في شهر ماي 2012، أكد السيد عزيز الرباح وزير التجهيز أن وزارته برمجت في سنة 2012، تدشين أشغال الشطر الأول من ميناء الناظور غرب المتوسط بجماعة إِعْزانَن، وأن الدراسات التقنية للمشروع على وشك الانتهاء، ولم يبق منها إلا عدد قليل من الدراسات التكميلية التي يشرف عليها المكتب الوطني للموانئ. هذا المشروع الهام الذي قد يمول في بدايته من الصناديق السيادية للمغرب بمساهمة 1.6 مليار درهم (المرسوم رقم 2.10.265 (23 شتنبر 2011) بموجبه يسمح للوكالة الوطنية للموانئ من اجل المساهمة ب 51% في رأسمال شركة "Nador West Med S.A" )، سيتطلب إنجازه 5 سنوات من الأشغال بقيمة 7.6 مليار درهم من أجل إنشاء ميناء في المياه العميقة لوضع الحاويات ونقلها، وتصدير السلع واستيرادها ومعالجتها ، وتجهيز مجال تجاري عالمي، وتهيئة منطقة صناعية مندمجة موجهة لاحتضان مهن العالم. ولكي يكون هذا المشروع مشروعا تنمويا بامتياز للجهة الشرقية، ومن أجل تجنب بعض الأخطاء التي ارتكبت في الماضي وفي الجهة نفسها من المملكة، يجب التخطيط لضمان مستوى عال لمردودية هذه المنشأة وذلك عبر تثمين المحيط المجاور للميناء. وأهم ثروة يجب التفكير في تأهيلها وتثمينها هي الثروة المنجمية للجهة الشرقية التي عرفت شبه انقراض بعدما كانت هي الرائدة في تنمية المغرب ، وعلى رأس هذه الثروة المنجمية نجد مناجم الحديد بِوكْسَانْ. فعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر الدور التنموي الذي لعبته مناجم وكسان ما بعد استقلال المغرب، في تلك المرحلة كان المغرب في أمس الحاجة لبناء وهيكلة اقتصاده ومؤسساته (الجهاد الأكبر). فكانت مناجم الريف تستقطب ما يقرب من: 17% من الأيادي العاملة مقارنة مع شركة الفوسفاط بخريبكة ، فإذا كان في سنة 1958 يشتغل بمعامل الفوسفاط 11067 عامل، فإنه كان يعمل بمناجم وكْسَان 1866 عامل. وإننا في هذا المقال نودُّ أن نُذكِّر بهذه الثروة المعدنية التي كانت وما تزال محطّ اهتمام ساكنة الريف على أمل أن يعاد استغلالها من جديد. كما أن إنشاء ميناء الناظور غرب المتوسط ببطوية بعيدا على المنشآت السياحية لمارتشيكا، سيُمَكِّن من نقل المعدن وشحنه دون تسبب أضرار بيئية مثل ما وقع في الماضي. ثم إن التجهيزات المتوفرة في مناجم ومعامل وكسان يمكن استغلالها من أجل توفير أنشطة سياحية تكميلية لمشروع مارتشيكا. ولا ننسى تحرك المجتمع المدني في السنوات الأخيرة للمطالبة بإعادة الاعتبار لمنطقة منكوبة عرفت تاريخا مزدهرا ساهم في تنمية المغرب والآن هي في أمَسِّ الحاجة إلى أن يساهم المغرب في تنميتها وتأهيلها. الحقبة الاستعمارية : إن اهتمام القوى الاستعمارية بالثروات المعدنية للريف ظهرت منذ أواخر القرن التاسع عشر، فكان هناك تهافت بين مختلف الدول للظفر بالامتياز للتنقيب عن معادن الجهة واستغلالها. فعند تثمين مناجم الحديد في جبال بويفرور سنة 1905 من طرف خبراء إسبان، تفاوضت إسبانيا مع باقي الدول حول أحقيتها لاستغلال تلك الثروة المعدنية ، إذ أسفرت المفاوضات على ما يعرف باتفاقية الجزيرة الخضراء سنة 1906. وفي سنة 1907 بدأت إسبانيا تتفاوض مع المدعو بوحمارة (المنشق على السلطة الشرعية للمغرب) بصفته الحاكم الحقيقي بالمنطقة ومع السلطان بصفته السلطة الشرعية المعترف بها وفق اتفاقية الجزيرة الخضراء. وبعد الحصول على موافقة مختلف الأطراف على استغلال مناجم وكْسَان، ولعسارة وتجهيز سكة حديدية تربط المنطقة بميناء مليلية المحتلة (30 كم)، أنشأت إسبانيا شركة "النقابة الإسبانية لمناجم الريف"(SEMR) سنة 1907. هذه الشركة تحولت سنة 1908 إلى "الشركة الإسبانية لمناجم الريف" (CEMR). في سنة 1911، بعد القضاء على المقاومة الريفية بزعامة الشريف محمد أمزيان، تم تجهيز السكة الحديدية. ثم باشرت إسبانيا باستغلال مناجم الحديد عبر تعدد الشركات المستغلة لتشجيع الاستثمار الخاص، فأسست شركة ثانية سنة 1913 تحت اسم سيتولازار (SETOLAZAR). في بداية (سنة 1914)، مَكَّن الاستغلال اليدوي للمناجم من شحن أول دفعة إلى إنجلترا عبر ميناء مليلة المحتلة. وموازاة مع عملية الاستغلال اليدوي كان الخبراء يدرسون مدى جدوى تجهيز المناجم بتجهيزات حديثة ومكلفة ومدى توفر التجهيزات التحتية لإمكانية الرفع من وتيرة الإنتاج، ففي سنة 1917 تم رسم أول خريطة جيولوجية لقلعية (1/100000) وبداية أشغال بناء مرفإ وتجهيزه بميناء مليلية خاص لتصدير المعدن. عند اندلاع المقاومة الريفية الثانية (1921 – 1926) بزعامة الأمير محمد عبد الكريم الخطابي، استعملت تجهيزات الشركات المستغلة لمناجم الحديد لأغراض عسكرية، فتعثرت أشغال التجهيز والتصدير. ففي سنة 1924 تم بناء معمل لتكسير الحديد كما تم تدشين خزان كبير لميناء مليلية سنة 1926. فلم تستعمل الآلات المتطورة لاستخراج المعدن من المناجم إلا في سنة 1930. ومع تزايد الطلب، وفي خضم الحرب العالمية الثانية (1947)، تمكنت الشركة الإسبانية المستغلة لمنجم الحديد (CEMR) من الاستعانة بكفاءات ألمانيا وأميركا المتحاربتين. حقبة ما بعد الاستقلال بعد حصول المغرب على استقلاله سنة 1956، كان لزاما على الشركات الأجنبية العاملة بالمغرب فتح رأسمالها لمستثمرين مغاربة، ففي سنة 1959 أجازت الدولة الإسبانية للشركة الإسبانية لمناجم الريف (CEMR) بيع 22,66 في المائة من أسهمها لمكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية (BRPM) (المحدث بظهير 15 دجنبر 1928) (البروتوكول التفاهم ل15 أبريل 1959). كما صدرت سنة 1959 قوانين لتسوية الوضعية القانونية للشركات الإسبانية العاملة في مجال استغلال مناجم الحديد بوكسان ولَعْسارة (الظهير الشريف رقم 1.59.353 لمصلحة شركة سيتولازار (SETOLAZAR) والظهير الشريف رقم 1.59.354 لمصلحة الشركة الإسبانية لمناجم الريف (CEMR). في سنة 1961، ورد في تقرير حول مشاكل التنمية الاقتصادية بالمغرب – العالم الثالث- بأن العاملين بالشركة الإسبانية لمناجم الريف (CEMR) غير مُؤهّلين وغالبيتهم من الأيادي العاملة البسيطة. في سنة 1967 تم تصفية حساب الشركة الإسبانية لمناجم الريف وإحداث شركة مغربية تحت اسم "شركة استغلال مناجم الريف" (SEFERIF) التابعة لمكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية (BRPM). فتمت عملية التفويت سنة 1968 بما يفوق 10 مليار درهم. كما أحدثت شركة مجهولة إسبانية تحت اسم "شركة نقل" (ETSA) تتكلف بشحن المعدن ونقله من المناجم إلى ميناء مليلية. المخطط الخماسي 1968 – 1972 : لا يمكن الحديث عن مناجم وكسان دون ذكر المخطط الخماسي 1968 – 1972 الذي قرر تجهيز شركة استغلال مناجم الريف (SEFERIF) بوسائل متقدمة جعلتها في المرتبة الأولى في إفريقيا، والرابعة في العالم بعد أمريكا وكندا والسويد. فكلف ذلك اقتراض المغرب لِ: 3187500 دولار سنة 1971 من شركة فايرست ناسيونال سيتي بنك وبنك التصدير والاستيراد (ظهير شريف رقم 1.7.34). هذا القرار اتُّخذ على الرغم من ظهور أول بوادر انقراض الهيماتيت (hematite Fe2O3 / 68%Fe) سنة 1968، والشروع في استخراج المانيتيت (Fe3O4 / 54%Fe magnetite) وما يصاحبها من كبريت الحديد الذي يقلِّل من جودة المعدن المستخرج. في سنة 1972، تم فسخ الاتفاق مع شركة النقل الإسبانية (ETSA) وتجهيز شركة استغلال مناجم الريف بقطارين و60 عربة تم اقتناؤها من أمريكا. كما شُيِّد معمل لتكرير الحديد (1970)، ومعمل لإنتاج كريات بفرنين (1973) إضافة إلى مرافئ أخرى. بوادر الأزمة : لا نريد أن نخوض هنا في أسباب الأزمة ولا في التبريرات التي وجدت لها. إن هدف مقالنا هذا هو سرد الحيثيات التاريخية من أجل الاستفادة من التجارب المتراكمة والعمل على الخروج بمقترحات يمكن أن تساهم في تثمين مناجم وكسان وإعادة الاعتبار لها. في سنة 1973 ظهرت أول بوادر الأزمة المالية لدى شركة استغلال مناجم الريف (SEFERIF)، ولكنها لم تكن مقلقة. ففي سنة 1974 تقرر إحداث في إطار قانون مالية عن سنة 1975 حسابا للتسبيقات المقدمة إلى شركة استغلال مناجم الريف (SEFERIF) التي سجلت أول عجز في ميزانيتها (1975). من أجل مواجهة العجز المالي وضعف جودة المعدن المستخرج، تقرر البحث عن المعدن في باطن الأرض فتم حفر بئرين (400 م) سنة 1976. ولكن ذلك كان دون جدوى إذ توقف إنتاج كريات المعدن سنة 1977. في سنة 1978 تفاقمت الأزمة المالية للشركة (SEFERIF) مما دفع لاجتماع مجلسها الإداري الذي اقترح تشكيل لجنة وزارية لاتخاذ التدابير اللازمة. وقد أرجعت المشاكل التي تتخبط فيها الشركة إلى : مشاكل مالية مرتبطة بأزمة تكرير الحديد العالمية، ومشاكل تقنية مرتبطة بوسائل تكوير المعدن التي تم اقتناؤها والتي لم تأخذ بعين الاعتبار تواجد كمية كبيرة من الكبريت مع المانيتيت. كما اتخذت بعض القرارات لإنقاذ الشركة من الإفلاس منها : ضخ 40 مليون درهم من أجل تصفية مؤخرات الشركة، والسماح للشركة باستغلال مناجم البينتونيت، وفحص الحالة المالية للشركة. في سنة 1979، قامت الشركة بتصدير المعدن عبر ميناء بني أنصار، وكانت آخر شحنة سجلت عبر ميناء مليلية المحتلة سنة 1980. وفي سنة 1984، مع تزامن افتتاح شركة الصلب والحديد (SONASID)، تم التحقيق مع شركة استغلال مناجم الريف (SEFERIF) التي حاولت جاهدة (1985 و 1986) لتأهيل المنجم وتطبيق النتائج الايجابية المختبرية على تكوير المعدن في المنجم. إلا أن تلك المحاولات اليائسة لم تنقذ الشركة (SEFERIF)، فتوقفت عملية استغلال مناجم الحديد سنة 1988. في سنة 1994، نجد في تقرير لمكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية (BRPM) بأن شركة استغلال مناجم الريف (SEFERIF) سجلت تحسنا فيما يخص رقما معاملاتها وأنه ليس من الضروري التعجيل بتصفية حسابها، بعد ذلك بسنتين (1996) يصدر مرسوم رقم 2.95.759 بموجبه تمدد الرخصة تحت رقم 1883 الممنوحة لشركة استغلال مناجم الريف لمدة اثنتي عشرة (12) سنة. تصفية حساب الشركة ووقف استغلال مناجم وكسان : في سنة 1998 تمت خوصصة بينتونيت الناظور، ووقع اتفاق بين إدارة الشركة (SEFERIF) وممثلي العمال على تسديد مستحقات عمال الشركة (46 مليون درهم) وعلى تفويت 224 سكن إلى من يقطنها. فكانت بوادر انطلاق فعلي لمسطرة تصفية حساب الشركة (SEFERIF). بعد ذلك بسنة (1999) تداولت الصحف حول اتفاق تم إبرامه بين مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية (BRPM) حول تفويت مناجم شركة استغلال مناجم الريف (SEFERIF) إلى شركة خاصة معادن تويسيت (CMT) يقضي الاتفاق على : استخراج بينتونيت، والقيام بدراسة جدوى إعادة تشغيل مناجم الحديد (مدة الانجاز 3 سنوات) إذا كانت النتائج ايجابية (ضخ 300 مليون درهم لإعادة الإنتاج)، ثمّ تكلفة التفويت 35 مليون درهم لتعويض شغيلة الشركة. إلا أن هذا التفويت لم يتم، فنجد في سنة 2000 قرارا للمجلس الإداري لشركة مناجم الريف (SEFERIF) يقضي بوقف استغلال مناجم وكسان. فتم الاتفاق مع صندوق الضمان الاجتماعي لتسوية مستحقات ديون الشركة لمدة 10 سنوات. فتم في سنة 2001 بيع التجهيزات المتنقلة الموجودة بمعامل المنجم كخردة غير صالحة للاستعمال، كما تمت في قانون المالية عن سنة 2001 برمجة مخطط لإعادة تأهيل الشركة (SEFERIF) يقضي بدفع مستحقات العمال وديون الشركة. في سنة 2002، تم إخلاء المناجم والمعامل المتواجدة بوكسان من جميع موظفيها وتركت للنهب والتخريب. كما تغيرت المؤسسة المالكة للشركة (SEFERIF) سنة 2003 بعد عملية الإدماج (طبقا للقانون 33.01) بين مؤسستين عموميتين هما : مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية (BRPM) و المكتب الوطني للبحوث والاستثمارات النفطية (ONAREP) في المكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن (ONHYM ). ونجد في التقرير النهائي للبنك الإفريقي للتنمية حول برنامج الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية (PRES) لسنة 2005 بأن مسطرة (تصفية الحساب) توقف أشغال شركة استغلال مناجم الريف (SEFERIF) انطلقت سنة 1998. ففي سنة 2006 تم بيع القطارين لدولة الأرجنتين. في تقاريرها السنوية (الكتاب السنوي حول المعادن) لوزارة الداخلية الأمريكية – شعبة الجيولوجيا (USGS Science for a Changing World) (2006 و 2008) ، نجد بأن شركة استغلال مناجم الريف استوردت الغاز المُسيل. في سنة 2007، سجل تقرير المجلس الأعلى للحسابات بعض الملاحظات حول مصير بعض ممتلكات الشركة (عقار وبنايات)، كما أوصى التقرير بضرورة التعجيل بتصفية حساب الشركة (SEFERIF). في مشروع ميزانية عن سنة 2009 نجد بأن الشركة (SEFERIF) ما زالت قائمة وفي طور تصفية الحساب والمساهم الرئيسي هو المكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن (ONHYM). مستقبل مناجم وكسان : في الحقيقة من الصعب التنبؤ بمستقبل مناجم وكسان في ظل شُحّ المعلومات حول نتائج الدراسات التي أشرفت عليها الشركة المالكة، أو التي قامت بها شركة معادن تويسيت (CMT). إلا أننا يمكن أن نستخلص مما سلف بعض النتائج التي يمكن أن تفيد المهتمين بتدبير الشأن العام على المستوى الوطني أو الجهوي أو المحلي، كما يمكن لهذه النتائج أن يستأنس بها الفاعلون المهتمون بمصير مناجم وكسان لإعداد مشاريع تنموية يمكن أن تلقى اهتماما وتموينا من مانحين مغاربة أو أجانب. جودة وكمية المخزون المعدني المتوفر بالمناجم : لقد اختلفت المصادر التي اطلعنا عليها حول مخزون المناجم من الحديد، وإننا لن نخوض في هذا الموضوع لعدم توفرنا على معطيات دقيقة وسنخصص هذه الفقرة لكي نلح على ضرورة كشف نتائج الدراسات التي تمت في الماضي – إن كانت هناك دراسات – للباحثين من أجل مدارستها وتحليلها. لقد عمل المستعمر الإسباني على استنفاد الثروة المعدنية السطحية (الهيماتيتHematite ) خلال استغلاله لمناجم الحديد بوكْسَانْ ولَعْسَارَة، فكان يستهدف حتى المعادن الباطنية المكونة أساسا من المانيتيت (magnetite) . إلا أن جيولوجيا المنطقة البركانية وفرت كمية مهمة من كبريت الحديد "بيريت" (pyrite FeS2) تنقص من جودة المعدن المستخرج من المناجم. وإذا ثبت تواجد البيروتيت (pyrrhotite Fe(1-x)S) فإن جودة المعدن ستصبح أقل قيمة من أجل استخراجه وتصديره. نستخلص مما سلف أن الحق المخول لشركة استغلال مناجم الريف (SEFERIF) لاستغلال مناجم وكْسَانْ ولَعْسَارَة قد انتهت صلاحيته سنة 2008 بعد التمديد الذي استفادت منه الشركة سنة 1996 (رخصة رقم 1883)، و لذا يجب رفع اليد على المناجم قصد السماح لمستثمرين آخرين لاستغلال ثروات مناجم الحديد. تثمين المنشآت المنجمية المتوفرة : إن مستقبل الناظور الاقتصادي سيكون على المدى المتوسط سياحيا وتجاريا، فإذا كانت وكالة تهيئة موقع بحيرة مارتشيكا تعمل على تطوير السياحة المكثفة بالإقليم (tourisme de masse)، فمن الضروري مرافقة المشروع بسياحة تاريخية اركيولوجية وسياحة بيئية. هنا يمكن تثمين المنشآت المتوفرة بالمناجم (أفران، آبار، حمامات ...). كما أن هذه المناجم يمكن أن تدخل في إطار الذاكرة المشتركة لشعبين (المغربي والإسباني)، والمساهمة للتصدي للذين يودون العبث لحسن الجوار الذي راعاه الجانبان من أجل حل المشاكل العالقة بدبلوماسية رزينة مراعاة للمصالح المشتركة للشعبين. ومن أجل تحقيق هذا الهدف النبيل (التقريب بين شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط خدمة للسلم العالمي) يجب العمل لإحداث متحف تاريخي بمعامل وكسان يخلد التبادل الحضاري بين الشعبين المغربي والإسباني. بلورة مشروع مخصص للتكوين والبحث العلمي : إن سلسة جبال الريف المعقدة في تكوينها الجيولوجي تستقطب باحثين على المستوى العالمي من أجل فهم تاريخ تكوين القارات وحركتها التكتونية. فهي تمثل نموذجا فريدا وميدانيا لتكوين أطر متخصصة في الجيويوجيا والجيوفيزياء والتيكتونيك. من أجل ذلك فإن إنشاء معهد عالي متخصص لتخريج مهندسين وتقنيين في مجال الجيولوجيا التطبيقية (البحرية والبرية) سيساهم في الاستجابة للخصاص الذي يعانيه المغرب في التخصص، بعدما لُوحِظ أن الطلبة هجروا التخصصات الجيولوجية في الكليات المفتوحة (كليات العلوم) لتغلب الجانب النظري عليها ولعدم تطابقها مع سوق الشغل. إن مرافئ مناجم وكسان (المعامل والورشات و....) يمكن تأهيلها من أجل استقطاب الطلبة، كما يمكن التعاون مع النواة الجامعية المتعددة التخصصات المتوفرة بإقليم الناظور، ومع مدرسة المهندسين الموجودة بالحسيمة والمتخصصة في مجال البيئة والهندسة المعمارية، ومع باقي المؤسسات الجامعية بوجدة. ولا ننسى أن في عهد الحماية كانت هناك مدرسة لتكوين تقنيين للاستجابة لحاجيات الشركة الإسبانية المستغلة لمناجم الريف ولاستقبال الطلبة الإسبان من أجل التدريب. مناجم وكسان والمجتمع المدني : إن تعبئة المجتمع المدني من أجل تحقيق مشروع تنموي هو الهدف الأساس الذي يبتغيه كل مشروع. فإذا سبقت التعبئة قبل المشروع فذلك يعد حافزا لإقناع المانحين من أجل بلورة المشروع وإنجازه. وما مبادرة الفاعلين الجمعويين لإحداث " مركز وكسان للبحث والتنمية وإعادة تهيئة مناجم الحديد" إلا نموذج لما تزخر بها المنطقة من ديناميكية مطالبة بإعادة الاعتبار لمناجم وكسان. [email protected] / [email protected]