الحقوقية اللبنانية، انطوانيت شاهين، التي قدمت شهادة مؤثرة حول سنوات التعذيب التي قضتها داخل زنزانة انفرادية في أحد سجون لبنان. انطوانيت قالت في شهادتها التي قدمتها بنبرات متقطعة من شدة التأثر، قالت بأن التعذيب الذي تعرضت له كان "تعذيبا فوق احتمال الإنسان"، حيث كان حراس السجن يقومون، حسب ما جاء على لسناها، بضرب رأسها مع الحائط، وتعريضها للجوع والعطش، وجرّها من الشعر، وعندما تطلب ماء لتشرب يصبّون عليها الماء الساخن لمدة خمس سنوات، قبل أن يتمّ الحكم عليها بالإعدام، غير أن الحكم لم ينفّذ في حقها، بعد حملة تضامنية عالمية واسعة، انطلقت بتقرير أنجزته منظمة العفو الدولية أمنستي، حيث تقرر تمتيعها بالبراءة. وقالت أنطوانيت في شهادتها ب"أن عقوبة الإعدام يجب أن تلغى بالمرة، لأن تحويلها إلى الحبس المؤبّد يصير أكثر ألما". من جهة أخرى، قال فتح الله ولعلو، عمدة مدينة الرباط، في مداخلته أمام المؤتمر إن الحق في الحياة هو امتداد لحقوق الإنسان المتعارف عليها في جميع المجتمعات، مضيفا "نريد أن تنخرط بلداننا في الالتزامات الدولية وتغيّر اجتهاداتها وتأويلاتها القانونية حتى تتلاءم مع متطلبات القرن الواحد والعشرين"، وفي علاقة المغرب بهذا الموضوع، أضاف ولعلو قائلا "المغرب مؤهل للقيام بهذه القفزة النوعية أكثر من باقي بلدان المنطقة، ما سيجعل، حسب قوله، موقعه المعنوي والسياسي يتقوى أكثر بين بلدان المنطقة". في نفس السياق ذهب تدخّل إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث وصف عقوبة الإعدام ب"العقوبة اللا إنسانية والغير العادلة، مضيفا: "أودّ من موقعي كرئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن أدعو الحكومة المغربية، باسم المحكومين بالإعدام الذين ينتظرون منذ سنة 1993، وعائلاتهم، إلى أن تصوت لأول مرة على توصية الأممالمتحدة الداعية إلى الوقف الفوري لعقوبة الإعدام خلال شهر دجنبر القادم". مصطفى الأسعف، وهو مفتش سام بوزارة العدل الأردنية تحدث في مداخلته حول عقوبة الإعدام في الأردن، وقال بأن المملكة الهاشمية "قامت بتقليص عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام بشكل معقول"، حيث لم يتمّ، حسب قوله، تنفيذ أي عقوبة إعدام منذ سنة 2006 إلى الآن، مؤكدا على أن إلغاء عقوبة الإعدام في الأردن لا يتعلق بقرار سياسي، بل ب"عادات المجتمع الأردني"، حيث يتمّ إيقاف تنفيذ الإعدام في حال وقوع الصلح بين المتهم وبين أهل الضحية، لذلك، يقول مصطفى الأسعف، "فالقرار ليس قرارا سياسيا بل هو قرار اجتماعي". من جهته، قال العياشي دعدوعة، ممثل اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان بالجزائر، بأن هذه الأخيرة أوقفت تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، رغم الظروف الأمنية الصعبة، مضيفا "أن الجزائر هي البلد العربي الوحيد الذي صوّت على توصية الأممالمتحدة لوقف عقوبة الإعدام سنة 2007. المتحدث باسم وزير العدل التونسي، تطرق في مداخلته إلى موضوع عقوبة الإعدام التي يتمّ تنفيذها انتقاما من المعارضين السياسيين، حيث قال بأن 90 بالمائة ممن نفّذت في حقهم أحكام الإعدام في تونس في عهد النظام السابق كانوا سياسيين، وأن العقوبة كانت تنفّذ من أجل تصفية حسابات سياسية، مشيرا إلى أن عددا من الذين يحكمون اليوم في تونس كانوا هم أيضا من المحكومين بالإعدام، ولم يكونوا يتصورون أنهم سيخرجون يوما من أقبية الموت. أما عبد الرحيم الجامعي، رئيس الائتلاف المغربي من أجل مناهضة عقوبة الإعدام، فقد وصف العقوبة بأنها "عقوبة دموية يجب إلغاؤها"، مضيفا "لا نحتاج إلى عقيدة لإلغاء هذه العقوبة، بل نحتاج فقط إلى قناعة، مضيفا أن الدفاع عن إبقاء عقوبة الإعدام في الوقت الراهن، بسبب التطورات التي يشهدها العالم وتشهدها المنطقة، أصبح صعبا أكثر من صعوبة المطالبة بإلغائها، متوجها إلى الحكومة المغربية باللوم على "موقفها السلبي" من إلغاء عقوبة الإعدام، قائلا بأن المغرب والحكومة المغربية يوجدان في موقع غير مريح تجاه الأممالمتحدة والاتحاد الأوربي والمنظمات الحقوقية الدولية. محمد النشناش، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، قال في مداخلة مقتضبة إن عددا من الذين أعدموا منذ سنة 1956 بالمغرب كانوا مناضلين ومقاومين من أجل الحرية والديمقراطية، "حيث كانت هناك أخطاء قضائية مقصودة". يقول نشناش.